يسقط يسقط حكم العسكر..!!

اذكر جيدا ما كان المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير يهتفون به ليلا نهارا بكلمات تنطلق من قلوبهم قبل حناجرهم صارخين أن “يسقط يسقط حكم العسكر”..

وربما كان البعض وقتها يردد تلك الهتافات وهو لا يدري تماما ما تعني من تمني سقوط حكم هؤلاء العسكريون ولماذا، وربما كان عمر بعض الهاتفين لا يسمح بمعرفة تاريخ الحكام العسكريون وما فعلوه بالدول العربية عامة وبمصر خاصة منذ ثورة يوليو 52، وكم الإختلاف الهائل بين مصر قبل ذلك الإنقلاب العسكري “الذي أسموه لاحقا بالثورة ليلبسوه ثوب الشرعية رغم عدم خروج ولا حتى علم الشعب بما كان يحدث” وربما ولا حتى بعده، وربما كذلك لم يكن يعرف المتظاهر في ميدان التحرير تفاصيل تلك العناوين التي قد يصادف قراءتها من كلمات مثل النكسة أو مراكز القوى ومخابرات صلاح نصر وحرب اليمن وغيرها من أحداث غيرت ودمرت وأخرت كثيرا ذلك البلد الذي كان يوما في صدارة الدول ودائنا لأكبر امبراطوريات العالم وحلما لكل شاب أوروبي أن يعمل فيه ويرتزق منه وجاذبا لكبريات الشركات والمؤسسات العالمية وفخرا لكل من يحمل جواز سفر عليه كلمات منقوشة بالذهب بإسم “المملكة المصرية”، ليتحول بقدرة قادر على يد الحكام الجدد من قادة الإنقلاب العسكري الى معمل تجارب لخبراتهم المحدودة وكفاءاتهم الوليدة وثقافتهم المعدومة، وليتكرر سقوطهم في اختبار تلو الآخر ويتكرر معه سقوط مصر من حال لأسوأ ومن درجة لأقل ومن وضع عالِ لأسفل، مع ما يصاحب ذلك من إصابة بمرض الإنكار لحالات الفشل المتوالي في كل المجالات وعلاج ذلك الداء بتسخير وسائل الإعلام لقول غير الحق وللصعود بالمسئولين في ذلك العهد وما يليه الى درجات أشباه الآلهة الذين أصبحوا يحكمون شبه دولة، فلم يعد هناك ما يمكن تحديده أو تمييزه أو وصفه بمصر كما كان من قبل، فكل شيء أصبح شبه شيء، ففي شبه دولة يتولى شبه مسئولين يديرون شبه مصانع ومزارع ليست بالفعل كذلك، الى شبه تعليم يخرج لنا شبه متعلمين، يعملون في شبه أعمال لا تخرج لنا منتجات حقيقية لتمثل في النهاية شبه صادرات لا تعني ولا تغني عن إستيراد كل المنتجات “الحقيقية”، وحتى الفن بعدما كنا رواده وصانعيه ويتلهف جميع من حولنا ليتلقف كل جديد لمبدعينا ويتخذونا مثالا يحتذى، تحول الى شبه فن لأشباه فنانين وأنصاف مبدعين وأصفار موهوبين، وبالطبع لم تسلم الرياضة من ذلك الإنحدار والإنهيار الشامل، فما عدا بعض الفلتات والإستثناءات اصبحت الساحة مليئة بأشباه الرياضيين الذين هم بالتالي ضحايا لأشباه الإداريين والقائمين على رعاية الرياضة واللاعبين، ولم يتوقف الحال عند ذلك الحد من التداعي والسقوط الرأسي السريع، بل أظهر ذلك الفشل في كل المجالات أسوأ ما في نفوس وقلوب وعقول الناس، فتدهورت الثقافة الشعبية سريعا مع غياب المثقفين الحقيقيين والموهوبين الذين لا يبدعون في التطبيل ولحس البيادات ولا يؤمنون إلا بالفكر الحر وبمواهبهم ويتمسكون بأرواحهم المبدعة المتقدة الباحثة عما يناسبها من أجواء يمكنها فيها النماء وإثراء المجالات الإبداعية ثقافية كانت أم رياضية أو فنية أو حتى إقتصادية، فهم يتقنون التفكير والإبداع والخلق والإبتكار، بينما يعيشون في واقع وزمان ومكان لا يفلح فيه إلا أصحاب اللسان لا العقول، ومبدعي النفاق لا الأفكار، وموهوبي التسلق والتملق لا الإبداع والإبتكار والإختراع، ومسئولين أدمنوا سماع كلمات الزيف والإطراء دون سبب ولا مناسبة وأشاعوا مباديء غير معلنة أو مكتوبة لكنها معلومة بالضرورة لكل ماسح جوخ ونصف موهوب ومتسلق على أكتاف الغير وسارق للحظوظ والجهود، وبالتالي أصبح النجاح حليف من يملك صوتا أعلى وظهرا أحنى ونفسا أدنى وقلبا أقسى ولسانا أزيف وضميرا أموت وعقلا أهيف ودينا ذو تفسير أحرف (أكثر إنحرافا وتحريفا) يبيح ويحلل له كل حرام، وأصبح المثل الأعلى للجميع هو ميكافيللي ومبادئة القذرة كمقولته الشهيرة أن “الغاية تبرر الوسيلة”، وفي هذا فليتنافس المتنافسون، وأصبح القابض على الحق والدين والصح واليقين هو السفيه والمجنون، وتاه الجميع مابين تقليد الأعاجم والغرب في مساوئه فقط دون الأخذ بمحاسنه وأسباب تفوقه وتقدمه وبين تقاليد عريقة لأقدم وأرقى حضارة قامت على أسس ومباديء سبقت الجميع وبين شريعة إلهية إرتضاها وفرضها الخالق العليم لعباده وأوجب عليهم الإلتزام بها إذا ما أرادوا الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة وبين ما ارتضاه فلاسفة الحداثة والعولمة والعلمانية والتجديد والزموا الأفراد والدول بالإلتزام بها لينالوا رضاء ومباركة حكام قصور وندسور والشانزليزيه والبيت الأبيض وتل ابيب، فخرج لنا في النهاية مسوخ مشوهة لا معنى ولا شكل محدد لها، وأصبحت وأصبحنا أضحوكة والعوبة وملهاة كل تافه وسفيه وطامع وحاقد وغازي وناهب لثروات ومقدرات الشعوب، وما كان كل هؤلاء ليقدروا أن يفعلوا أو يصصلوا لما يريدون لولا أن وجدوا مساعدة من أبناء جلدتنا وساكني بلداننا وحاملي جنسيتنا واسماءنا وأنسابنا من كل جائع وطماع وبائع لدينه وعرضه ووطنه بثمن وضيع ورخيص، ويوما وراء آخر وزمنا يلي زمانا استقر بنا الحال الى هذا القاع الذي نعيشه ونراه ونتخبط فيه جميعا ونحن مازلنا نمارس ونتمسك بالشيء الوحيد الذي نجحنا وابدعنا فيه وهو مرض الإنكار والكذب على أنفسنا وإدعاء حسن وجمال حالنا واستحالة إمكان أحسن مما كان، فبعنا الوهم لنفسنا ولأولادنا وضيعنا زماننا ومستقبل من بعدنا بسبب خوفنا من مواجهة أنفسنا وخنق وكتم كل صوت وقلم يحاول تنبيهنا وإفاقتنا وتصحيح وضعنا وتقويم طريقنا.

لكن هل حدث هذا فقط بمصر؟ أم أن هناك أشباه لنا ورفقاء في دربنا ومن سبقونا أو جاءوا خلفنا؟
بالطبع يمكن القول بتكرار ذلك الحال بشكل أو بآخر في بلدان أخرى وبدرجات متفاوتة وبفروق طفيفة أو واضحة، فيبدو أن هناك دول شقيقة تستقي مبادئها ومخططاتها لمستقبلها ووعي شعوبها من نفس الكتالوج وتتبع نفس كاتب السيناريو والمخرج والمنتج بل وبنفس الشخوص والشخصيات، فتشابه الأمر بين مصر وليبيا وسوريا والعراق والسودان واليمن والجزائر ولبنان بل وحتى إيران.

والصادم في الأمر بل والمبرهن على ما بدأ به المقال، هو أن الغالبية العظمى من تلك الدول كان يحكمها منذ عشرات السنين وحتى وقت قريب جدا حكام عسكريون أو شبه عسكريون، فكان هناك حكم عسكري صريح لأشخاص يحملون رتبا عسكرية خدمتهم الأقدار والإنقلابات ليصلوا الى سدة الحكم بوضوح في فترة الخمسينات والستينات وما يليها في كل من مصر وسوريا والسودان والعراق واليمن والجزائر وليبيا وغيرهم، ومنهم من استمر الحكم العسكري الى اليوم ومنهم من تحول الى الحكم المدني الديمقراطي ثم قام على حاكمه انقلاب عسكري، لكن في النهاية فإن كلهم يرزحون تحت وطأة حكام لم يتقدموا ببلدانهم خطوة الى الأمام بل وأثقلوا كاهل بلدانهم بالديون الخارجية والداخلية أو منحوا ثرواتها للدول الغربية والشركات العابرة للقارات ذات السلطة والنفوذ كمراكز حديثة للقوى والإستعمار الإقتصادي المقٌنع.

ومن هنا وإذا وعينا هذه الأمور وقرأنا التاريخ جيدا، سيمكننا أن نهتف – عن دراية وإقتناع- أن يسقط يسقط حكم العسكر، فسواء في البلدان العربية السابق ذكرها أو في جمهوريات أمريكا الجنوبية كالأرجنتين وشيلي والبرازيل وكوبا وغيرهم الكثير أو حتى في جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق وكثير من الدول الأسيوية -مع استثناءات نادرة لا تكاد تذكر- لم يأت الحكم العسكري في هذه الدول بما يمكن إعتباره نقاط مضيئة أو مزايا وعلامات بارزة ونهضة وصعود من أي نوع، بل العكس هو الحادث دائما أبدا.

ولا أقول هنا أن المشكله تكمن في الحكام والشخوص المنتمين الى البذلات العسكرية بحد ذاتها، فربما يكون منهم رجالا لهم وطنية وانتماء شديد القوى وحب جارف لأوطانهم، لكن المشكلة تكمن في طريقة تربية ونشأة هؤلاء العسكريون وطريقة تفكيرهم وعملهم وعاداتهم، فمن المعروف دائما أن الطلبة وحديثي التخرج والرتب الصغيرة من العاملين في السلك العسكري يعتادون منذ بداية حياتهم على تلقي الأوامر وتنفيذها دون تفكير أو أي مساحة للإبداع أو إعمال العقل والحرية في الإختيار، وربما في أحسن الأحوال وأكثرها مرونة في التعامل أن يقال لهم “نفذ الأمر ثم ناقش بعد ذلك”, فينشأ الفتى ثم الرجل منهم وهو لم يعتاد على حرية التفكير والإبداع والتفضيل بين الإختيارات المتاحة بل والمجيء بخيار آخر جديدا وربما ليس مطروحا من نتائج فكره الحر وعقله الراشد، وبالتالي يتعامل هذا الفرد مع من يليه في الدرجة بنفس الطريقة من التعالي في إصدار الأوامر وتوقع تنفيذها كما أصدرها دون أن يقوم متلقي الأمر بأي إجتهاد أو تطوير أو إبداع، بل وربما يغضب بشدة اذا وجد ذلك ممن يليه رتبة ومقاما، ومع مرور السنوات وبحكم العادة والتكرار يصبح هذا النمط من التفكير هو السائد والمعتاد، وأي نمط آخر من الفكر الحر والإختيار والإبداع والتطوير هو شيء ممجوج ومستهجن وغير مرغوب أبدا بل ويقابل بصرامة وبعنف وعقاب يوقع على صاحب محاولة إعمال العقل والتطوير، وهذا أمر لا يمكن تغييره إذ يصبح مع مرور السنين والتعود هو أمر من سمات الشخصية وتركيبتها لا يمكن تغييره، وبالتالي في حالة خكم أيا من البلدان التي تتطلب مشاكلها كم كبير من المرونة والفكر الحر وإيجاد حلول غير نمطية وأفكار إبداعية خلاقة وخيال حر بناء، فيصطدم ذلك الحاكم العسكري بتلك المتطلبات والإحتياجات التي لم يعتد عليها طوال حياته ومسيرته العملية وحتى الدراسية، فيحدث الفشل تلو الآخر في حل مشاكل البلدان المستعصية وتنحدر الأمور من سيء لأسوأ ويتم مقابلة أي محاولة للإعتراض أو الخروج عن الخط المرسوم بكل عنف وعصبية، فتكثر الإعتقالات والقضايا والإتهامات لأناس أبرياء كل ذنبهم أنهم حاولوا التفكير خارج الصندوق فتم وضعهم داخل صندوق اسمنتي في سجن من السجون لتخليصه من هذه العادة القميئة من التفكير الحر والإبداع.. لهذا ولأكثر من هذا هتف المتظاهرون في كل الميادين قبل ميدان التحرير وسيهتفون بعده أن يسقط يسقط حكم العسكر.

 

التلميذ البليد “ميكافيللي”

عجيب هو أمر الشعب المصري، يخلق من خياله آلهة وأصناما ويتصور استحالة تحطيمها،
وينسج من افكاره أثوابا ويستصعب تمزيقها، ثم يملأ دنياه عويلا وشكوی من ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه علی الحكام .
فرغم تقديمه الوف الشهداء والمصابين في ثورة وقف العالم كله احتراما وتقديرا لها، إلا انه سرعان ما انقلب علی عقبيه ليعلن تنصله من ثورته ويتبرأ من صحوته، ويعلن الثورة علي الثورة وانه لم يكن يقصدها وإنما هم اولئك ‘العيال الممولون الخائنون’ للوطن ومبادئه، ويصرخ صرخة رجل واحد مطالبا بعودة حكم الرجل الواحد الاحد الذي لا شريك له في الملك واليه يرجع الأمر كله من قبل ومن بعد، ويرجو رحمته ويحمد عبقريته ويحلم بنظرة عطفه ونوال بركته…، وكما وقف العالم من قبل احتراما وتقديرا وتشجيعا لثورة شعب قرر انتزاع حريته وكرامته، سقط العالم علی ظهره ضحكا وسخرية واستهانة بهذا الشعب الفريد الذي جائته مطالبه وحقوقه ودفع ثمنها من دماؤه فرفضها ورفسها وامتلأ شماتة في شبابه الثائرين الخائنين لمبادئ العبودية والتواكل والخارجين علی القانون الغير مكتوب والمتوارث لآلاف السنين والذي تنص مادتهالأولی علی عبادة الحاكم وتقديسه، والتوعد بالجحيم لمن يرتكب إثم تخيل بديل صالح أو مصلح لما افسده سابقوه، ومادته الثانية علی الرضی من الحياة بمذلة العيش جريا وراء أكل العيش.
ويزداد الأمر تطرفا عندما خدمت الظروف الشعب بوضع دستور يلزم الحاكم بأربع سنوات تجدد مرة واحدة، وفي ذلك تقليد فاضح للدستور الأمريكي، وكأن هذا كافي لاستجلاب الديمقراطية الامريكية، ورغم ذلك خرجت بعض الاصوات لتنهق مطالبة مرة بزيادة المدة، وأخری بعدم تحديد مرات التجديد، وأفكار اخری ترسم صورا تزيد من تلك الكوميديا السوداء مأساوية، وكأنه مزاد للرهان علی قدرة المصري علی العودة لبياته الأبدي وسباته السرمدي الممتد لآلاف السنين، وإزداد المزاد اشتعالا للمراهنة علی استحالة انتفاضة المصري مرة ثانية ليدافع ويطالب بحقوقه التي سبق وتنصل منها وتنازل عنها، وأن لقمة العيش عند المصري أقدس وأرفع شأنا من تلك الأشياء المسماة حريته وحقوقه وكرامته الی آخر الكلمات الجوفاء التي لطالما سمع عنها ولم يلمسها او يراها حتی ظنها من الخيالات كالغول والعنقاء والمستحيلات كالعدل والمساواة وحقوق الانسان والضمير والتحضر وحرية التعبير.
ومنذعرف العرب فكرة الحرب المعنوية وتوجيه الرأي العام وقيادة الشعوب وكيفية إبقائها تحت السيطرة لضمان وضع ايدي الحكام في جيوبها واستخراج واستحلاب ثرواتها وارزاقها، وكل تلك الامور التي تمت ممارستها عشوائيا وغريزيا الی ان جاء الداهية المفكر الايطالي الملعون “ميكافيللي”، فصاغها واضحة مرتبة وبين قواعدها وشروطها في كتب أشهرها كتاب ‘الأمير’، وبعدما ترجمت للعربية تلقفتها أنظمة الحكم الدكتاتورية بكل اشكالها، وكلها موجودة في وطننا من المحيط للخليج، وبالطبع ابدع المصريون وتفننوا فيها واحترفوها، واصبحت كتالوجا لضمان بقاء الحاكم وسيطرته علي عقول ومصائر شعبه بل وارزاقهم.
حتی غدا ميكافيللي نفسه تلميذا بليدا وشيطانا كسيحا وشريرا علی المعاش.مخخ
وحتي عند حدوث خلل في المنظومة وخروج علی النص كما حدث في 25 يناير، سرعان ما عاودت اجهزة الحكم بأركانها الفكرية والأمنية نشاطها بعدما تراخت قبضتها علی رقاب الشعب نتيجة طول بقاء مبارك وضمان سير الأمور بشكل ديناميكي، فسارعت الاجهزة باستخراج وتشغيل نفس الاسطوانات المهترئة القديمة مثل عدم وجود أي بديل يصلح للحاكم الحالي، واسطوانة الرعب الخاصة بالارهاب والاخوان وأغاني الاستقرار، وحاولت تلك الاجهزة اضافة بعض التجديد لتجنب الملل فألفت أنشودة “الصب في مصلحة المواطن”، ولما قوبلت بالسخرية والتكذيب عاودت تشغيل السي دي الخاص بالإنجازات – وهي الاضافة الوحيدة للرئيس مرسي- مع اضافة بعض التشويق و الإثارة مثل العاصمة الجديدة والقناة الجديدة وملايين الأفدنة الجديدة وان من سيحصد ثمار المشاريع العملاقة هي الاجيال الجديدة، ويستمر تعليق جزرة جديدة يوميا ومش هتقدر تغمض عينيك، ومن تظهر علی ملامحه إمارات الإعتراض او عدم التصديق فالعصا غالبا ما تنجح فيما فشلت فيه الجزرة.

المصريين يواجهون فشلهم بأوهام دولتهم العظمى !

علي الشرنوبي يكتب:

عندما تكون الشعوب في حالة من الإحباط والفشل، وتجد أنفسها في نفق مظلم لا تستطيع الخروج منه بينما ترى الآخرين من حولها يسيرون في النور ويحذوهم الأمل في غد أفضل، وعندما يضع الناس رهانهم على شخص ما أو جماعة ثم يكتشفون خطأ اختياراتهم وعدم قدرة من اختاروه على تحقيق طموحاتهم (البسيطة والمحدودة) أو وضع أقدامهم على الطريق الصحيح، ويصبح الجميع غاضبا وناقما على ذلك الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه بعدما كانوا يحلمون بكل ما هو معاكس ومغاير، فساعتها تتكون في العقل الباطن الجمعي لذلك الشعب أو تلك المجموعة من الناس عدة احتمالات، منها ما قد يؤدي بهم إلى اتخاذ خطوات معينة – غالبا عشوائية وأحيانا عنيفة- لتغيير تلك الأوضاع، ومنها أن يبدأ الناس في العيش في الخيالات وأحلام اليقظة التي تخرج بهم من تلك الحالة السيئة، سواء عن قصد أو عن غفلة، وسواء طالت فترة تلك التخيلات أم قصرت حسب ما تقوم به السلطات الحاكمة من تغذية لتلك الحالة الشعبية العامة عن طريق وسائل الإعلام وغسيل العقول وقواعد علم النفس الجماعي الذي غالبا ما تديره أجهزة الدولة السيادية لإبقاء الأوضاع تحت السيطرة وتدجين الشعوب أو تغييبها عن واقعها السقيم، ولضمان بقاء السلطة الحاكمة في مواقعها ودوران عجلة مصالحها الضيقة المتشابكة، مع عدم اتخاذ تلك السلطة أي خطوات جدية وفعلية لتغيير تلك الأوضاع التي تسببت هي نفسها فيها بسبب سوء الإدارة وغياب الإرادة وضيق الأفق وفقدان البوصلة والبصيرة.

وبالنظر إلى الأيام القليلة الماضية، نجد مثالا صارخا – وساخرا- لتلك الحالة التي تتجلى بوضوح في مصر الآن، وذلك مع ما خرجت علينا به وسائل الإعلام من الترويج لفكرة ان مصر ستصبح واحدة من “القوى العظمى” عالميا في فترة لا تتعدى الثلاث سنوات، وأن المصريون قادمون أيها العالم فليتخذ الكل حذره وليفسح الطريق أمام هذه القوة الصاعدة الى مصاف الأمم الراقية بقوة الدفع الصاروخي، وأن الحكومة الجاثمة على صدور الشعب ستحقق المعجزات التي فشلت كل الحكومات السابقة والمشابهة – بل والأفضل منها- في تحقيقه، مع وضع بعض الأمارات والعلامات الوهمية واللاواقعية كمسببات لهذه النهضة الغير متوقعة والتي ظهرت فجأة وفاجئت العالم أجمع بما فيه الشعب المصري نفسه الذي يئن تحت وطأة الحالة الاقتصادية الكارثية ويدفع فواتير الفشل المتكرر والمتلاحق لحكومات متعاقبة منها هذه الحكومة ذات نفسها التي تعده باستحضار العظمة والرخاء والأمجاد التي لم يعيشها الشعب منذ آلاف السنين.

وبغض النظر عن علم الغالبية العظمى أن تلك الأقاويل لا تزيد عن كونها واحدة من عشرات الشائعات التي يروج لها النظام وأذرعه الإعلامية، وأنها تماما كجرعات من المخدرات لتغييب الشعب عن واقعه اليائس، وأنها كلمات جوفاء تثير الضحك الذي هو كالبكاء مثل شر البلية، إلا أن هذه المرة لم يكن الداخل المصري فقط هو من يضحك على هذه الترهات، بل وصلت أصوات الضحكات إلى الخارج والمجتمع الدولي الذي ما أن سمع بتلك النكتة السخيفة حتى انفجر هو الآخر من الضحك – دون بكاء لعدم أهمية الأمر أو لسذاجة تلك الحكايات، ووصل الأمر إلى أن أصبح هناك نقاش دائر بالفعل بين مواطني الدول الخارجية عن مدى وجود نسبة ضئيلة من الجدية في تلك الأفكار التي يروجها الإعلام المصري الموالي للسلطات، لنكتشف أنه ما من قول أو فعل يحدث في الداخل إلا ولدية رقيب عتيد، وأن صدى الصوت الذي يطلقه أحدهم في مصر يتردد بقوة ويسمعه الجميع من حولنا بل ويهتم بمناقشته وتفنيده والرد عليه، خاصة إذا كان ذلك النقاش صادر عن أشخاص عاشوا بالفعل في مصر لبعض الوقت أو على دراية معينة بالواقع والداخل المصري بحكم أعمالهم أو علاقاتهم أو زياراتهم لدول عديدة من ضمنها – لسوء الحظ- مصر المحروسة.

وفيما يلي سنتعرف على بعض ردود الأفعال لمواطنين من الغرب ممن أثارتهم تلك التصريحات الحكومية والإعلامية المصرية سواء لغرابتها أو لعدم توقعها ولعدم وجود أي دلالة وإمارة في الواقع تقول باحتمالية حدوث ذلك فعلا سواء على المدى القريب المنظور أو حتى على المدى البعيد، وذلك انطلاقا من المنطق المعروف بأن المقدمات تؤدي للنتائج بالضرورة.

وقد طرح موقع qoura الشهير سؤالا عن هذا الموضوع بعنوان “هل يمكن أن تصبح مصر دولة عظمى؟”
وقد أجاب عدد من القراء على ذلك السؤال من وجهات نظر متعددة، نذكر منها بعض الأمثلة التي تحتوي على معلومات صحيحة أو معرفة جيدة لأصحابها بالواقع المصري أتت من زيارة البعض لمصر أو متابعتها عن قرب لسبب أو لآخر…

ونبدأ مع “دان هوليداي”، وهو كاتب أمريكي ارتحل كثيرا في دول شمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية…

ويرى “دان” – باختصار شديد – أن مصر تفتقر إلى الأشياء اللازمة لتصبح لها القوة المطلوبة لتصبح دولة عظمى مثل:

القدرات العلمية والتكنولوجية المطلوبة لتحقيق نهضة حقيقية تعتمد على الإنتاج الصناعي والزراعي لمنتجات ذات قدرة تنافسية في السوق الدولية، كما تفتقر مصر الى القوة المالية التي تضمن حدوث ذلك.
كما يرى ” دان” أن مصر حاليا ليس لديها النفوذ الثقافي الخاص بها والذي من خلاله تستطيع التأثير في شعوب الدول الأخرى وأن تحجز مقعد لها في قائمة الدول الهامة والمؤثرة في محيطها القريب – العربي والأفريقي- أو الدولي على حد سواء.

ويضع “دان” يده على نقطة في غاية الأهمية، وهي أن لا الشعب ولا الحكومات المصرية الأخيرة لديها أي منطق خاص أو فلسفة معينة أو لديهم القدرة على طرح أي بديل عن النظام الغربي السائد والمتعارف عليه سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا…

لذلك يتوصل “دان” إلى النتيجة النهائية وهي أن مصر ليست حاليا ولا تملك أي احتمال في المستقبل أن تكون قوة عظمى. فالمجتمع المصري الحالي فاسد للغاية، شبه منهار سياسيا، واقتصادها سيئ للغاية، وليس لديها القدرات الصناعية أو الزراعية ولا حتى العسكرية لتتمكن من تقديم نفسها بشكل جديد ومغاير للقوى الأخرى سواء الإقليمية أو العالمية.

أما “جيري ماستير” فله وجهة نظر تختلف عن سابقة، فيبدأ حديثة بملاحظته أن معظم الحديث يركز على “الجانب العسكري من القوة، بينما هناك جوانب أخرى ربما أكثر أهمية يمكن أن تجعل مصر “قوة عظمى” إذا ما تم العمل عليها، مثل أن تقدر الحكومة قيمة العلم والتعليم، وأن أفضل ميزة تتمتع بها مصر ويمكنها تحقيق الازدهار الاقتصادي من خلالها هو أن تدرك مصر فعليا أن مواردها تتيح لها التقدم إذا تم استغلالها بصورة صحيحة بدلا من إهدارها بسياسات حكومية واقتصادية فاشلة، خاصة أن موقعها الجغرافي يضعها في منتصف ما يسمى بـ”حزام الطاقة الشمسية”، أي أنها تتمتع بوجود مساحات شاسعة يمكن استغلالها في نشر مولدات الطاقة الشمسية التي يمكن أن تولد كميات هائلة من الكهرباء وبيعها إلى جيرانها الأقل حظا في الحصول على تلك الطاقة المتجددة والرخيصة.

فمن المعروف تماما أن أشياء مثل النفط والفحم قد تكون هي موارد الطاقة الأساسية حاليا، لكن هذه الموارد قابلة للنضوب في يوم ما، بينما يتحول العالم تدريجيا الى مصادر أكثر سهولة وانتشارا، كتوليد الطاقة من البلاستيك والمواد الكيميائية بدلا من الوقود التقليدي الآخذ في النضوب.

كما يمكن لمصر أن تضمن لنفسها مستقبل أفضل بأن تكون تماما مثل “سويسرا” بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط. بمعنى أن تحاول أن لا تدخل في أية حروب مع أحد لكيلا تستنزف مواردها ومكتسباتها التي وإن كانت ضعيفة نسبيا حاليا لكنها ثابتة ومستقرة.

لكن تبدو “باسكال موهر” أكثر تشاؤما – وربما واقعية-  من سابقها بقولها: لا يمكنك تغيير سنوات عديدة من الفساد العميق بهذه السهولة، ويتفق معها “إيان راسكين” في صعوبة إصلاح سنوات طويلة من الأخطاء الحكومية، لافتا النظر الى تقرير كانت صحيفة الـ”نيويوركر” قد نشرته منذ شهور قليلة بإسم “رسالة من مصر”.
وكان التقرير صادما إذ كشف أن هناك العديد من الوظائف والمهن الأساسية قد أصبحت في يد المهاجرين الصينيون الذين يعيشون في مصر، بينما يعاني نسبة كبيرة من الشباب على اختلاف تعليمهم من البطالة وعدم حصولهم على فرص عمل جيدة، كما أن حكومات مصر المتعاقبة لا تحاول أن تستفيد من القوة البشرية الكبيرة المتواجدة بها، مع انخفاض نسبة القوى العاملة النسائية بشكل ملحوظ، مما يؤدي بالتأكيد إلى حرمان البلاد من المواهب ومن إنشاء وتطوير الصناعات المختلفة.

وعلى الجانب الآخر يبدو “أشكان دوجيرتي” أكثر علما ومتابعة لتفاصيل الشأن المصري، إذ يقول أن عدد سكان مصر يقترب من 100 مليون نسمة،  وأن نفوذ مصر في العالم العربي وأفريقيا كبير بالفعل، والتطورات السياسية والاقتصادية في مصر لها تأثير كبير على التطورات في البلدان العربية المجاورة. كما أن قناة السويس و موقع مصر الاستراتيجي في حوض البحر المتوسط يعطيها فرصة جيدة للقيام بدور أكثر نشاطا وأهمية في المجالات الأمنية والاقتصادية بالمنطقة، وبالنظر لتراثها الحضاري فيمكن لمصر تقديم بديل مقبول للعالم الذي يتجه تدريجيا إلى المواجهة المباشرة بين الإسلام والغرب أو بين الشرق والغرب، كما يمكن لرأس المال البشري في مصر أن يستلهم جذوره الحضارية الثمينة ويقدم قيمة فكرية هامة للغاية في العالم، وهو أمر واضح بالفعل من كمية المهنيين البارزين الذين تقدمهم مصر للعالم في كثير من النواحي، وهو أمر يبشر بأن مصر يمكنها أن تكون ذات ثقل إقليمي كبير ومؤثر للغاية اذا ما تم استغلال الطاقة البشرية والإرث الحضاري الكبيرين بشكل صحيح.

ويقدم “مارتن كريمر” وجهة نظر مختلفة قليلا، إذ يقول أن معني القوة العظمى صراحة، هو أن تكون الدولة قادرة على إبراز وإنتاج القوة العسكرية على مستوى العالم. وفي هذه الحالة فإن مصر (وفي الواقع أي بلد آخر باستثناء الولايات المتحدة)، هي بعيدة كل البعد عن ذلك المفهوم، وربما تكون الصين منافسا في مرحلة ما، لكن بخلاف ذلك لا يرى “كريمر” أي احتمال لظهور قوى عظمى محتملة في المستقبل المنظور، موضحا أن الوزن الثقيل الإقليمي لدولة ما لا يساوي كونها قوة عظمى، والدليل على ذلك أن مصر ورغم ثقلها الإقليمي على مستوى الدول العربية، إلا أنها ليس لها أي تأثير على المستوى الإفريقي، بل أن هناك دول افريقية كثيرة تقدمت على مصر وأصبحت أكثر تقدما وتأثيرا في محيطها.

 

علي الشرنوبي يكتب: تحلمون بعودة السائحين؟… عليكم بتغيير المصريين!

مؤخرا، فقدت مصر مصدرا هاما للدخل القومي، بعد فقدان السياحة وهروب السائحين، وإحجام الدول ورعاياها عن مصر ومطاراتها ومدنها السياحية، ووضعها على قوائم البلدان الأقل أمانا والأكثر خطرا على السائحين.

 وبالطبع تعالى البكاء والعويل على إقتصادنا – المنهار أساسا- ووقوعنا كضحية بين مطرقة الإرهاب وسندان الدول الغنية التي لا ترحم الفقراء أمثالنا، وتتحين الفرصة لتوجيه الضربة القاضية لإقتصادنا المترنح ولفرض سلطانها وإذلالنا و لي أذرعنا وأعناقنا..

 وربما كان هذا الكلام به مسحة من الحقيقة.. لكن دعونا نكون صرحاء مع أنفسنا ولنترك الأحلام والأوهام جانبا، ولنضع أيدينا على الأسباب “الحقيقية” لهروب السائحين، وتناقص أعدادهم بشكل مستمر سنة بعد أخرى، بغض النظر عن الإرهاب والمحاولات الإخوانية والداعشية وتحالف قوى الشر والمؤامرات الكونية على المسيرة السياحية المصرية، لإفشال المعجزات السياحية في بلادنا.. الى آخر تلك الكلمات الخالية من معاني حقيقية، وإخفاء رؤوسنا كالنعام لنعيش في الأوهام بأن كل شيء جميل وتمام، بينما الكل – غيرنا- يرى ويعرف أن كل شيء “انكشفن وبان”.

 وأنا هنا أتحدث عن تجارب وخبرات ذاتية وواقعية، ورؤية داخلية للمشاكل والأسباب الحقيقية للخيبة السياحية القوية، سواء الدولية أو حتى المحلية..

 ويؤسفني القول أن أول وأقوى عدو للسياحة ليسوا الدواعش ولا الإخوان، ولا الغرب وإسرائيل والرأسمالية العالمية، بل هو الشعب المصري بنفس ذات نفسه ونفسيته، وأؤكد أن الأحداث الأخيرة عجلت فقط بتوقف قدوم السائحين، الذين كانوا سيتوقفون عن المجيء من أنفسهم، حتى لو كنا أكثر البلدان أمنا وأمانا وبعدا عن الإرهاب.

 إنه الشعب نفسه يا سادة، من إسلوب وتفكير وتعامل، وعدم فهم وتقدير لهذه الثروة التي منحها الله لبلاده، وكم الجهل والإستخفاف والإستظراف والفهلوة والذكاوة والطمع وقلة الوعي وإنعدام الضمير وطول اليد واللسان وقصر النظر والعشوائية وإنعدام الذوق ومبدأ الإستغلال والتعامل مع السائح بمبدأ نضرب ونجري، كما يتعامل النشال مع الموظف أول الشهر، والتعامل كأن السائح ليس كائن بشري، بل هو دولار يمشي على قدمين، ويجوز صرفه وبيعه واستغلاله وعمل أي نوع من البيزنس عليه، فهو غبي وبلا مشاعر ولا يهم حتى لو تضايق او تفاعل أو فهم أننا “نشتغله” وننصب عليه، المهم ان نعمل المصلحة ونطلع منه بالسبوبة ونقلب أمه في القرشين ونديله على قفاه وميلزمناش تاني (!).

 

 أما اذا كان العامل في السياحة أكثر حنانا ورومانسية، فيكون هدفه هو الإستيلاء على صاحبة السائح والنوم معها بأي طريقة وإعطائه درسا لا ينساه في فحولة الشاب المصري وقدرته على الإيقاع بالنساء من العازبات أو الصاحبات أو حتى زوجات السائحين، وإنطلاقا من مبدأ أنه لن يستطيع السائح أن يتكلم أو يعترض، فهو في بلدنا ووسطنا ويشعر بضعفه وقلة حيلته وهوانه على الناس، وإذا أبدى إعتراضا أو حاول الدخول في المشاكل.. هيطلع (…) أمه، عشان يحرم يعمل فيها راجل وعنده إحساس ونخوة وغيرة على حريمة، فالرجال الأجانب كلهم خوا…جات ونسائهم كلهن عاهرات ونحن رموز للرجال الفحول في هذا الكون.. وهنا تتجلى المقولة الساخرة التي تقول عن بعض العاملين في هذا المجال أنهم (من الفلاحة للسياحة).

 

 أما إذا لم يفلح هذا ولا ذاك، ولم نستطع إخراج النقود منه بمزاجه أو خطف إمرأته منه وعمل المصلحة بالذوق وبسهولة، فهنا تأتي الخطة البديلة (Plan B)، وهي تقليب السائح في أي شيء، موبايل ماشي، نظارة شمس وماله، شنطة أو جزمة أو حتى تي شيرت مفيش مانع، وفي البداية نحاول الحصول على هذه الأشياء باللجوء لأسلوب إحراجه بالطريقة، فإن لم يستجيب فهناك اسلوب التقليب، أو النصب أو السلف مع عدم الرد، أو الوعد والإتفاق على الشراء والهروب عند الدفع، المهم الوصول للهدف والغاية تبرر قذارة الوسيلة.

 

 ناهيك عن عمل فئة من الناس المسماه بـ”الخرتية”، وهي كالنباتات المتسلقة والوصولية، “تلزق” للسائح اينما تراه وبأي حجة واسباب واهية، ويتطوع ليكون مرشدا سياحيا ودليلا “بالعافية”، وبالطبع تستمر النصبات واستخراج المصالح والعيش على قفا السائح ما دامت العلاقة مستمرة، ويا حبذا لو كانت سائحة، يبقى فلوس وجنس وتباهي أمام الشباب الآخرين بجمال وحلاوة “صاحبته الجديدة”، أو كانت عائلة كاملة وهنا يجد مصادر عديدة لعمل المصلحة و”الخرتنه”، ويحدث هذا تحت سمع وبصر الشرطة بفئاتها الأمنية والسياحية عادي جدا.. ولهؤلاء الخرتية مجتمعات وتجمعات وأماكن وقهاوي وشوارع للتلاقي وتبادل الخبرات والمعلومات وآخر الإنتصارات والضحكات على سذاجة هؤلاء السياح والسائحات، الذين قادهم حظهم العثر للقدوم لهذه البلاد والوقوع في براثن هؤلاء الشباب.

 

 وبمناسبة ذكر الشرطة، فمن المناظر العجيبة أيضا أن ترى بعض العساكر والأمناء بل وأحيانا الضباط، وهم يحدقون في أجساد الفتيات السائحات وتكاد أعينهم تخترق الملابس لترى ما تحتها وترى نظرات الشهوة في أعينهم، ويتبادلون الغمزات والضحكات على هؤلاء الأجنبيات، وربما ترجم البعض تلك الأفكار والنظرات إلى التحرشات أو اللمسات، مع تأكده أنه فوق القانون وفي حمايته ولن يقدر أحد على لومه أو معاقبته، وأن السائحين أجبن وأكثر خوفا من ترجمة ما يشعرون به من مضايقات الى شكاوي رسمية وكلمات علنية، فهن جئن للإنبساط وليس للدخول في مشاكل ومهاترات يعلمن جيدا أنهن لن يأخذن حقا ولا باطل من الدخول فيها وتضييع أوقاتهن الثمينة في الأقسام وعمل المحاضر والمذكرات.

 ناهيك بالطبع عن ذكر ما يحدث للسائح عند سيره في أيا من شوارع المحروسة، من مضايقات واستظراف ونظرات وتدقيق وتفحص وتمحيص لهذا الكائن القادم من الكواكب الأخرى والفضاء الخارجي، وما يتعرض له من هزار سخيف ومحاولات للدخول معه في اي كلام من باب الإستظراف واستخفاف الدم وللضحك معه وعليه والسخرية منه واليه، ولا يفوتهم بالطبع التقاط الصور مع ذلك المخلوق الفضائي، وياحبذا لو كان من النوع الأنثوي الفتاك، الى تعامل سائقي التاكسيات ونوادل المطاعم والجرسونات، والتفرقة في الأسعار والمحاولات المستميته لإخراج أكبر قدر من جيوبه ولأي نوع من الاموال، وفي بعض الحالات –القليلة بصراحة لكنها تحدث- تتجلى العنصرية البغيضة أحيانا، ويتم التعامل معه على أنه كائن أقل بشرية وكافر ونجس ومقرف ومكانه الحتمي والطبيعي ليس هنا بل في الدرك الأسفل من النار (!).

 سائحة روسية تم اغتصابها في شرم الشيخ
((سائحة روسية تبكي بعد تعرضها للاغتصاب في شرم الشيخ!))

 هذا وأكثر مما لا حصر له، هو بعض ما يحدث على المستويات الفردية والتعاملات الشخصية، أما على المستوى الرسمي والحكومي فبالطبع تجد التمييز الشديد في الأسعار، فإذا كان المصري في أي متحف أو مزار سياحي تهيمن عليه الحكومة يدفع – مثلا- 2 جنيه للدخول بينما الأجنبي تكون تذكرته بـ 20، وهكذا في كل مكان فقط لأنه أجنبي، يعني حقيبة نقود أو بنك متحرك، واذا كان هذا هو المسلك الحكومي والرؤية الرسمية للدولة، فبالطبع نجد الشعب يسير على نفس الفلسفة في التعامل، في الأكل والملابس والمواصلات والسكن وكل شيء يدفع فيه السائح اضعافا مضاعفة، وهذا من الأمور التي تتميز بها مصر عن سائر دول الأرض جميعا، والسائح أيضا يعلم ذلك تماما ممن سبقوه بالقدوم الى مصر، فيكون من أول الأشياء التي يحاول تعلمها هي الأرقام بالعربي، ليعلم كم هي الفروق التي يدفعها وكم النصب الذي يتعرض له والتفرقة بين المواطنين الأبرار والسائحين الفُجار..!.. ويكون التطور الطبيعي للحاجه البارده، أن لا ترى وجهه مرة أخرى، وأن يذهب لبلاده لينصح أصدقاؤه ومعارفة ومن يسأله، أن يتخذ كل الحذر قبل قرار القدوم لمصر ومن الأفضل أن لا يأتي هنا أساسا، فهناك بلاد سياحية بالعشرات لا تفعل ذلك بل تفعل كل ما هو عكس ذلك.

 وكمثال، إذا ذهبت لتشرب شاي او قهوة او حتى عصير قصب مثلا في شرم الشيخ، وسألت البائع كم ثمنه، سيشير لك بالسبابة أن الثمن “واحد” جنيه، فلو دخل بجوارك أحد السائحين وسأله بكم نفس العصير، فسيشير له ايضا بإصبعة أن الثمن هو “واحد” أيضا.. لكن (يورو)!!.. أي أكثر من ثمانية جنيهات.. وهذا في أقل وأتفه الأشياء، وأترك لك معرفة إحساس السائح عند تطبيق نفس السلوك على كل المستويات.

 وإذا وجد البعض حجة للمصري الذي يعيش في الأماكن الأقل إحتكاكا بالسائحين والأكثر جهلا بالأسس والمبادئ المفترضة في البلدان السياحية، فتعالى لنرى سلوكيات الآخرين في المدن السياحية، كشرم الشيخ والغردقة ودهب وما شابه، ستجد أن الإسلوب السائد هناك هو كالتالي:

أمام كل مطعم أو كافيتريا تجد بعض الشباب الذين يلحون على السائح ويدعونه للدخول، ولك أن تتخيل عندما يكون هناك عشرون أو ثلاثون كافيتريا متجاورين، وأمام كل واحدة شاب او اثنين يستظرفون ويحاولون جذبك للداخل، وطوال الطريق تجد نفسك مطالب بأن ترد على هذا وترفض دعوة ذاك وتقف لدقيقتين أو ثلاثة للرد على كل شخص يردد نفس تلك الدعوات وبنفس الكلمات، وإذا رفضت أو لم ترد على تلك السخافات، تنهال الشتائم على رأسك تباعا، ويسخرون منك ويضحكون عليك ويتغامزون ويتلامزون ويسيئون اليك، ثم يتكرر نفس الأمر في طريق العودة، وطوال الوقت أينما ذهبت… وأترك للقاريء الحكم على شعور السائح والأفكار التي تجتاح عقله وإحساسه.

هل تعتقد أن الصورة التي انقلها لك سوداء ومتشائمة وتثير اليأس من إصلاح الحال، أو تشعر بالتحامل والمبالغة في وصف ما يحدث؟، إذن دعني اؤكد لك أن هذا مجرد عشرة بالمائة مما يحدث في الحقيقة، وأن تلك المشاهد وأكثر تحدث عبر مدن مصر كلها السياحية منها والغارقة في المحلية، ناهيك طبعا عن القذارة والزبالة المنتشرة بالشوارع وحول الفنادق والمنتجعات والتي يراها ساكني الفنادق فوق أسطح المنازل المجاورة، غير جحافل الكلاب والقطط الضالة التي ترعب السائحين وتشاركهم وجباتهم وحتى غرفهم، والكثير مما لا مجال لذكره هنا فقط لكيلا يشعر القاريء بالملل ومراعاة لوقته وحياته التي قد تضيع منها أياما إذا اسهبنا في شرح وبيان الصورة الكاملة لوضع السياحة والسائحين في بلدنا المحروسة.

وأخيرا وليس آخرا، هناك فكرة عجيبة لدى القائمين على السياحة، أنهم يستهدفون فقط السائح الغني الثري الذي يأتي خلال شركات تحدد له برنامج الرحلة وتقرر له تفاصيل حياته، وهؤلاء على الأغلب يكونون من السائحين العواجيز والغير محبين للمغامرة ولا يريدون أن يتعبوا أنفسهم بالإستكشاف، ولديهم فهم معين لمعنى السياحة والمغامرة والتجربة، لكن المصيبة أن هناك أنواع أخرى من السائحين ترفض بلدنا الإعتراف بهم أو تقديم الخدمات المناسبة لهم، وهو السائح الأقل ثراء والذي يحب أن يأتي بحقيبته على ظهره ويتعامل ويستكشف البلاد والأماكن والثقافات والعباد، هؤلاء لا تريدهم الحكومة المصرية ولا ترحب بهم وتلفظهم وتكاد لو تستطيع أن تمنع دخولهم، وأتذكر أنه وحتى فترة التسعينيات، كانت المدن السياحية الأقل سعرا مثل دهب ونويبع على سبيل المثال، كانت تكتظ بالسائحين من تلك النوعية ومن الشباب والمغامرين والمحبين للطبيعة والإستكشاف، لدرجة أنه كان من الصعوبة في كثير من شهور السنة أن تجد مكانا للمبيت أو طاولة شاغرة في مطعم أو حتى تذكرة أتوبيس، لكن ولأن وزارة السياحة وتفكير القائمين عليها تعتبر أن هذه النوعية من السائحين “معفنين” ولا يستحقون الإهتمام أو أن نقدم لهم الخدمات السياحية كغيرهم، وليس من حقهم كضيوف وسائحين أن يكونوا على قدم المساواة مع قاطني الفنادق الفاخرة ذات النجوم اللامعة، فبدأت هذه النوعية من السائحين في “الإنقراض”، ومع توجيه الإهتمام فقط للمدن الفاخرة كشرم الشيخ والغردقة، وإهمال المدن الأقل حظا كدهب ونويبع وغيرها، تخلى هؤلاء السائحون عن القدوم لبلادنا، وفضلوا الذهاب لبلدان أكثر تقديرا ومساواة وترحيبا بهم، وأقل “إحتقارا” لهم، وخلت تلك المدن من سائحيها إلا البعض القليل ممن يأتون لممارسة الغطس أو الشراع وكفى، وبالتالي أغلق الكثير من أصحاب الأماكن السياحية أعمالهم ومحلاتهم، وتحول البعض الآخر الى مراكز للغطس تتشابه كلها وتتنافس على العدد المحدود من السائحين، حتى أصبح عدد نوادي الغطس أكثر من عدد الغطاسين، وعدد الفنادق أكثر من عدد المقيمين، والعاملين المصريين أكثر من عدد السائحين، بفضل عبقرية وإنتقائية القائمين على أمور السياحة، وتحديد نوعية السائحين وحصرها في الأغنياء والعواجيز وأصحاب الحظوة والحظ، رغم أنه بقليل من التفكير سنعرف أن هؤلاء الشباب الـ”معفنين” هم أبناء وأحفاد هؤلاء الأثرياء، وأنهم سيذهبون لبلادهم وينقلون ما رأوه كله للسائحين الآخرين “المحتملين”، وأنه بناءا على ما سينقلونه من صورة إيجابية سيأتي أهلهم وأصحاب أعمالهم والأثرياء من أصدقائهم، والعكس صحيح تماما، وبتفكير أكثر، سنجد أن هذه النوعية من السائحين ربما لا تنفق الكثير في الإقامة والمظاهر الفارغة، لكنهم بالتأكيد ينفقون في أشياء أخرى كثيرة ليستفيدوا أكثر بنقودهم ويستمتعوا أكثر بأوقاتهم وممارسة أنشطتهم الأكثر بكثير من متعة التواجد في حجراتهم الفاخرة، وسنعرف أن مئات بل وآلاف الشباب وأصحاب المنشآت السياحية الصغيرة كانوا يسترزقون ويكسبون ويخلقون فرص عمل كثيرة من وراء هؤلاء السائحين “المعفنين”..!

إذن وبإختصار، ما هو الحل، وكيف الخروج من ذلك المأزق الذي وضعنا به أنفسنا ووصلنا اليه وجنيناه على أنفسنا ولم يجنُهُ علينا أحد؟

وهل يكفي أن نظل نغني ونرد على أنفسنا بأننا بلد سياحي، وأن لدينا ثلث آثار العالم، وأن مصر هي فجر التاريخ وأقدم حضارة عرفتها المجرة.. وأننا شعب مضياف وودود وأن مصر بلد الأمن والأمان.. الخ.. الخ ؟.

أولا وثانيا وعاشرا، التعليم والتثقيف للأجيال الناشئة عن أهمية السياحة وطريقة معاملة السائحين، وما يجب وما لا يجب فعله، وما نفعله ونقبله نحن لكن لا يحبه ولا يقبله الآخرين.. ناهيك عن اللغة السليمة والبدء بالأساس وهم المعلمين، ففاقد الشيء لا يعطيه، والمعلمين أنفسهم بحاجة الى تعليم، إنها يا سادة اختراعات حديثة أصبحت غريبة علينا، اسمها الثقافة والتربية والعلم والتعليم.

وكما يجب تعليم الطلبة والمعلمين، يجب أيضا إعادة تأهيل العاملين بوزارة السياحة ورؤساء المدن السياحية وأفراد وضباط شرطة السياحة، الذين نادرا ما تجد أحدهم “بيرطن” بالإنجليزي، ومحاولة جذب السائحين من الشباب والأقل حظا في الحياة من غير الأثرياء والمليونيرات والهاربين من عزرائيل ودور المسنين، ولن يتأتى ذلك إلا بتغيير الفكر والفلسفة التي يعمل بها أصحاب القرار السياحي والمحافظين، ووضع أكشاك لخدمة السائحين في الميادين العامة ومحطات المترو والأماكن السياحية، تقوم بإعطاء خرائط ومعلومات “مجانية” وأكرر “مجانية” للسائحين، والتخلي عن سياسة شفط ما في جيوب السائحين والنظر اليهم كآدميين وليسوا دولارات تسير على قدمين.

وبعد ذلك يجب وضع رقابة صارمة على أفعال العاملين في السياحة، بداية من اليونيفورم أو الزي الذي يرتدونه، مرورا بالأسعار الموحدة للأجانب مثل المصريين، والقضاء على عصابات الخرتية والفهلوة واستغلال السائحين ومطاردي الفتيات وصائدي السياح “المغفلين”، وتفعيل دور الكيانات الصغيرة مثل جمعية أصدقاء السائح وغيرها وإعطاءهم بعض السلطات أو المميزات.

تلك الخطوات المبدئية تليها خطوات أخرى لتحسين الأماكن التي تستقبل السائحين، والتخلي عن فكرة حصر السياحة في الآثار والبحار والكباريهات والقمار، فهناك أنواع سياحية أخرى كثيرة وهبنا الله إياها، فقط تحتاج إلى إعادة التعريف والإهتمام بها وإعادة اكتشافها والدعاية المحترفة والحقيقية لها، ولن يتم ذلك بذهاب بعض الفنانين المجهولين حتى في مصر لشرم الشيخ، أو عمل وقفة للقضاة وعائلاتهم على نفقة الدولة في المطار والتقاط الـ”سيلفي” مع بعضينا، أو ببث إعلان في القنوات المصرية الشديدة المحلية وتخيل أن الأجانب كلهم سيشاهدوها ويفهموها ويجروا لتحضير حقائبهم سريعا لكي يجدوا مكان حتى لو “نتشعبط” على سلالم الطيارة عشان الإعلان المصري اللي بيتكلم فيه واحد مصري باللغة المصرية على القناة المصرية قال ان مصر حلوة… بصراحة حاجه “تكسِف” أن تعرف أن إسرائيل التي لم تكن على خريطة السياحة أصلا حتى وقت قريب، لتجد أن عدد السائحين بها أكثر ممن يأتون لمصر في العام، رغم عدم وجود أي مؤهلات السياحية كالتي لدينا، لكن لديهم شيئان نفتقر اليهما ونحتاجهما بشدة.. المخ والضمير.

فإن لم تفعلوا.. ولن تفعلوا، فلا تبكوا ولا تولولوا ولا تدعوا أنكم ضحية للمخططات الأجنبية التي ينفذها عملاء مجلس إدارة العالم، وتستمتعوا بنسج ولبس نظريات المؤامرة، وأن العالم كله تكاتف لتخريب السياحة المصرية التي تمثل خطرا على كل الدول السياحية الأخرى، وأنه لولا تلك “البمبة” التي فرقعها “الواد بقلظ” في الحارة لكنا اكتسحنا وتصدرنا المراكز الأولى على المجرات الكونية وحصلنا على الجائزة قبل الأولانية في جودة ولمعة ما نقدمه من الخدمات السياحية، بسبب توجيهات وعبقرية السيد اللواء الوزير الدكتور المحافظ المسئول عن السياحة والآثار والصحاري والبحار…

والحل الثاني الأسهل.. هو أن نقوم بتغيير الشعب نفسه ونستورد شعب آخر في حاويات من الصين.

علي الشرنوبي يكتب: أسرار لم تنشر من قبل عن صفقات الأسلحة المصرية الفرنسية (عيوبها ومميزاتها وأثرها على المنطقة).

+ الصفقة المصرية الفرنسية تشمل ايضا فرقاطات وطرادات بحرية لها امكانيات كبيرة وتصنع فارقا هاما بين مصر واسرائيل.
+ فرنسا تتعهد بتسليم مصر فرقاطة “نورماندي” للمشاركة في احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة في نوفمبر القادم.
+ فشلت فرنسا في تصدير طائرات رافال للهند التي تسعى لشراء 126 طائرة لكن بعد 3 سنوات من المفاوضات لم يتم توقيع العقد!.

111

جاءت صفقة طائرات رافال الفرنسية الأخيرة بين مصر وفرنسا لتحمل مفاجأة للكثير من المواطنين أو المتخصصين الذين إعتادوا لعشرات السنوات أن تستورد مصر سلاحها من الولايات المتحدة بشكل حصري، أو من روسيا وحتى الصين أحيانا، كبديل عن الأسلحة الأمريكية حينما تتوتر العلاقات بين مصر وواشنطن، خاصة وأن تلك الصفقة جاءت بعد زيارة الرئيس الروسي الى القاهرة مباشرة، وبينما كان الجميع يتوقع أن تكون تلك الصفقة بين مصر وروسيا وأن تكون بداية لحقبة جديدة من التعاون العسكري المصري الروسي الذي توقف أو فلنقل انه قل بشكل كبير منذ حقبة السبعينات حينما بدأ الرئيس السادات يلقي بأوراقه في الملعب الأمريكي معطيا ظهره للإتحاد السوفيتي حليفه القديم والقطب الثاني الذي كان يشكل توازنا في موازين القوى العالمية.
وقد سار الرئيس الأسبق مبارك على خطى سلفه السادات في التوجه نحو هذا القطب الواحد مقدما فروض الولاء والطاعة له، ومعتمدا على السلاح الأمريكي كمصدر وحيد تقريبا لتسليح الجيش المصري طوال فترة الثلاثين عاما التي قضاها في الحكم، حتى اعتقد البعض أن لا حياة لجيش مصر دون الولايات المتحدة، ولا نجاة من تلك التبعية للدولة الأمريكية إلا بمزيد من الإنصياع لإرادة السيد القابع في البيت الأبيض وإدارته، وأن لا ملجأ من الولايات المتحدة إلا اليها… حتى جاءت ثورات الربيع العربي وتولى أمر الدولة المصرية الرئيس السيسي الذي أراد أن تتنوع مصادر تسليح الجيش المصري خاصة بعد أن شهدت العلاقات المصرية الأمريكية توترا كبيرا في أعقاب الإطاحة بالإخوان المسلمين من الحكم، بعد أن ظن القائمين على السياسة الأمريكية أن الإخوان سيحققون لهم مصالحهم وينفذون أحلامهم ومخططاتهم التي عملوا عليها لعقود طويلة، فبدأت الإدارة الأمريكية تتلاعب بورفة المعونة التي منحوا بعضها ومنعوا بعضها الآخر في محاولة للضغط على الحكومة المصرية الجديدة وترويضها، وهو ما ظهر جليا في صفقة الطائرات الأباتشي التي حاولت الحكومة الأمريكية التلاعب بها وتأجيل تسليمها الى مصر انتظارا لما ستسفر عنه التغييرات التي أطاحت بحلفائهم من الإخوان وأتت بما لا تشتهيه سفن الأمريكان.

وفي تعليقهم على صفقة الأسلحة المفاجئة التي عقدت مؤخرا بين مصر وفرنسا، كتب المحللين السياسيين “يفتاح شابير” و”يوئيل جوزانسكي” من معهد دراسات الأمن القومي الأمريكي تقريرا هاما للغاية يحاولان فيه تحليل أبعاد تلك الصفقة وتأثيرها على العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وكذلك على اسرائيل والدول العربية التي تعتبر من أصدقاء أمريكا المقربين وفي نفس الوقت من أشقاء مصر المخلصين، ويبدأ الكاتبان تقريرهما قائلين أن تلك الصفقة الكبيرة تشير بالتأكيد إلى حدوث تغيير كبير في موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة وفيما يخص العلاقات المصرية الأمريكية وكذلك الإسرائيلية بصفة خاصة، حيث أصبح من المؤكد أن اعتماد مصر التقليدي على الأسلحة والمساعدات الأمريكية يشهد تحولا تدريجيا نحو الدول والجهات الفاعلة الأخرى على الساحة العربية والدولية مثل فرنسا والإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية.
ويقول التقرير أنه ولأن إسرائيل لديها مصلحة أساسية في الاعتماد المصري على الولايات المتحدة، فإن الحد من اعتماد مصر على الولايات المتحدة هو أمر له أهمية كبيرة، كما أن هناك توجه آخر جديد لسياسة شراء الأسلحة الحالية في مصر، مع الآثار المترتبة منه على إسرائيل، وهو زيادة اعتماد مصر على دول الخليج، ففي الوقت الحاضر، نجد أن من مصلحة إسرائيل أن تتفق مصر ودول الخليج على موقف واحد مضاد لإيران والإسلام المتطرف، وفي العموم لا يتوقع التقرير حدوث نوع من الضرر لمصالح إسرائيل الأمنية بسبب تقلص اعتماد مصر على الولايات المتحدة في مسألة السلاح، لكن من المهم أيضا أن نتذكر أن هذا الاتجاه من شأنه أن يعطي مصر مجالا أكبر للحرية وللمناورة والعمل ضد المصالح الإسرائيلية إذا ما أرادت أو دفعتها الظروف.
ويشير التقرير الى أنه في17 فبراير الماضي، وخلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الفرنسي “جان إيف لودريان” إلى القاهرة، وقعت فرنسا ومصر على صفقة أسلحة كبرى تنطوي على توريد عدد 24 طائرة مقاتلة من نوع رافال، التي تحمل أسلحة متقدمة، تم التوصل أيضا إلى اتفاق بشأن شراء مصر لعدة فرقاطات (سفن حربية) متعددة الأغراض، ويقدر اجمالي الصفقة بحوالي 5.2 مليار يورو أي حوالي 5.9 مليار دولار، وهذه هي الصفقة الكبيرة الثانية بين فرنسا ومصر هذا العام، ففي يونيو الماضي، أفيد بأن مصر وقعت على أمر توريد مع الموردين الفرنسيين لعدد أربعة “طرادات مقاتلة” من نوع Gowind 2500، في صفقة مستقلة قيمتها مليار يورو.

وقد أجريت المفاوضات حول الصفقة الثانية وتمت بسرعة كبيرة، حيث بدأت خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى باريس في نوفمبر2014، وانتهت في بداية فبراير 2015. وبالإضافة إلى ذلك، تم الإتفاق على أنه سيتم تزويد مصر بتلك الأسلحة خلال وقت قصير للغاية، فبعد أن طلب المصريين تشغيل تلك السفن في أقرب وقت ممكن، وافقت فرنسا على بيعها الفرقاطة “نورماندي”، التي كانت مخصصة في الأصل للعمل في البحرية الفرنسية في أوائل عام 2015، وسوف تبحر تلك السفينة الضخمة الى مصر في يوليو من هذا العام في الإحتفال بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة المخطط له أن يتم في شهر أغسطس 2015. واستنادا إلى التقارير المنشورة، فإن الطائرات المتفق عليها سوف تصل الى مصر في عام 2018، رغم أنه ليس من المستبعد أن يتم سحب بعض تلك الطائرات المقاتلة من سلاح الجو الفرنسي نفسه من أجل الإسراع بتوريدها لمصر بحسب الصفقة المبرمة، لكن في العموم لا يوجد مزيد من التفاصيل بشأن أنظمة تسليح تلك الطائرات المقاتلة، وذلك بصرف النظر عن القول بأنهم يشكلون جزءا من عقد منفصل.
أما بالنسبة لمسألة تمويل تلك الصفقة، فيبدو أن ما لا يقل عن نصف التكلفة سيتم تغطيتها من قبل دول الخليج – السعودية والإمارات والكويت – في حين سيتم تمويل النصف الآخر عن طريق القروض التجارية، وفي حين أنه ربما يتم توفير الضمانات من قبل الحكومة الفرنسية نفسها.

ومن المعلوم أن طائرات رافال المقاتلة ذات المحركين والمتعددة الأغراض مصنعة من قبل شركة داسو، وتعمل حاليا في الخدمة الفعلية مع البحرية الفرنسية والقوات الجوية الفرنسية، وقد تم تجهيز الطائرات المصنعة في الآونة الأخيرة بالماسحات والرادارات الضوئية والإلكترونية(AESA) ، وكذلك الأشعة تحت الحمراء للبحث وأنظمة تتبع المسار IRST، وهذه الطائرة يمكن أن تحمل حمولة من الذخائر تصل إلى 9.5 طن، وتشمل الأسلحة مدفع 30 ملم ومختلف الصواريخ فرنسية الصنع، لكن أكبر عيب في تلك الطائرات هو عدم قدرتها على حمل أي شيء بإستثناء الأسلحة والذخائر الفرنسية، خاصة الصواريخ المتواجدة بالفعل في أيدي القوات الجوية المصرية والمخصصة لأسطول الطائرات F16.

أما بالنسبة للسفن أو فرقاطاتFREMM متعددة المهام، فهذه الفرقاطات هي نتيجة للمشروع الفرنسي- الإيطالي المشترك، وهي كبيرة جدا في فئتها، وتبلغ قياساتها 142 متر مع مساحات للتحميل بثقل ستة الاف طن، وعلى سبيل المقارنة، فإن قطع البحرية الإسرائيلية “ساعر 5” لديها مساحة تحميل بثقل واحد وربع طن، أي أنها تستطيع حمل طائرة هليكوبتر واحدة، وهي OTO ميلارا 76 ملم ذات البندقية السريعة الطلقات، وكذلك الصواريخ “إكسوست” المضادة للسفن، وصواريخ كروز البحرية، وصواريخ أستر 15 أرض-جو، وطوربيدات وغيرها من المعدات المضادة للغواصات، وتبلغ السرعة القصوى 27 عقدة، ومداها ستة الاف ميل بحري، وحتى الآن، تم الحصول على هذه السفن من قبل القوات البحرية من فرنسا وإيطاليا والمغرب.
ويالنسبة لمواصفات طرادات Gowind-2500، فقد صممت هذه الطرادات للبعثات والمهام الساحلية، فهي تبلغ طولها 102 متر، ولها مساحة تحميل بثقل 2500 طن، وحتى الآن، لم يتم الإتفاق على تسليم هذه السفن إلا لصالح مصر وماليزيا فقط، وسيتم تسليم أول سفينة مخصصة لمصر في عام 2017.

وبرغم حدوث احتجاجات ومظاهرات في فرنسا ضد بيع تلك الأسلحة لمصر، بسبب تجاهل مصر لحقوق الإنسان والهجمات الجوية على ليبيا، إلا أن تلك الصفقة تمثل تطور إيجابي للحكومة الفرنسية، لأنه على الرغم من بذلها قصارى جهدها، إلا أن فرنسا قد فشلت حتى الآن في تصدير طائرات رافال، رغم أن تلك الطائرة هي الخيار الأفضل بالنسبة للهند التي تسعى لشراء 126 طائرة، إلا أنه وبعد ثلاث سنوات من المفاوضات بين الجانبين حتى الآن لم يتم توقيع العقد، وهكذا، فإن عقدا كهذا مع مصر سوف يوفر لفرنسا موطئ قدم آخر في الشرق الأوسط، وفرصة لتوسيع سوق السلاح الخاص بها، مع التطلع إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر كعملاء محتملين. وتجدر الإشارة إلى أن كلا من الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند والرئيس السابق نيكولا ساركوزي حريصين بشدة على استمرار النفوذ الفرنسي كأولوية في المنطقة العربية، وذلك عن طريق عقد صفقات أمنية وعسكرية واسعة النطاق، وتعتبر القاعدة البحرية والجوية الفرنسية في أبوظبي، التي تعمل منذ عام 2009، هي انعكاسا لتلك السياسة.

أما بالنسبة لمصر، فأن أهمية صفقات السلاح تعتبر سياسية في المقام الأول، فقد كانت مصر عميل وحليف للولايات المتحدة منذ اتفاقية كامب ديفيد، وكانت تتلقى نحو 1.3 مليار دولار سنويا في شكل مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، وفي السنوات الثلاثين الماضية، تم شراء كل أنظمة الأسلحة المصرية تقريبا من الولايات المتحدة، ومع ذلك، فبعد اندلاع الثورة في مصر في 2011، وخاصة بعد أن دعت الإدارة الأمريكية إلى استقالة الرئيس حسني مبارك، حدث تقويض في ثقة مصر في الولايات المتحدة كحليف، خاصة بعد تجميد جزء من حزمة المساعدات الأمريكية ردا على الإطاحة بحكومة محمد مرسي والإخوان في يوليو 2013، مما أدى الى فقدان القيادة المصرية ثقتها في الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، بدأت القيادة المصرية البحث عن موردين أسلحة جدد، وكان المرشحين الطبيعيين هما روسيا وفرنسا، حيث أن الجيش المصري لا يزال يستخدم عدد كبير من الأسلحة السوفيتية التي عفا عليها الزمن، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، كما أن لديه إمدادات فرنسية، وإن كانت بأعداد أقل، بما في ذلك طائرات ميراج 2000 وصواريخ ميلان المضادة للدبابات، وقد ذكرت التقارير الأخيرة أن هناك محادثات بين مصر وروسيا بشأن صفقات أسلحة بمعدل 2-4 مليار دولار، والتي تشمل نظام الدفاع الجوي S-300V، وهي صفقة قد يتم الانتهاء منها قريبا.

ومع ذلك، لا يبدو أن مصر تستطيع أو حتى ترغب في التنازل عن علاقتها مع الولايات المتحدة، فمعظم معداتها العسكرية تأتي من الولايات المتحدة، كما أن مصر لا تزال بحاجة إلى كل المساعدات التي يمكن أن تحصل عليها، وعلاوة على ذلك، فإن الصفقات الأخيرة مع فرنسا تشير إلى عزم النظام المصري تعزيز قدرات قواته المسلحة على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهه، وفي النهاية، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة هي البلد الوحيد القادر على تزويد مصر بالمساعدات التي يتم تلقيها حتى الآن، ولذلك، فيبدو أن الصفقة مع فرنسا فضلا عن المحادثات المطولة مع روسيا حول المساعدات العسكرية تهدف بشكل أولي إلى نقل رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن مصر لا تعتمد عليها وحدها بشكل حصري.

ورغم أن إدخال الطائرات المقاتلة “رافال” في خدمة سلاح الجو المصري سوف يساهم في توفير طائرات لمصر أكثر تقدما من الـF16C / D الموجودة بالفعل في حوزتها، لكن من ناحية أخرى نجد أن عدد الطائرات الفرنسية تلك قليل نسبيا مقارنة بالمائتي طائرة F16s العاملة في القوات الجوية المصرية، كما أن الاعتماد على التسليح الفرنسي سوف يحد من مزايا هذه الصفقة. ومن جهة أخرى نجد أن إدخال الفرقاطة FREMM وGowind 2500 كورفيت في الخدمة (بالتأكيد ليس قبل عام 2020) قد يمثل ترقية كبيرة للبحرية المصرية، التي تعتمد حاليا على فرقاطات FFG7 وفرقاطات نوكس، وجميعهم من صنع وتوريد البحرية الامريكية، ومع ذلك، فإن تلك الأعداد القليلة من الفرقاطات والطرادات الفرنسية لن يؤدي إلى تحسن كبير أو ملحوظ في قدرات القوات البحرية المصرية.

وعلى الجانب الآخر، نجد أن إسرائيل لديها مصلحة أساسية في بقاء مصر مرتبطة بتحالف وثيق مع الولايات المتحدة، والحد من اعتماد مصر على الولايات المتحدة له تأثير كبير على اسرائيل، وكذلك نجد أن نظام السيسي يدين بالكثير من الفضل والولاء إلى المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لتقديمهم الدعم الاقتصادي الهائل لمصر، وهو الشيء الوحيد الذي يقف بين النظام وانهياره، وهنا نجد أن تمويل دول الخليج لأنظمة الأسلحة هذه سوف يؤدي بالتأكيد الى توسيع نفوذ دول الخليج على مصر، ومن ناحية أخرى، فإن هذه الدول تحتاج الى وجود موقف سياسي وعسكري ثابت وقوي في مصر لتعزيز المصالح الإقليمية الخاصة بها، مثل الحرب ضد الإرهاب والمناورات الايرانية التي تهدف إلى توسيع نفوذها في المنطقة، وفي الوقت الحاضر، وبينما تتفق مصالح إسرائيل ومصر ودول الخليج بسبب إيران والإسلام الراديكالي، لكننا لا نستطيع أن نتوقع حدوث ضرر لمصالح إسرائيل الأمنية بسبب زيادة اعتماد مصر أو تقلصه على الولايات المتحدة، لكن من المهم أيضا أن نتذكر أن هذا الاتجاه من شأنه أن يعطي مصر مجالا أكبر للمناورة والعمل ضد المصالح الإسرائيلية.

Is it Egypt or Iran the next step for ISIS and the new caliphate?

1000

Ali Al-Sharnouby:

The fearful nightmare that haunts the rulers and officials in the West and the Arab region, after the armed militias of “ISIS” dared to break into Iraqi cities and grab it, and threats of “invading” the Iraqi capital Baghdad, while the Iraqi army standing watching the absurd scene, which unknown fingers holds its interlocking strings while no one succeed to determine who’s behind these militias and support it with money, weapons, political cover and media. and now just mentioning the word “ISIS” makes many people panicked and bring to their minds the images of decapitated bodies and the smell of blood of the dead who were killed by ISIS fighters who had been gathered from different states in the East and the West to unite on a single doctrine of extremism and love to spread destruction and darkness around.

Yet, after ISIS found it easy to break into homes and seize towns and villages in Iraq, these mercenaries dared to come to Egypt, believing that they can put their feet in it with the same ease they found in Iraq and Syria. and recently the Israeli website “Debka” (relevant to Israeli intelligence -Mossad) has published a report about the entry of ISIS into Egyptian territory in northern Sinai, and that these militias have begun to threaten the Egyptian state over the Sinai Peninsula, because this part of Sinai could be a fertile environment for the expansion of these militias, especially with the presence of a number of jihadist of Al-Qaeda which can be allied with ISIS and unite in one goal, despite the fact that this development will cause great upset to the native population of the Bedouin tribes.

In spite the elder Bedouins insists that ISIS is fighting against the Egyptian army and police in Sinai with the support of “Ansar Bayt al-Maqdis” group, but the young men who are fighting with “Ansar Bayt al-Maqdis” points to new information about the link between the two organizations.
One of the sources says that there are several Egyptians fighting with ISIS in Syria, and they say that they went to Syria for “jihad” in defense of “God”, and to live in an Islamic state under the laws of God (Sharea), and they will soon return to Sinai, when “Soldiers of God” can be able to achieve victory over the tyrant (means the Egyptian army), which protects the Israelis and prevents the start of the “holy war” against them, and that Sinai will soon be a part of the Islamic Caliphate, which was announced recently.

On the other hand, the Egyptian security reports confirms such information, where there is information indicates the intention of some terrorists to return from Syria, as tens of extremist terrorist traveled to Syria for training on combat and terrorist attacks, especially traps setup and remote detonation, and the goal is to transform Sinai into an Islamic state, and security forces has already succeeded to arrest a number of those trained elements when they tried to return to Egypt.

The information confirms that “Ansar Bayt al-Maqdis” in Sinai is a part of ISIS although it originated from the remnants of “Al-Tawhid and Jihad” group in Sinai, which is responsible for the bloody terrorist attacks in Taba in 2004, “Ansar Bayt al-Maqdis” has received funds from ISIS to continue its attacks against the Egyptian army, and according to the information they also receives financial support from a number of international organizations such as al-Qaeda and ISIS, as well as foreign intelligence agencies.

These information is confirmed by what happened in August 2013, when police forces in the northern Sinai arrested ‘Adel Habbara’, a leader of “Ansar Bayt al-Maqdis” and accused him of killing 25 soldiers from the Egyptian police forces last year 2013. And during the hearing, the court heard several phone calls between ‘Habbara’ and a member of ISIS in Syria, who has promised to transfer 10,000 dollars to ‘Habbara’ in order to implement some operations against the army and police in Sinai.

In one of the weirdest things, ISIS has sent messages through ‘Twitter’ to the “brave Mujahedeen of Sinai”, calling them to continue fighting the Egyptian army and establish an Islamic state there, and it strongly criticized ‘al-Qaeda’ for “not fighting” the Egyptian army !.

And of course, as the norm of the Israeli government, Israel didn’t waste the opportunity to spread panic among the Egyptian’s allies and friends, and began to show it as if ISIS had already occupied Sinai while the Egyptian army is not able to confront them or to protect the Egyptian lands of those mercenaries’ militias…
And recently the Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu warned the U.S. President Obama, and Jordanian King Abdullah, and Palestinian President Mahmoud Abbas of the existence of the ISIS in the Egyptian lands.
Netanyahu assured in a message sent to Obama, that there’s intelligence information had recently came to Israel, referring to the arrival of a number of ISIS terrorists to Sinai, with the assertion that the Israeli army is the “only” capable army in the region to face the danger of Al-Qaeda and ISIS, and added that ‘only’ the Israeli army is able to “protect” the rule of King Abdullah in Jordan, and ‘Abu Mazen’ in –Palestinian- Ramallah (!).
He also stressed that ISIS “branch” already joined ‘Ansar al-Bayt al-Maqdis’, pointing to the relations between ISIS and ‘Hamas’ in Gaza strip, and referring to the continuation of the “Israeli fortifications” in Jordan, stressing that it is the only guarantee to prevent the spread and expansion of terrorist group outside Iraq.

The Egyptian security is keeping an eye on the entry of ISIS fighters to the north of Sinai coming from Syria. as those fighters have to enter Sinai through the tunnels owned by the Palestinian ‘Hamas’ in Gaza, and therefore there must be strong agreements and cooperation between these two terrorist movements -Hamas and ISIS- aimed to hit the Egyptian stability and spread panic among the population in Sinai, as a part of Hamas malicious attempts to take revenge for the overthrow of the Muslim Brotherhood and the closure of the border crossings with Gaza. in addition to their participation in one goal in the end which is creating the state of caliphate in Sinai.

But on the other hand, the new Egyptian president Abdel Fattah al-Sisi, decided to hit Hamas politically and logistically as pre-emptive or retaliatory hits, by tightening the siege on Gaza and Hamas and by keeping ‘Rafah’ crossing closed, and he strengthened controls on border with Gaza to prevent incursions and smuggling. and moreover, Egypt has been drafting a law stresses sentences for anyone trying to setup or use a tunnel connecting Egypt to a foreign “entity” (Hamas or the Palestinian lands) for the passage of goods or persons.

In fact, the recent developments in Iraq and the sudden appearance and invasion of villages and cities in Iraq brings a lot of questions, and the silence and invisibility of the Iraqi government and the shameful escape of the Iraqi army not to face these militias is puzzling and ridiculous at the same time. as many analysts tried to answer the questions and visualize what might have been behind that scene, and what is behind the absence of an explicit decision from the Iraqi Prime Minister to the army to confront those fighters, but none of the analyzes did come out with a satisfactory answer.

As one analyst says: Let’s not forget that nearly a third of ISIS fighters are not Arabs, but they are Americans, Europeans, Asians, Chechens and Afghans…, they have been regrouped in Syria by the U.S. Central Intelligence Agency CIA in cooperation with Saudi Arabia, Qatar, Turkey, Israel and Kuwait… as a mercenary army his ultimate goal is to launch a direct attack on Iran and reach for its invasion in the end!.

Published in Canada free press website.

علي الشرنوبي يكشف: سبعة قنابل نووية “أضاعتها” امريكا و”داعش” يسعى بقوة لإمتلاك أحداها!

isis nuclear bomb* وثائق: انفجار أى قنبلة سيكون أقوى 265 مرة من قنبلة هيروشيما وستمحو واشنطن وبالتيمور ونيويورك وكارولينا الشمالية من الخريطة.
* تفاصيل ضياع كل قنبلة من السبع قنابل النووية ووجود بعضها حتى الآن خارج الأراضي الأمريكية.
* تكلفة الحصول على إحدى تلك القنابل لا تصل الى 1% من تكلفة صنع قنبلة جديدة والأمر أصعب بمراحل من الحصول عليها جاهزة.

علي الشرنوبي

البعض يعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هو من أخطر التنظيمات التي تواجدت على أرض العرب حتى الآن، كما يرى البعض الآخر أن الأكثر خطورة من داعش هو امتلاك دولة إيران الشيعية للسلاح النووي وأن تأثير ذلك قد يكون كارثي على الدول العربية وخاصة في منطقة الخليج التي تتعرض بالفعل لتهديدات ايرانية دائمة ومستمرة، لكن ما ستقرأه في السطور التالية قد يصيبك بالصدمة خاصة عندما تعلم أن كلا التهديدين قد يجتمعا معا، ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث إذا استطاع تنظيم داعش بما لقادته من عقلية متطرفة وأهداف طامحة أن يمتلك السلاح النووي الذي يجعل من التنظيم كابوسا دائما مقيما لن يمكن الهروب منه أو احتوائه أو حتى أن يأمن أحد جانبه.

ففي الأسابيع القليلة الماضية، خرجت الينا تقارير شديدة الخطورة والصدمة، حيث تم الإفراج عن بعض الوثائق والأسرار من المخابرات الأمريكية ووكالة الأمن القومي، والتي تفيد بأن هناك سبعة قنابل نووية أمريكية “ضائعة” ولم يتم العثور عليها حتى الآن، والمخيف في الأمر أن هذه المعلومات وصلت الى مسامع قادة تنظيم داعش الإرهابي الذين يحاولون الآن وسع طاقتهم أن يحصلوا على إحدى تلك القنابل النووية، والتي يفوق قوة أيا منها بمراحل قوة القنبلتين اللتين أسقتطهما الولايات المتحدة على هيروشيما ونجازاكي باليابان، واللاتي أدى كل منهما الى مقتل وتشوية وتشريد مئات الألوف من الضحايا ومازالت آثارهما الإشعاعية مستمرة حتى الآن.

ويقول موقع Before It’s News الأمريكي في تقريره أنه وعلى مدى أكثر من أربعة عقود من الحرب الباردة، عاش العالم تحت تهديد الإبادة النووية، وأنفقت القوتين النوويتين العظمتين أمريكا وروسيا نحو تريليون دولار على انتاج وتخزين الأسلحة النووية؛ وأن كل هذه التهديدات والأخطار كانت “مستقرة” حسب مفهوم “الدمار المؤكد المتبادل”، بمعنى عدم قدرة أيا من الدولتين استخدام تلك الأسلحة خوفا من قيام الدولة الأخرى بإستخدام ما لديها، وبالتالي سيحدث حالة من الدمار الكامل والشامل التي ستطال كلتا الدولتين ويخرج منها الجميع خاسرا… لكن ومع ظهور قوى جديدة على الساحة الآن، لم يعد استخدام تلك الأسلحة ضربا من الجنون كما كان دائما من قبل، خاصة وأن تلك القوى الجديدة من “الإرهابيين” يسعون بل ويصلون لله ويتمنون أن تحدث تلك الحالة من “الدمار المؤكد المتبادل”، حيث أن هؤلاء المتشددين لا يهابون الموت سواء بالرصاص أم بالسلاح النووي، بل أنهم يسعون اليه ولتلقي الشهادة التي تمكنهم من دخول الجنة، وهم في سعيهم هذا يمكنهم عمل أي شيء لتدمير ما يعتبرونه أعداءا لهم وعلى رأسهم بالطبع الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويقول الموقع أن معظم وسائل الإعلام لا تتحدث كثيرا عن هذا الأمر، لكن الحقيقة التي تم إخفاؤها حتى الآن هي أنه خلال فترة الحرب الباردة، فقدت الولايات المتحدة سبعة قنابل نووية، والآن، أصبحت تلك القنابل السبع المفقودة تشكل تهديدا كبيرا لأمنها القومي وللعالم أجمع أكثر من أي وقت مضى.

ضياع قنبلتين في ولاية كارولينا الشمالية بتاريخ 10 مارس 1956.
يسرد الموقع حكاية ضياع اثنين من تلك القنابل النووية على حدة، فيوضح ضياع واحده في المستنقعات عندما أسقطت القوات الجوية الأميركية عن طريق الخطأ قنبلتين ذريتين على ولاية كارولينا الشمالية بتاريخ 10 مارس 1956.
كما أن هناك عدد آخر من القنابل النووية سقطت وفقدت في بلدة جولدسبورو، وهي في حالة سليمة إلى حد كبير حتى الآن، وقد سقطت خلال رحلة روتينية لطائرة B-52 على طول الساحل الشرقي، مما تسبب في سقوط وفقدان 4 ميجا طن من القنابل الهيدروجينية بالقرب من بلدة جولدسبورو، وكان زر الأمان أو “سويتش” السلامة هو الذي حال دون وقوع تلك الكارثة، وتوضح الوثائق أنه لو كانت تلك القنبلة قد انفجرت، فإن الانفجار كان سيصبح أقوى 265 مرة أكثر من القنبلة التي انفجرت فوق هيروشيما، ولكانت تداعيات الإنفجار وآثاره قد وصلت إلى واشنطن العاصمة وبالتيمور ونيويورك، وذلك بالنظر إلى احتمالية هبوب رياح شمالية قوية، وذلك بعد التدمير الكامل لجولدسبورو ومعظم ولاية كارولينا الشمالية.
وتجري الآن حالة من الجدل المستمر لتطويق تلك الأخبار وعدم انتشارها بعدما عززت تلك المعلومات التي رفعت عنها السرية حديثا شكوك العامة في أن واحدة من تلك القنابل كانت قريبة جدا من الإنفجار ولم يتم العثور علي الأخرى حتى الآن. وتكشف التقارير أن القنبلة التي لم يتم العثور عليها قد سقطت في حقل موحل، وقد تم اكتشاف ذيل القنبلة على عمق حوالي 20 قدما تحت الأرض، لكن لم يتم استرداد القطع الأساسية من القنبلة منذ أن تم التخلي عن محاولات العثور عليها بسبب فيضانات المياه الجوفية القوية والتي لا يمكن السيطرة عليها.

قنبلة أخرى فقدت في كولومبيا البريطانية بتاريخ 14 فبراير 1950
ويستمر الموقع في سرد وقائع فقد القنابل السبعة بحسب ما كشفت عنه الوثائق الرسمية الأمريكي، فيقول بأن هناك طائرة نقل بضائع من ماركة B-36 وكان على متنها قنبلة نووية من نوعية “مارك 4” وتحطمت الطائرة في شمال مدينة كولومبيا البريطانية، وكانت الطائرة B-36 في طريقها من ألاسكا إلى ولاية تكساس، في مهمة اشتملت التدريب على محاكاة حدوث هجوم نووي على سان فرانسيسكو، وبعد سبع ساعات من بداية الرحلة، بدأت ثلاثة من المحركات السته في اطلاق الشرر وأغلقت تماما، بينما لم تستطع المحركات الثلاثة الأخرى القيام بالرحلة كاملة على السرعة المقررة، ومع عجز المحركات عن الصمود سقطت الطائرة في البحر وعلى متنها القنبلة وقفز طاقمها بالباراشوت، وقد عثر على 17 رجلا في نهاية المطاف على قيد الحياة، لكن يقول الموقع أن القنبلة نفسها أصبحت شيئا من الماضي!.
ويقول البعض ان القنبلة النووية تناثرت أجزائها بتأثير اصطدام الطائرة مع الماء، وتحولت الى قطع صغيرة في قاع المحيط، بينما فقدت مكوناتها من اليورانيوم ولم يعثر عليها أبدا، ووفقا لسجلات القوات الجوية بالولايات المتحدة، لم يكن جوهر البلوتونيوم موجودا داخل القنبلة أثناء هذه التجربة أو المحاكاة.

اثنان من القنابل النووية حتى الجيش الأمريكي لا يعرف مكانهم بعد ضياعهم في 10 مارس 1956.

تحكي القصة التالية قصة إقلاع طائرة بوينغ من طراز B-47 Stratojet من قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا في رحلة بدون توقف متوجهة إلى قاعدة “بن جرير” الجوية بالمغرب، لكن تلك الطائرة أيضا اختفت في ظروف غامضة؛ وكانت تلك الطائرات غير المسلحة تقل اثنين من الكبسولات من مواد الأسلحة النووية في صناديق حفظ خاصة، وبما أن حدوث التفجير النووي غير ممكن، فمن المؤكد أن تلك المواد النووية أو القنابل موجودة وبحالة سليمة حتى اليوم.
وعلى الرغم من قيام السلطات الأمريكية بالبحث واسع النطاق، لم يتم العثور على أيا من آثار الحطام، ولم يتم تحديد موقع الحادث على وجه الدقة أبدا، والمعروف فقط أن آخر مكان مؤكد لتواجد الطائرة كان في أجواء البحر الأبيض المتوسط.

“تدحرج” أحد القنابل على سطح حاملة الطائرات U.S.S. تيكونديروجا بتاريخ 5 ديسمبر 1965
بعد31 يوما من ابحار حاملة الطائرات “تيكونديروجا” من القاعدة البحرية الأمريكية في خليج سوبيك في الفلبين، حدث أن كانت طائرة من طراز A-4E سكاي هوك تحمل قنبلة هيدروجينية وحدث أن سقطت الطائرة من سطح حاملة الطائرات تيكونديروجا في المحيط الهادي، وقد غرقت الطائرة ومعها السلاح على عمق 16 الف قدم تحت سطح الماء ولم يتم العثور عليها أبدا، وحتى يومنا هذا، ظل مصير الطائرة والسلاح الذي تحمله لغزا لم يتم حله.

ضياع قنبلتين نوويتين عندما غرقت الغواصة U.S.S. سكوربيون (العقرب) في ظروف غامضة بتاريخ 22 مايو 1968.
في الستينيات من القرن الماضي، غرقت غواصة نووية على بعد نحو 400 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من جزر الأزور مع 99 من أفراد الطاقم الذين ماتوا جميعا في الحادث، وبالإضافة إلى الخسائر المأساوية في جميع أفراد الطاقم الـ99، كانت الغواصة “العقرب” تقل على متنها اثنين من الأسلحة النووية.
وحتى اليوم، يقبع حطام الغواصة “العقرب” على قاع البحر الرملي في الجزء السفلي من المحيط الأطلسي على عمق 9800 قدم من المياه، وتقوم البحرية الامريكية بزيارات دورية للموقع لإجراء اختبار لتسرب ايا من المواد النووية سواء من المفاعل النووي للغواصة أو من اثنين من الأسلحة النووية اللتان على متنها، ولتحديد ما إذا كان الحطام قد تأثر سلبيا.
الى هنا ويمكن النظر بإطمئنان الى الحكاية وعدم الخوف منها، لكن عندما نعلم أن الموقع يقع في المياه الدولية، سيزيد الخطر عندما نعرف أنه يمكن لأي شخص أن يزور ذلك الموقع دون خوف من وقوف أي دولة أو جهة أمامه.
ويقول الخبراء أنه صحيح أنك بحاجة الى بعض المعدات الخاصة والباهظة الثمن للغوص تحت عمق 9800 قدم من المياه، لكنه أمر يمكن القيام به وغير صعب على الأطلاق، فعلى سبيل المثال، تقع سفينة تيتانيك الشهيرة تحت عمق 12 الف وخمسمائة قدم من المياه، ورغم ذلك تمكنا من الغوص هناك واستعادة بعض القطع الأثرية منها، كما أن التكنولوجيا الحالية تسمح لنا بالغوص على عمق 21414 قدم من المياه.
وقد تسأل نفسك: ألن يكون ذلك مكلفا جدا؟ لكن الأجابة أن تلك التكلفة لا تصل حتى الى 1٪ من تكاليف بناء قنبلة نووية، وبالإضافة إلى أنها ليست بهذه السهولة كما هو الحال عندما تجدها جاهزة ومبنية مسبقا، ولمعرفة تكلفة وصعوبة ذلك يكفي العلم أن الولايات المتحدة أنفقت على مشروع مانهاتن نحو 26000000000 دولار، بالإضافة إلى 130.000 شخص يعملون لأكثر من 5 سنوات، كما أن الهند وباكستان وكوريا الشمالية أنفقت ثروات ضخمة قبل صنع قنابلهم النووية الأولى، والآن تعمل ايران على هذا منذ أكثر من 7 سنوات وما زالت بعيدة عن انتاج قنبلة واحدة.
وقد يتساءل آخر: لماذا لا تحاول الولايات المتحدة استرجاع تلك القنابل من هناك قبل أي شخص آخر؟ والأجابة هي أنه لا يبدو أن أحد يهتم بهذا الأمر، رغم أن التهديد النووي الذي سيأتي في نهاية المطاف نتيجة عثور شخص أو تنظيم ما من الأعداء على تلك الأسلحة النووية سيكون “مفاجأة” كبيرة سواء لأمريكا أو للعالم، فقد أدت إخفاقات أمريكا الأخيرة في الشرق الأوسط الى ظهور قوى مثل تنظيم داعش والتي سوف تسعى بكل قواها للحصول على إحدى تلك القنابل وسط حالة اللامبالاة التي تبديها السلطات الأمريكية تجاه ما فقدته من قبل.

علي الشرنوبي يكتب: الإخوان يخططون لإحتلال مصر “عسكريا” بمساعدة تركيا وداعش!

بعد نفاذ صبرهم وفشل سابق خططهم

imagesالإخوان يخططون لإحتلال مصر “عسكريا” بمساعدة تركيا وداعش!

* أردوغان يسعى لضمان السيطرة على الأراضي السورية ثم استهداف الأردن تمهيدا للوصول الى الهدف النهائي وهو مصر.

* مصر تملك معلومات تدين “مالك” شقيق باراك أوباما وكانت ستشكل فضيحة دولية كبيرة، لكن ولسبب ما، رفضت مصر استخدامها علنا !.

* نبوءات في الكتاب المقدس “دانيال 11” تشير لقرب غزو تركيا لمصر وإقامة الخلافة فور الإطاحة ببشار الأسد واستعادة الإخوان السلطة في مصر.

* وينسال: عندما تنجح تركيا والإخوان في إسقاط الحكومة المصرية، فسوف تصبح جزء من الخلافة الجديدة التي ستنشأ خلال 8 أو 9 سنوات، فهي مجرد مسألة وقت.

بعد أن يئست جماعة الإخوان المسلمين من عودتهم للحكم والسلطة والنفوذ مرة اخرى في مصر بعد أن ذاقوا حلاوتها، أو حتى الحصول على عدد كاف من المقاعد البرلمانية والتي تسمح بتشكيلهم الحكومة والعودة الى الأضواء ومراكز صنع القرار، يبدو أن الجماعة لم تجد حلا آخر لتحقيق مرادهم وأهدافهم إلا بالإستيلاء على مصر ككل عن طريق الغزو واسقاط الحكومة الحالية لتتولى الجماعة السلطة في البلاد، وقد بدأت الجماعة بالفعل في دق طبول الحرب إنطلاقا من تركيا، التي يحمل رئيسها الكثير من الحقد والغل تجاه مصر والمصريين، خاصة بعد أن أطاح الشعب المصري بالجماعة التي ينتمي اليها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، وذلك بحسب ما ورد على موقع الكاتب والمحلل العربي الأصل والأمريكي الجنسية “وليد شعيبات”.
ويؤكد شعيبات في هذا الصدد أن وزارة الخارجية الأمريكية والرئيس أوباما أظهروا ترحيبا واسعا بتلك المخططات الإخوانية التركية، وبشكل أكثر تحديدا، المجلس الثوري لجماعة الإخوان المصرية، والذي يعمل من تركيا بعد طرد قياداته من مصر.
ويشير شعيبات الى أنه وبينما كانت تجري مثل تلك الاجتماعات بين قيادات الإخوان وممثلين عن الحكومة والخارجية الأمريكية والتركية، كانت قنوات التلفزيون التابعة للإخوان في تركيا تقوم بإصدار الإنذارات والتحذيرات إلى أي شخص من الأشخاص العاملة في مصر أو من يدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي تقرير خاص للجماعة، حدد الإخوان المواعيد النهائية بأواخر شهر فبراير الجاري لكي يقوم السائحين والرعايا الأجانب والشركات الأجنبية المتواجدين في مصر بتركها والسفر الى بلادهم، وإلا فإنهم سيتعرضون لهجمات إرهابية تستهدفهم بشكل أساسي سواء في مصر أو في الشرق الأوسط.
ومنذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في منتصف عام 2013، تؤكد التقارير أن جماعة الإخوان تقوم بإعادة تجميع كوادرها ونشطائها وحشدهم للتآمر على مصر، في حين تقيم وتعمل قياداتها من داخل تركيا، كما كانت هناك دلائل متعددة ومتزايدة على أن تركيا تحول تركيزها بعيدا عن نظام بشار الأسد العنيد في سوريا وتوجه أهتمامها وتركيزها بنسبة أكبر إلى مصر أولا وليبيا ثانيا، وفي محاولة من الجماعة لعزل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وإبقاؤه وحيدا دون الداعمين العرب له، كانت هناك أكثر من محاولة من جانب الإخوان لتفكيك تحالفه مع دول الخليج العربي عن طريق الإفراج عن المحادثات الهاتفية أو التسريبات التي كان السيسي يتحدث فيها عن تلك الأطراف الخليجية بما قد يضعه في حرج كبير ويسيء الى العلاقات المصرية مع تلك الدول خاصة الحليفين الرئيسيين السعودية والإمارات.

أما بالنسبة لتركيا وأردوغان، فأنه لا فرق حقيقي بالنسبة له إذا ما قام الثوار المتمردين أو داعش أو الإخوان بالإطاحة الأسد، فما يهم أردوغان في جميع الحالات هو ضمان السيطرة على الأراضي السورية من خلال نواب ووكلاء يدينون بالولاء والجميل له، ثم يستمر تنفيذ الخطة التركية باستهداف الأردن لاحقا، تمهيدا للوصول الى الهدف النهائي وهو مصر.
فمن المؤكد أن تنفيذ مخططات أردوغان لغزو مصر بالتعاون والتحالف مع داعش والإخوان، سوف يكون أسهل بكثير بعد ضمان السيطرة على سوريا والأردن، وهذا الأخير يتواجد على قائمة المستهدفين بعد سوريا مباشرة.
ومن جانبها، تواصل إدارة أوباما إرسال إشارات أنها ستقوم بالدعم الكامل لجماعة الإخوان في حالة نشوب أي مواجهة بين تركيا ومصر، وبالإضافة إلى ذلك، يرى شعيبات أن في مسألة الافراج عن الفلسطيني المتهم بتورطه في دعم الإرهاب “سامي العريان” من سجون أمريكا وترحيله إلى تركيا استعراض كبير لهذا الدعم الأمريكي.
وبالطبع، كان هناك مؤخرا كان هناك لقاء مع قيادات ادارة أوباما ووزارة الخارجية الأمريكية تم فيه الترحيب بعدد كبير من قادة الإخوان المسلمين الأمريكيين في البيت الأبيض، ومن المؤكد أن هذا الاجتماع كان لغرض أكبر بكثير مما تم مناقشته والإعلان عنه، وقد أرسل هذا الاجتماع في حد ذاته رسالة واضحة من أوباما بدعم الإدارة الأمريكية لجهود الإخوان ضد مصر.
وبرغم ذلك، فإنه منذ صيف عام 2013، كانت مصر تملك كل المعلومات التي تدين شقيق باراك أوباما “مالك”، وهي المعلومات التي كانت ستشكل فضيحة دولية كبيرة، وتشمل ايضا معلومات عن مؤسسة IRS والناشط لويس ليرنر، ولكن لسبب ما، رفضت مصر استخدامها علنا.

وإذا نظرنا من جانب آخر، نجد عددا من التقارير الصحفية التي تتحدث عن أن هناك تعاونا كبيرا وقائما بالفعل بين كل من تركيا وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ومنها أحد التقارير للمحلل الأمريكي “بين باراك”، والذي يقول أنه ومع ما هو معروف من محاولات داعش لترسيخ أقدامها ووجودها في مصر، نجد أن المرحلة الأولى من محاولة غزو داعش لمصر قد بدأت بالفعل،وهو ما بدأت وسائل الإعلام الغربية في الإنتباه اليه، برغم أنه كان واضحا لكثير من الأشخاص العاديين منذ وقت طويل، مع حقيقة أن وسائل الإعلام الغربية ومن قبلها الإدارة الأمريكية لا تصرح ولا تعلن عن وجود هذا التعاون والتحالف بين تركيا وداعش، وأن تنظيم داعش هو وكيل بالإنابة عن تركيا. ويوضح باراك أن هناك أدلة قاطعة كثيرة على ذلك، نكتفي بالإشارة الى نقطة واحدة فقط منها، وهي قيام تركيا بقصف الأكراد بدلا من داعش كما أكدت وكالة “رويترز” الإخبارية، وحتى مع العلم بقيام داعش بتدريب عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس الذي يعيث فسادا في أراضي سيناء المصرية، لكن مرة أخرى، لا تشير وسائل الإعلام الى دور تركيا في كل هذا بالرغم من وضوحه للكثيرين، لكن من السهولة أيضا معرفة دور تركيا والإخوان في تلك الأحداث، إذا ما سألنا أنفسنا عمن المستفيد بشكل أساسي مما يجري حاليا في العالم العربي عموما ومصر خصوصا.
ويشير باراك الى الرسالة الصوتية التي نشرها تنظيم انصار بيت المقدس على الإنترنت، والتي أعلن فيها التنظيم ولاؤه لداعش، قائلا أن ذلك التسجيل، يمثل فصلا جديدا من فصول التطور لأخطر جماعة ظهرت في مصر حتى الآن، فمنذ عام 2012، قام تنظيم أنصار بيت المقدس بعدد كبير من الهجمات الأكثر جرأة وتطورا، وقتل التنظيم المئات من ضباط الشرطة والجنود المصريين، برغم تأكيد المحللين أن عدد أفراد التنظيم تتراوح بين المئات إلى ما لا يتعدى الألف.
لكن في حين هجمات انصار بيت المقدس استهدفت بشكل حصري تقريبا الحكومة المصرية ممثلة في الجيش والشرطة حتى الآن، إلا أن هناك خوف متزايد من أن يؤدي وجود علاقة ولاء وطاعة مع داعش، الى أن تتوسع التهديدات لتشمل مواقع مدنية وسياحية هامة.
ويلاحظ أنه وفور الإعلان عن الهجوم الذي راح ضحيته نحو الثلاثون من أفراد الجيش المصري في سيناء منذ نحو الشهرين، أصر الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن تلك العملية كانت بـ”تمويل خارجى”، ويفسر الكثيرون ذلك بالرجوع الى تركيا التي لديها بالفعل الدافع للقيام بذلك، والتي لديها أيضا شراكة مع داعش التي تقوم بالتدريب وإعطاء الأوامر لأنصار بيت المقدس بعد إعلانه الولاء لداعش.
إذن، لدينا هنا كل من تركيا، ووكيلها والنائب عنها “داعش”، وأنصار بيت المقدس الفرع الجديد لداعش في مصر، وإذا كان هناك بلد أكثر تضررا من الإطاحة بمحمد مرسي، فهذا البلد هو تركيا، التي بكى رئيس وزراءها أردوغان بشدة، بعد سماعه قصيدة شعر كتبتها إبنة القيادي الإخواني محمد البلتاجي، والتي قتلت خلال الاحتجاجات التي تلت الإطاحة بمرسي، بحسب الكاتب الأمريكي الذي يؤكد أن رفض المصريين لجماعة الإخوان، سبب انتكاسة كبيرة لأردوغان وربما ساهم في نزول دموعه أكثر من وفاة ابنة البلتاجي. وهو ما يؤكده الكثيرون مؤكدين أن تركيا لن تستريح طالما ظل عبد الفتاح السيسي في رئاسة مصر.
وبالعودة الى الولايات المتحدة، نجد أن هناك تأكيدات من كبير مستشاري السياسة الخارجية لاوباما “زبيجنيو بريجنسكي”، أن هناك أربع دول – مع وجود تركيا في الدور القيادي – تحتاج الولايات المتحدة إلى الاعتماد عليها في التعامل مع داعش، الثلاثة دول الأخرى كانت مصر والمملكة العربية السعودية، وإيران… ونلاحظ هنا أنه أغفل تماما دور الرئيس السوري بشار الأسد.
وفيما يتعلق بمصر، فإن إدارة أوباما فعلت كل ما في وسعها لإبقاء الإخوان في السلطة، وهو ما دفع السيسي إلى أحضان روسيا، بينما القى أوباما نفسه في أحضان الإخوان وتركيا، بل أنه أمر مثير للصدمة، إذا علمنا أن هناك نوعا من الشراكة بين تركيا وداعش، كما أن الاعتماد على مصر للمساعدة في الحرب مع داعش يتطلب بالضرورة الانحياز مع مصر ضد تركيا، وهو مالم تظهر إدارة أوباما أي علامات على القيام به، وسبب ذلك أنه ورغم كل شيء، ففي النهاية يعلم الجميع أن تركيا هي حليف ثمين لحلف شمال الأطلسي؛ بينما مصر ليست كذلك.
أما على المستوى الشعبي، فالشعب المصري يبدو مستعدا تماما لمحاربة داعش، خاصة في ظل حالة الغضب التي تعتمل في صدور المصريين بعد الهجمات التي نفذها الإرهابيين سواء من داعش أو من انصار بيت المقدس.
وفي سياق التأكيد على تلك النظريات القائلة بمحاولات تركيا الحالية والمستقبلية لغزو كل من مصر وليبيا، يشير بعض الكتاب والمحللين الى وجود نبوءات في الكتاب لمقدس تشير قرب حدوث ذلك، وبالتحديد ما جاء في سفر دانيال 11: من عدد 43 الى 45، وفي تفسيرهم لهذه النبوءة الواردة في الكتاب المقدس، يقول المحللين أن الحلقات المفقودة لتركيا لإقامة الخلافة مرة أخرى هي الإطاحة بحكم بشار الأسد من سوريا، وهو الدور الذي تقوم به داعش بالنيابة عن تركيا، وكذلك استعادة جماعة الإخوان السلطة في مصر، ومع قرب تحقق تلك الأمور، يبدو أن الغزو التركي لمصر يقترب بشدة.
وبالتمهيد لقرب ذلك، نجد أن المسؤولين الحكوميين في مصر يطالبون بمقاطعة فورية وكاملة للسلع والبضائع التركية، وفي نفس الوقت نجد أن التوترات بين البلدين تزداد سوءا. حيث ذكرت تقارير اعلامية مصرية أن المسؤولين في مصر لا يطالبون فقط بمقاطعة السلع التركية، بل وحتى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ويمكن أن تكون تلك الدعوة هي الفصل الأخير في التدهور المستمر في العلاقات بين البلدين، وذلك بالتوازي ايضا مع إتهام تركيا المستمر للرئيس عبد الفتاح السيسي بكل شيء سيء، بدءا من “عدم الشرعية” مرورا بـ”الإرهاب” وصولا إلى “جرائم الحرب”.
فمنذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي على يد السيسي والجيش المصري، استمرت تركيا في توجيه سهام النقد والإتهامات للسيسي بأنه “ديكتاتور” ويقوم بـ”اضطهاد المسلمين” بحسب قول شعيبات، وقال الرئيس التركي أردوغان وقتها انه سيرحب بسبعة من كبار الشخصيات من الإخوان الذين قد يجبرون على مغادرة قطر، مشيرا إلى علاقاته القوية مع الجماعة، وبالتبعية مع فرعها في غزة حركة حماس.
ونشرت الصحف التركية على لسان أردوغان قوله: “في حالة ما يطلبون أن يأتوا إلى تركيا، سيتم القيام ببعض التحقيقات اللازمة، فإذا لم تكن هناك عقبات، سيتم توفير الراحة الإلزامية التي قدمت إلى الجميع وستقدم لهم”… وكانت تلك التصريحات عقب عودته من زيارة رسمية لقطر.
وأضاف أردوغان: “يمكن أن يأتوا إلى تركيا تماما مثل أي زائر أجنبي آخر، إذا لم يكن هناك أي مشاكل”، متخذا بذلك موقف مخالف لمعظم الدول العربية التي دعمت الحملة المصرية على الجماعة.
وردا على ذلك قالت مصر، ان الحكومة تفكر جديا في المقاطعة الاقتصادية الكلية لتركيا، وفي بيان خاص، انتقدت وزارة الخارجية المصرية خطاب أردوغان في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، والذي كرر فيه العديد من اتهاماته ضد السيسي وحكومته.
وقال البيان المصري، “لقد كانت تركيا تعاني على مدى السنوات الـ 12 الماضية من حكم أردوغان ومن الممارسات غير الديمقراطية والاستخفاف بحقوق الإنسان”. كما استنكر البيان قيود أردوغان على حرية التعبير، وكذلك استخدام القوة المفرطة ضد النشطاء السياسيين والمتظاهرين السلميين، مشيرا إلى إغلاق الشبكات الاجتماعية مثل تويتر في خرق صارخ لحرية الرأي وكذلك القيود المفروضة على الصحافة والقضاء بتهمة الفساد، وكذلك الأحكام الجائرة ضد الصحفيين والكتاب. مضيفا: “مثل هذه الممارسات المتكررة والأعمال غير الديمقراطية لا يمكن أبدا أن تعطي أي مبرر أخلاقي أو سياسي لاردوغان ليتحدث عن الديمقراطية، لكنها تعكس فقط الأيديولوجية الشخصية للزعيم التركي الذي لديه أوهام حول استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية بعيدا عن المصالح الوطنية لبلده وشعبه “.

ويرى عدد من المحللين أن ما تنشره وسائل الإعلام سواء التابعة للإخوان أو لتركيا، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تنظيم داعش هو عبارة عن “جنود المشاة” لجماعة الإخوان وتركيا. وهو ما عبر عنه أحد كوادر الجماعة المدعو محمد الحوفي في تغريدة له على تويتر قال فيها: “لماذا يخافون من الإمبراطورية العثمانية؟ وهو ما وحد جميع المسلمين تحت راية واحدة، فأسقطوها، وما وجدت أنظمة اليوم الا لبقاء الوضع كما هو عليه”.
ومن ناحية أخرى، فقد سافر الزعيم الروحي للإخوان يوسف القرضاوي إلى تركيا العام الماضي ليعلن أن إعادة قيام الإمبراطورية العثمانية يجب أن يبدأ من هناك، فيما إعتبر البعض أن هذا الكلام كان بمثابة توبيخ لزعيم داعش أبو بكر البغدادي الذي وكأنه كان يلعب الكرة عندما أعلن قيام الخلافة.
وربما يرى الكثيرين أن تلك التصريحات على ما يبدو تجعل داعش والإخوان نوعا من الأعداء، لكن الحقيقة أنه لم يكن هذا هو الحال عند إطلاق تلك التصريحات، بينما يبدو أن داعش لا يهمها كثيرا علاقتها بالإخوان الآن أو أن تدخل في عداوة مع الإخوان، في الوقت الذي تواصل فيه توسعها في مصر، وشكلت تحالفا مع كل من أنصار بيت المقدس في سيناء وجماعة أنصار الشريعة في ليبيا.
وعلاوة على ذلك، كلما وجدت داعش مساحة أكبر من الحرية في التوسع وكسب الأراضي، فانها بالتأكيد ترغب في أن تضيع وقتا أقل في محاربة جماعة الإخوان، بل وفي الواقع، سوف يأتي الوقت قريبا الذي تجد فيه داعش وجماعة الإخوان أنفسهما في مواجهة عدو مشترك لهما في مصر وهو الجيش والشعب المصري على السواء.
ويجد عدد من الخبراء أن الوضع الحالي يعطي إشارة صريحة لداعش للبدء في التركيز على إحداث المزيد من الفوضى في المنطقة، وبالإضافة إلى أن ذلك يخدم مصالحها الخاصة، فتلك الحالة سوف توفر أيضا فرصة لتركيا لتكون أكثر انخراطا في مصر، ومن المرجح أن تقوم تركيا كدولة عضو في حلف الناتو بالتدخل ضد داعش، لكن في الواقع، فإن تركيا من ناحية أخرى أكثر إهتماما باستخدام داعش كجنود مشاة في خطتها لغزو أو إختراق مصر.

ويؤكد على نفس النقطة موقع فوكس نيوز الذي يقول أن هناك بالتأكيد عدد من قادة الإخوان يخططون لإسقاط الحكومة الحالية في مصر، ويبدو أنهم سيضطرون لتلقى مساعدة تركيا، ويضيف الموقع في حديثة عن الجماعة قائلا: انهم منبوذين في أغلب دول الشرق الأوسط، لكن جماعة الإخوان قد تجد ترحيب في تركيا، وهي حليف للناتو والتي يبدو أن الضغط الإقليمي والغربي لم يدفعها لأن تنأى بنفسها عن دعم الجماعة.
ويشير الموقع الى أن الجماعة سعت بعد طردها من مصر لإيجاد ملجأ لقادتها في قطر، لكن وتحت ضغط عدد من الدول الخليجية مثل السعودية والبحرين والإمارات، أعلنت قطر أنها سوف تستبعد عدد من كبار الإخوان من أراضيها، وهو ما سبب احراجا كبيرا لدولة قطر، والتي برغم كونها الحليف الوثيق للولايات المتحدة، إلا أنها أيضا الداعم الدولي الرئيسي والممول الكبير لجماعة الإخوان وكذلك لجبهة النصرة و، وفقا لبعض التقارير، الدولة الإسلامية. كما تشير صحيفة الأوبزرفر الى أن أجندة قطر والتي تتلخص في الإطاحة بالقادة الليبراليين والعلمانيين من دول الشرق الأوسط، لا تزال هي نفسها دون تغيير.
على الجانب الآخر نجد أن تركيا هو البلد الوحيد الذي منح حق اللجوء لقادة الإخوان، وقد أعلنت جماعة الإخوان بالفعل، أنها تخطط لاستغلال وضعهم كلاجئين في تركيا لزعزعة الاستقرار ومحاولة قلب نظام الحكم المصري الحالي؛ والحق أنه أمر غريب أن تقوم تركيا بتوفير الملجأ لقادة الإخوان الذين يسعون للإطاحة بحكومة مصر.
فمن الواضح أن أردوغان رئيس تركيا ليس صديقا للحكومة المصرية الجديدة، لأنه كان ضد أن يطيح الجيش بمرسي، وبالتأكيد يود أردوغان أن يرى عودة مرسي إلى عرش مصر مرة أخرى، كما أعلن بنفسه عدة مرات.
بالإضافة الى أنه إذا كانت مصر سوف تكون واحدة من الدول التي تشكل الخلافة العثمانية الإسلامية القادمة، فلابد أن تضطر إلى التغيير، ويظن وينسال أنه وبمجرد أن تنجح تركيا والإخوان في إسقاط الحكومة المصرية الحالية، فسوف تصبح في التو جزء من هذه الخلافة الجديدة التي من المرجح أن تنشأ خلال 8 أو 9 سنوات من الآن، فهي مجرد مسألة وقت في هذه المرحلة.

وعلى صفحات موقع “مجلة فرونت بيج”، يؤكد الكاتب أرنولد اليرت أن كراهية أوباما المستمر نحو الحكومة المصرية ليس من قبيل الصدفة، فلطالما كان أوباما يشعر بتعاطف وحب تجاه جماعة الإخوان، وما حدث من الإطاحة بالجماعة الإرهابية من السلطة أوغر صدور الإدارة الأمريكية، وجعلها تسعى لكي تعيد الإخوان الى السلطة في مصر لكن بطريقة خبيثة لكي لا تخسر علاقاتها الإستراتيجية بالدولة المصرية الهامة والرائدة في المنطقة.

أما فيما يتعلق بعلاقة الإخوان بتنظيم داعش، فيقول اليرت أن هذا ما يفهمه المصريين ولا يستطيع أوباما فهمه حتى الآن، وهو بالضبط ما أوضحه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف حينما قال أنه في حين أن داعش تعلن عدائها تجاه الإخوان، إلا أنهما يشتركان في نفس الأهداف المتطابقة، فكلاهما يشن الحرب ضد أوطانهم ويقوم بالتخريب والدمار والقتل بالنيابة عن أعداء الدولة الذين يمولونهم، وتشمل أوجه الشبه الأخرى استغلال النساء واستخدام “الكذب والخداع باسم الدين”، وكلاهما قادة “الجهل والكذب” ويستخدمون الدين للعب بالعقول، كما أن “القواسم المشتركة الرئيسية بين المجموعتين هو أعمالهم الإرهابية”.
ويشير اليرت الى قيام الرئيس السيسي، الذي تعهد بدعم إدارة أوباما في حربها ضد داعش، بحث أوباما على التعرف على الصورة الكاملة للتطرف الإسلامي الذي يمتد خارج حدود العراق وسوريا، وأشار السيسي إلى التهديدات الإرهابية في ليبيا والسودان واليمن وشبه جزيرة سيناء كأمثلة على الخطر الذي يشكله داعش.
ويعترف اليرت بصحة وجهة نظر السيسي وتوقعاته، فيقول: للأسف، ثبت أن علم السيسي كان هو الصحيح، فقد تم قطع رؤوس 21 من المسيحيين المصريين من قبل داعش في ليبيا، حيث أنشأ التنظيم وجودا آخر له، وقد قدم أوباما هذه الفرصة لداعش بفضل عزم إدارة أوباما الاطاحة بمعمر القذافي، ثم رفضها مساعدة الحكومة الليبية الجديدة المدعومة من الولايات المتحدة في تدريب الشرطة والجيش، والنتيجة هي أن ليبيا أصبحت تغرق في فوضى كاملة، وعلاوة على ذلك، فقد إتبع أوباما صغائر الأمور السياسية مما أوصل الأمور إلى مستوى متدني جديد، حيث رفض أوباما مساعدة كل من مصر والأردن بإعطائهم معلومات عن داعش في ليبيا وسوريا، على الرغم من قطع رؤوس المسيحيين المصريين وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وبرغم إعلان مصر أن جماعة الإخوان هي منظمة إرهابية، وبرغم صدور أحكام قضائية بحل جميع المؤسسات والمنظمات والجمعيات الخيرية التابعة لها، إلا أننا نجد أوباما يستضيف يوم 4 فبراير اجتماعا في البيت الابيض مع 14 من قادة الإخوان، بما في ذلك “أزهر عزيز”، رئيس الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، وهدى الششتاوي من مجلس الشؤون العامة للمسلمين(MPAC)… وقد تأسست المجموعتين من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
والواقع أن واحدة من أفكار إدارة أوباما الفاشلة لمنع تجنيد الإرهابيين والتطرف؟ هي ما قالته المتحدثة باسم وزارة الخارجية “ماري هارف”، والتي أعلنت أننا بحاجة على المدى المتوسط ​​والطويل، لمعرفة الأسباب الجذرية التي تؤدي الى انضمام الناس لهذه الجماعات، بما في ذلك عدم وجود فرص للعمل.
ويسخر اليرت من هذا الطرح بقوله: عدم وجود وظائف؟ لقد ذهب واحد وعشرين من المسيحيين المصريين إلى ليبيا بحثا عن فرص عمل، فقامت داعش بقطع رؤوسهم.

علي الشرنوبي يكتب: شهيد بولسن.. شيطان المسلمين الأمريكي المسئول عن التفجيرات الأخيرة في مصر!

تحكي السطور التالية قصة حياة رجل من أغرب القصص التي قد تعرفها أو ترد على بالك، قد تتعاطف معها أو تسب صاحبها لكنها بالتأكيد ستترك في نفسك أثرا لن يزول بسهولة، ولا أحد يعلم ما تحمله الأيام القادمة من أحداث قد تزيد من غرابة ذلك الرجل وقصته.بولسن

وقبل الدخول في تفاصيل قصة حياة هذا الرجل، نبدأ مع آخر أحداثها وأقرب تطوراتها وهو ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” ، التي أعلنت كشفها عن هوية ذلك “المجهول” الذي يقف وراء التدببر والتحريض على الهجمات الأخيرة على بعض سلاسل المطاعم والبنوك ومحلات المحمول وبعض الشركات التجارية التابعة للجيش المصري، بالإضافة الى نقاط التفتيش الأمنية في مصر.
وقالت الصحيفة بناءا على ما وصلها من معلومات تؤكد أن ذلك المحرض هو مواطن أمريكي إسمه “شهيد كينج بولسن”، اعتنق الإسلام حديثا، وقد إعتاد إرسال رسائل للمتظاهرين الإخوان من مدينة إسطنبول بتركيا، يؤكد فيها أن الاحتجاجات غير العنيفة ليست مجدية، لكنها تعطي قوات الشرطة فرصة لاعتقال المتظاهرين أو إطلاق النار عليهم.
وأضافت الصحيفة، أن بولسن لم يكمل دراسته، كما أنه يتحدث العربية قليلا، ويرفع شعارات مناهضة للعولمة ومؤيدة للإسلام السياسي، وكذلك الشعارات التي تؤجج العنف ضد المصالح التجارية سواء الأجنبية أو المحلية أو التابعة للجيش في مصر.

وتقول الصحيفة أن بولسن – 43 عاما-، تعود أصوله لمدينة بولدر التابعة لولاية كولورادو الأمريكية، وهو أحد الغربيين المروجين لأنتهاج العنف والتشدد، ويتشابه في ذلك مع أمريكيين آخرين مثل أنور العولقي، زعيم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، والذى قتل في غارة أمريكية عام 2012، مع رفيقه سمير خان.
لكن ما يجعل بولسن مختلفا عن غيره ويساعد على فهم جذور تطرفه هو طبيعة حياته الشخصية وسلوكه الفردي، الذي بدأ بتعصبه للعدالة الاجتماعية تجاه اعتناق الإسلام، كما أن هذه الأفكار تطورت طوال 7 سنوات قضاها في السجن بالإمارات نتيجة قضية تتعلق ببيع الجنس وتعاطي مادة الكلوروفورم المخدرة !.

كما أشارت الصحيفة إلى أن بولسين يعمل مدرسا للغة الإنجليزية في إسطنبول، وقد استطاع الوصول إلى الشباب المصريين عبر المواقع الإسلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، ويتبع صفحته على فيسبوك أكثر من 56 ألف شخصا، أغلبهم مصريون.

وأوضحت الصحيفة إن بولسن يركز هذه الأيام على التحريض على ارتكاب أعمال عنف وتخريب ضد المشاركين في المؤتمر الإقتصادي المقرر عقده في شرم الشيخ الشهر القادم، والذي يهتم به كثيرا الرئيس السيسي كدافع قوي لتعزيز الاقتصاد المصري. ومع اقتراب موعد المؤتمر، كتب بولسن على صفحته بالفيسبوك: “الأكثر أهمية للمتمردين هو إلحاق خسائر مالية حقيقية بالشركات متعددة الجنسيات والمستثمرين الأجانب.

ونعود لبدايات قصة حياة ذلك الرجل وإسمه الأصلي هو “شانون موريس بولسن” المولود في 1971، في اسرة مسيحية كاثوليكية مع ثلاثة أطفال، وترك والده العائلة عندما كان الطفل بولسن عمره 12 عاما لمتابعة عمله في كتابة السيناريو في ولاية كاليفورنيا، وتقول أمه أنه كان مفتونا بالمهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ، ويقضى ساعات طوال في القراءة والمكتبة؛ وكان ذكيا ومضحكا لكنه كان متضايقا للغاية من النزعة الاستهلاكية في أميركا، فبدأ يكون أكثر نشاطا في ممارسة تلك الفلسفات والتعمق في العمل الاجتماعي ومساعدة المشردين، كما واصل البحث عن الاتجاه الروحي الذي يعزز وجهات نظره بشأن الفقر والفقراء.
وفي أوائل 1997، عثر بولسن على كتاب يوثق حياة النبي محمد (ص)، وكأن طريقة تعامل الإسلام تجاه الفقراء قد لمست وتر حساس في عقل الرجل، الذي كتب لاحقا يقول: “في الواقع، الذي يتقبل ما فرض الله علينا، ويتحمل تلك التجارب بصبر، سيجد أن هناك مردود جيد يأتي من الأزمات الخارجية والأزمات الكبرى، إذا خلط المؤمن بين تلك الظروف وبين الإيمان.
وتقول والدته: لقد تشككت في مسألة تحوله الى الإسلام في البداية، لكنه شرح لي ذلك، وأنا تفهمت الأمر جيدا، فقال انه اعتنق حياته الجديدة تماما حتى انه اكتسب اسم جديد وهو “شهيد”، والذي اختاره له احد الشيوخ الباكستانيين من المسجد، وقد حصل على وظيفة كمراسل في صحيفة روكي ماونتن نيوز، حيث التقى زوجته، وهي فلسطينية عملت في الصحيفة كجزء من برنامج الزمالة، فتزوجا في 1997 في حفل تقليدي في قطاع غزة.
وبعد أن عاش بضع سنوات في دنفر، انتقل “شهيد” إلى ديترويت، التي بها أكبر تجمعات المسلمين في الولايات المتحدة، وتعلم بولسن اللغه العربية، وعمل في الجمعية الإسلامية بأمريكا الشمالية، يساعد في جهود الدعوة وحتى أنه يؤم صلاة الجمعة في السجون المحلية، لكن سرعان ما فكروا في الهجرة للخارج.
وتقول زوجته: أردنا أن نربي اولادنا في بلد مسلم، وكانت دولة الإمارات هي المكان المثالي لنا، فوصلوا إلى مطار دبي الدولي في عام 2003 لبدء حياة جديدة، فإفتتحوا مقهى للإنترنت، كما اشتروا حافلة صغيرة لنقل الأسرة واستأجروا فيلا وأدخلوا أطفالهم الثلاثة في المدارس العامة.
لكن سرعان ما بدأت أعمالهم الخاصة في الخسارة، وتقول الزوجة أنها اضطرت للعمل وشهيد كان يقوم بالكتابة، لكن سرعان ما بدأت أحلامهم بالحياة المريحة في التلاشي، فأصبحت الفيلا شقة صغيرة، واستأجرت العائلة خادمة اثيوبية للمساعدة في تربية الأطفال، لكنها تورطت في قضية قتل.
وفي الوقت نفسه، أصبح بولسن غير راضيا عن الحياة في دولة الإمارات، فقد ذهب بولسن لهناك معتقدا أنها ستكون دولة إسلامية مثالية،وأنشأ بولسن مدونة يتحدث فيها بصخب عن السياسة، والشرق الأوسط والإمبريالية الجديدة، كأنه يقوم بتنفيس الإحباط الذي أصابه مع رؤيته النزعة الاستهلاكية في دولة الإمارات والأوضاع المزرية للعمال، وكان منزعجا للغاية من الطريقة التي يعاملهم بها الناس وشعر باليأس من ذلك فظل يكتب ويكتب؛ وتقول أمه أنها في آخر زيارة إلى الإمارات في 2005، لاحظت شيئا سيئا في شهيد، فكان يعاني من الصداع السيئ والأرق، وفي هذه الليالي الطوال، كان شهيد يعتكف على كتبه والكتابة، وفي كثير من الأحيان كان يظل حتى صلاة الفجر، فكنت أتساءل إذا كان يعاني من الاكتئاب.
لكن سرعان ما انقلبت حياة بولسن رأسا على عقب بعد إتهامه بقتل مواطن لماني الجنسية يقيم في دبي بالإمارات، وكانت أسباب الجريمة تتعلق بدوافع جنسية حسب تقارير كل من المحكمة الفيدرالية الأمريكية والألمانية، وقد تعارف الرجلان على مواقع التواصل الإجتماعي على الإنترنت، حيث كان الألماني مارتن هيربرت شتاينر (58 عاما) يشعر بالوحده في دبي، بسبب وجود زوجته وابنته في سنغافورة، في انتظار ترتيب الإقامة لهم في دبي التي كان شتاينر قد نقل لها للعمل، ووفقا لوثائق المحكمة، في هذه الأثناء وجد شتاينر حساب خادمة بولسن على الإنترنت واتصل بها.
وتقول المحكمة ان الغرض كان لترتيب لقاء جنسي، لكن بولسن وعائلته يرفضون ذلك بشدة، وفي كلتا الحالتين، تقول الشرطة أن ذلك كان جزءا من خطة مدبرة من قبل بولسن لجذب شتاينر وقتله، فقد اتفقا على اللقاء يوم 12 يونيو 2006، بعد انتهاء شتاينر العمل، ووفقا للمحكمة، قيل له انه سيكون هناك لقاء جنسي مع امرأة إماراتية.
لكن بولسن قال للمحكمة الاتحادية العليا انه كان يعتزم التحدث لشتاينر عن أفعاله وحياته الخاطئة، والتقوا لأكثر من ست ساعات في ذلك اليوم، وتبادلا نحو 30 رسالة نصية وعدة مكالمات هاتفية، ثم غادر شتاينر دبي وتوجهت الى عجمان للقاء عمل هو الأخير، وتابع تبادل الرسائل النصية مع بولسن، ثم ووفقا للشرطة، اجتمعا في مركز تجاري في الشارقة.
وتقول زوجة بولسن أنه لا أحد يعرف ما حدث في تلك الليلة. حيث كانت هي مع الأطفال، في زيارة لوالديها في غزة في وقت القتل.
وقال بولسن للمحكمة أنه عندما وصل شتاينر في منزله، بدا أنه قد شرب كثيرا وأصبح مسيئا لفظيا ومعاديا، لذلك طلبت منه المغادرة، لكنه حاول أن يفرض نفسه على الخادمة.
فنشب بعد ذلك صراع بين الرجلين، وقال بولسن أنه في البداية أخذ علبة الدواء (كلوروفورم) الذي كان الطبيب قد كتبه له ليساعده على التغلب على الأرق، وهو مخدر ذو شعبية بين الأطباء، وقال بولسن انه كان ينوي تهدئة شتاينر بإعطاؤه بعض الحبوب، وليس قتله، لكن في شهادة الخادمة الأولية، قالت انها خرجت من الغرفة وعادت لتجد شتاينر على السرير، وقالت المحكمة الجنائية في الشارقة أن بولسن قال لها: “لا تقلقي، ولكن قولي الله أكبر لموت أحد الكافرين”!.
وبعد يوم من حادثة القتل، تقول الشرطة أن بولسن استخدم بطاقات الائتمان الخاصة بشتاينر لشراء ما قيمته عشرون الف درهم إماراتي لشراء الالكترونيات، وقال بولسن في وقت لاحق انه كان يعتزم بيع تلك المواد لكي يجد طريقه للخروج من البلاد، لكن في تلك الأوقات كانت أسرة شتاينر تبحث عنه، وكان قد شوهد آخر مرة في 12 يونيو 2006، وكان مكان وجوده مجهولا وتأخره غير معتادا بالنسبة لرجل معروفا بالإتصال بزوجته إذا كان سيتأخر لخمس دقائق فقط، فكانت زوجته كريستينا تشتبه بشدة في أن هناك شيئا خاطئا قد حدث لزوجها.
بعد ذلك وصلت الزوجة من سنغافورة لتوجه نداء عام للمساعدة في العثور زوجها، وفي اليوم التالي، لاحظت أن بطاقة الائتمان الخاصة بزوجها قد استخدمت بكثافة في عمليات الشراء في دبي؛ ووفقا لسجلات المحكمة، حصلت الشرطة على تسجيلات أظهرت لقطات لرجل ملتح أبيض مع امرأة سوداء من المحجبات، وفي غضون ساعات وصلت الشرطة لمنزل بولسن وألقت القبض عليه هو والخادمة،وتم استجواب الاثنين بشكل منفصل واعترفا بالقتل.
واعترف بولسن للشرطة بما قام به بالضبط: فقال أنه بعد يوم من قتل شتاينر، قرر الفرار إلى عمان باستخدام هوية الرجل الالماني، وأنه ربط جسم القتيل بحبل أزرق، ولصق أيدي شتاينر عبر صدره، ثم أدخل الجسم في حقيبة زرقاء، وربطها بإحكام بحزام الأمتعة، وقد قاد الشرطة إلى الجثة.
وقد رفضت زوجة القتيل بشدة عرض “الدية” المقدم من من عائلة بولسن لانقاذ حياته، وقد حكم على الخادمة بثلاث سنوات سجن والترحيل بسبب دورها في عملية القتل؛ أما بولسن فقد حكم عليه بأنه مذنب على أساس القتل الخطأ، لكن حكم عليه بالإعدام من قبل المحكمة الجنائية الابتدائية بالشارقة في أكتوبر 2007، وأيدت محكمة الاستئناف القرار، كما هو مقرر من قبل القانون في جميع الحالات التي يقرر فيها عقوبة الإعدام، وتم إرسال قضيته أمام المحكمة الاتحادية العليا في العاصمة في 2008؛ لكن المحكمة الاتحادية أعادت القضية مرة أخرى الى محكمة الاستئناف لاسباب فنية قانونية.
وأثناء المثول أمام المحكمة، كان بولسن يقرأ القرآن في انتظار قيام القاضي باستدعاء اسمه، وحلق رأسه وكانت لحيته مشعثة،وكان قد أصبح إماما، يؤدي صلاة الجمعة في سجن الشارقة المركزي، لكن بعدها، هرب بولسن من السجن، واستطاع التهرب من الحراس لمدة ساعة قبل أن يتم القبض عليه، أما عائلته فهي الآن على بعد آلاف الأميال، وقد سمعت زوجته وأولاده بحادث القتل قبل أيام من عودتهم إلى الإمارات؛ فذهبوا إلى ولاية كولورادو بالولايات المتحدة، حيث عاشوا منذ ذلك الحين.
لكن لم تنتهي قصة بولسن أو (شهيد) عند ذلك الحد، فيبدو أن الرجل أثناء مكوثة بالسجن قام بقراءة العديد من الكتب التي تدعو الى التشدد الإسلامي والتكفير وكراهية الآخر، بالإضافة لكونه مستعدا بالأساس لتقبل تلك النوعية من الأفكار التي دعمها إختلاطه بعدد من المتشددين والإرهابيين في سجون الإمارات.

تطور قصة بولسن مع السلفيين والإخوان المصريين

في أكتوبر 2013، أطلق سراح بولسن من السجن وحكم بترحيله بعد دفع خمس وخمسون الف دولار كـ(الدية)، فأخذ طريقه إلى تركيا، حيث بدأ في نشر آرائه التي اكتسبها في فترة سجنه، واكتسب بولسن العديد من المعجبين والمتابعين لأرائة على صفحتة بالفيسبوك؛ لكن بدأت شهرته الحقيقية عندما بدأ “محمود فتحي”، السلفي المصري المعروف بتعزيز آراء بولسن ونشرها، ومن غير الواضح كيف التقيا، لكن تقاسم الرجلين شقة معا عندما جاءا الى تركيا.

كان محمود فتحي، السلفي الثوري، مؤسس “حزب الفضيلة”، الحزب السلفي الأول الذي نشأ بعد ثورة يناير 2011، والهارب حاليا في تركيا بعد الإطاحة بالإخوان في مصر، كان في البداية مدعوما من قبل الشيوخ السلفيين في القاهرة، لكن سرعان ما تراجع الحزب بعد أن رفضه أولئك الشيوخ ونددوا بأفكاره معلنين أنها أفكار “متطرفة”؛ وفي العامين التاليين من الثورة، انجذب حزب الفضيلة نحو الأفكار المتطرفة على نحو متزايد، وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2012، أيد الحزب الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، الرجل المتشدد الذي وقف ضد المجلس العسكري وألقي القبض عليه لاحقا بسبب تزوير جنسية والدته الأمريكية في عام 2013.

وفي أعقاب الثورة الثانية في 2013، استطاع فتحي الفرار من مصر، وبدأ الدعوة للعنف ضد النظام الجديد من تركيا، والدعوة لقتل جنود وضباط الشرطة، وسرعان ما وجد فتحي وبولسن أن لديهما العديد من وجهات النظر المشتركة، وكان فتحي يتبنى الأفكار السلفية المتشددة ولديه معرفة وثيقة بالمشهد المصري، لكن، مثل معظم الإسلاميين الساخطين، كان يفتقر إلى استراتيجية التي تمكنه من اسقاط السيسي، فاستطاع بولسن أن يملأ تلك الفجوة ببعض الأفكار المتعلقة بنظرية نشر الفوضى والتحول من المعارضة للعولمة، والأهم من ذلك، جاء بولسن أيضا بالاستراتيجية المطلوبة، فاقترح مهاجمة الشركات متعددة الجنسيات، وحدد تكتيكات فعل ذلك حتى أنه قام بتوفير المعلومات اللازمة، بما في ذلك عناوين تلك الأهداف.

وجاء أول ظهور كبير لبولسن في مايو 2014 في لقاء بالفيديو على الأنترنت متحدثا حول الوضع في مصر، وتم تعريفه في الفيديو بأنه من “كبار المحللين” في شيء ما يسمى “الحملة العالمية لمكافحة العنف” (!)… وقيل أن تلك المنظمة التي بدأت في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق، كان يرأسها رجل الدين السعودي المتطرف “سفر الحوالي”، وشملت أعضائها نشطاء السلفية البارزين مثل الكويتي “حكيم المطيري”، لكن القوة الدافعة الرئيسية للمنظمة كان “عبد الرحمن النعيمي”، وهو قطري معروف كممول للإرهاب العالمي ومحدد من قبل حكومة الولايات المتحدة في 2013؛ وخلال سنوات التمرد العراقي، لعبت الحملة دورا أساسيا في تمويل الزعيم السني العراقي “حارث الضاري” والمتشددين من طائفة السنة في العراق.

وكانت رسالة بولسن للثوريين الإسلاميين في مصر بسيطة، تقول “إن برنامج الليبرالية الجديدة هو الخطر الأكبر على مصر، وبالنسبة للحركة الإسلامية، من حيث (الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى)، ينبغي أن يكون الرد عليه بالقيام بـ”حملة تعطل النظام المستهدف” وتقوم ضد الشركات متعددة الجنسيات التي من شأنها خفض الأرباح وزيادة تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في مصر، وبالتالي إجبار المصريين على سحب دعمهم للسيسي، ويعرض بولسن ذلك النموذج بصفته ينطبق ليس فقط على مصر ولكن أيضا على نضال الإسلاميين في أي أماكن أخرى.

وقد ساعد نمو صفحات بولسن على وسائل التواصل الاجتماعية وزيادة أتباعه ومتلقي رسائله في مصر ليس فقط على توفير الاستراتيجية لجماعات معينة تدعو لأشياء مثل المقاومة الشعبية و العقوبة الثورية، لكن ألهمت أفكار بولسن أيضا قيام حملة على الانترنت تسمى بـ”مؤتمر الفاشلين”، والتي تهدف إلى تخريب قمة المستثمرين أو المؤتمر الإقتصادي القادم، والذي يتم التحضير والدعوة له على نطاق واسع من قبل حكومة السيسي، وتهدف استراتيجية بولسن الى تشجيع استهداف وترهيب الشركات العالمية المقرر أن تشارك في المؤتمر.

وتترجم مقالات بولسن وأفكاره التي ينشرها على الفيسبوك بدقة إلى اللغة العربية من قبل أنصاره الذين يحرصون على نشر وتعميم رسالته، والبعض منها قد تم نشره بالفعل في موقع Arabi21 وهو الموقع الإخباري الممول من قطر. ويرى البعض أن هذا الأمر يبدو مفاجئا أن تجد أفكاره الراديكالية ونظريات المؤامرة الترحيب بين الإسلاميين المصريين، وخاصة بين جيل الشباب الذين يتخبطون بين الأفكار المزدحمة بالأيديولوجيات المتطرفة، وقد وجدت أفكار بولسن المتطرفة تأييدا ضمنيا ولكن كبيرا من قبل جماعة الإخوان في مصر، والذين استضافوه مرتين حتى الآن على قناة “مصر الآن” الإخوانية، ويتضح ذلك من عدم إدانة الإخوان لأي من الهجمات التي تمت بدافع من أفكار ونظريات وتحريض بولسن؛ ويصر بولسن على أن حملته تتجاوز معارضة ما يسميه “الانقلاب العسكري” في مصر، مؤكدا أن دعوته هي أمر حاسم وهام لإقامة المشروع الاسلامي العالمي.

كما يصر بولسن على أن مصر لديها الفرصة لريادة مسار جديد في النضال الإسلامي، كما يكتب “إن العالم كله يحتاج هذا النموذج الجديد من المواجهة ضد نظام القوة العالمي” كما يؤكد بولسن أن الإسلام هو العدو الحقيقي لهذه الإمبراطورية الليبرالية الجديدة وهيكل السلطة الشيطاني الذي يسعى للاستيلاء على أراضي المسلمين الغنية بالموارد الطبيعية. ويوضح بولسن بقوله: “إذا كان لديك أي إهتمام بإقامة النظام الإسلامي، فالشرط لذلك هو الاستقلال عن “النظام الليبرالي الجديد”، كما يوضح أن هذا النموذج الرأسمالي هو مؤامرة من قوات “الوثنية” الغادرة، والتي تنشر دين “الرأسمالية القائمة على الكفر” الذي يجب أن يقاوم من قبل المؤمنين بالتوحيد الإسلامي، كما كتب بولسن أن مصر اليوم تتعرض للغزو والإحتلال من قبل الحرب الصليبية الليبرالية الجديدة.

ويعتبر بولسن أن نظرياته في “الجهاد” تعتبر أفضل بديل الأقل عنفا والأكثر فعالية من طرق “المقاومة” الأخرى والحملات التقليدية الإرهابية، ولا يشجع بولسن أن تستهدف قوات الأمن، حيث أن هذا، كما يقول، هو “ما هم مستعدون له” !… وبدلا من ذلك يعطي بولسن تعليمات أخرى محددة، مثل رمي أشياء تشكل عقبات تحت شاحنات النقل التي تؤدي إلى شلل في توريد الضروريات، ونشر عناوين وأرقام هواتف الشركات، والقيام بالإبلاغ بوجود قنابل وهمية لتقليل كفاءة عمل تلك الشركات وكذلك تعطيل وتشتيت قوات الأمن، ويبدو ذلك غير ضار نسبيا، ومع ذلك فقد اسبغ بولسن أيضا مباركته على التفجيرات والهجمات الإرهابية، ويتخذ بولسن هيئة الشيطان الباكي وهو يحرص على التعبير عن الأسف إذا سقط بعض الأبرياء موتى، ويحث بولسن اتباعه على اتخاذ الخطوات “الاحترازية” عند مهاجمة الشركات وحرقهم (!).

وفي الوقت نفسه، نجد أن رسائل بولسن واضحة تماما في إصرارها على إحداث مواجهة لا هوادة فيها، فيقول بولسن في رسائله الشيطانية أنه إذا قام المتمردين بحرق المزارع وكذلك حرق بيت “سيد الرقيق”، فهؤلاء العبيد الذين يبقون في المنزل سوف يضطرون للبحث عن مكان آخر للعيش، ولكن هذا العمل سيحررهم كلهم، وهو ثمن قليل لفائدة عظيمة، ولكنه سعر يجب أن يدفع. وأوضح بولسن أنه يمكن للمسلمين أن يجدوا مصدر إلهام لحربهم ضد الشركات في التقاليد الخاصة بهم، ويعطي مثالا على القبيلة اليهودية التي خاضت حربها ضد المسلمون الأوائل في القرن السابع الميلادي؛ فيقول أن حرق أشجار التخيل لـ”بنو النضير” استطاع إنجاز ما لم تستطع السيوف والسهام أن تنجزه؛ والمسلمين الذين تبرر لهم الشريعة القيام بالكفاح المسلح، يجوز لهم أن يفعلوا ذلك ضد “هيمنة الشركات الغربية في بلادهم”.

وهكذا، فإن الهجوم على الامتيازات مثل مطاعم كنتاكي ” KFC” التي (خصها بولسن برسائله مرارا) هو خط المواجهة في هذه المعركة، عندما تضرب KFC، أو أي من شركاتها، فإن رسالتك تذهب مباشرة إلى قمة الهرم، وكتب بولسن، في اشارة الى المجموعات الاستثمارية التي تمتلك أسهم في الشركة الأم كنتاكي، صاحبة العلامات التجارية (يام). والتي ظهرت على صفحته بالفيسبوك عملية حرقها و كتب عليها عبارة “أعمالكم، تساوي دمائنا”… وفي حين أن فكرة استهداف الإسلاميين لمطاعم الامتيازات الوجبات السريعة قد تبدو سخيفة، فإن هذا الشكل الجديد من أشكال الإرهاب يبشر بأن يؤدي هذا الاتجاه المشؤوم إلى المزيد من القتلى في صفوف الأبرياء من المدنيين.

وتقول صحيفة فورين بوليسي أن ظهور بولسن مؤخرا كمفكر ليس صدفة، فقد تشابكت أفكاره مع أحدث النظريات الحالية ظهورا داخل الإسلام السياسي، والمعروف باسم “الثورية السلفية” والتي ظهرت لوقت طويل قبل ثورة عام 2011 في مصر، وأنشأها واحد من أوائل المجموعة الجهادية الأولى في مصر، ويدعى “رفاعي سرور”، والذي بدأ في الترويج لشكل جديد من العنف الإسلامي اندمج مع العقائد السلفية، والمبادئ الجهادية، والمنهجية الثورية؛ وأخذت أفكاره تنتشر بين شباب السلفيين الذين كانوا متحمسين للعمل ولكنهم محبطين من تفكير الزعماء الدينيين التقليديين، وخلال الثورة كثير منهم التف حول القيادة الكاريزمية لحازم صلاح أبو إسماعيل، الذي أصبح زعيم المجموعة التي رفضت أي تعاون مع الجيش خلال الفترة الانتقالية فيما بعد الثورة، والذي دعا لتطبيق الشريعة، وكانت دعوة إسماعيل تتجه نحو تحرر السلفية من أغلال المناهج والمفاهيم التقليدية؛ ونشر السلفية بين الجماهير، وخلط السلفية مع جرعة كبيرة من العدالة الاجتماعية، ومعاداة الولايات المتحدة، وقد أتت اللحظة الثورية في مصر، بحدوث اطاحة الجيش بالإخوان في يوليو 2013، وما صاحبها من أحداث في رابعة والنهضة، وتمكنت تلك الأحداث من فعل ما بدا مستحيلا، وهو حقن الفكر الثوري والمعادي للرأسمالية في الإسلام السني، وبطريقة ما، بدأ مفكري الثورة السلفية في السير على خطى “علي شريعتي”، وهو المفكر الإيراني الذي جمع في السبعينيات بين الخطاب الماركسي المناهض للاستعمار مع شكل مكثف من مفاهيم الإسلام السياسي.

وبعد وفاة رفاعي سرور ظلت السلفية الثورية دون منظر أو مفكر، في حين القي أبو إسماعيل بالسجن بعد الثورة ضد الإخوان، وقد حرمها ذلك أيضا من وجود الزعيم، فكانت الفجوة التي تركها غيابهم هائلة، وحاولت عشرات من الجماعات والأفراد ملء ذلك الفراغ، ويبدو انها وجدت بالفعل ذلك الملهم والقائد في شخص بولسن، الذي يتبنى بالفعل الشعارات الرنانة من المزيج بين الإسلام ومعاداة الرأسمالية، ويبدو أن بولسن سيكون هو “لينين الاسلامي” الذي تصادف أن يكون قاتلا لأحد أصدقاؤه !، والذي يشرف على الجنون، ومن جهة أخرى يشهد ذلك على عمق الأزمة التي يجد الإسلاميين المصريين أنفسهم فيها، والتي تظهر في استعدادهم لقبول أي مخلص يأتي بـ”خلاص جذري”… حتى لو جاء على شكل رجل فاشل بالأساس ولايتحدث اللغة العربية… لغة النبي محمد والقرآن الكريم.

 

علي الشرنوبي يكتب: أسئلة تحير شباب الإخوان ويتهرب قادة الجماعة من الإجابة عنها!

* صدور شباب وكوادر الجماعة تمتليء بالتساؤلات التي لا يجدون عليها إجابات شافية.
* الجماعة تحاول من أفعالها الحالية الخروج بصفقة تحسن من صورتها وتجيب بها عن اسئلة شبابها.
* من المفارقات، إن كلا من النظام والإخوان يرى إن تلك الاحتجاجات التي تقوم بها الجماعة مفيدة بالنسبة له.
* الهضيبي: الدرجة الحالية من الاحتجاج ترضي رغبة القيادات في المواجهة مع الحكومة مع إمكانية إيجاد حلول وسط والصلح بين الطرفين في وقت لاحق.
* وجود دعوات بالسلمية قد لا تجد لا صدى بين شباب الجماعة وقريبا قد نجد محاولات لبدء احتجاجات اكثر عنفا.

 علي الشرنوبي

مع استمرار جماعة الإخوان المسلمين في تنظيم وإطلاق المظاهرات وأعمال العنف والشغب في كافة محافظات وشوارع مصر، ومع استمرار مؤسسات الدولة المصرية من جيش وشرطة وخلافه في بذل الجهد للحفاظ على الأمن ومكافحة الأعمال والمخططات الإرهابية التي تستهدف الدولة سواء من الخارج أو الداخل، يستمر ايضا الحديث عن أسباب وأهداف ونتائج تلك الأفعال التي تقوم بها الجماعة، وهو ما يدفع الكثير من الباحثين الى محاولة تحليل وتسليط الضوء على أنشطة الجماعة في مصر وخارجها، وبالتحديد في الولايات المتحدة التي تبدو أكثر الدول إهتماما بما يجري في الشأن المصري وما يمكن أن تؤدي اليه محاولات الإخوان من الضغط على القيادة السياسية المصرية لإجبارها على قبول شروط الجماعة وإعطاءها بعض المكاسب التي تهدف لحصدها. ورغم علم الإخوان ويقينهم من إستحالة عودة المعزول مرسي، لكن على الأقل تحاول أن تنال الجماعة قطعة من الكعكة ونصيبا من الحكم، ولكي تخرج الجماعة من تلك المرحلة بصورة تشرفها وقياداتها أمام كل من قدم لها الدعم ووضع فيها الأمل الثقة سواء من مانحيها وداعميها على المستوى الدولي أو حتى بين أفرادها وشبابها الذين تبذلهم الجماعة وتلقي بهم في نيران الإشتباكات والتظاهرات والعنف التي غالبا ما يصيب شبابها حرها ولهيبها، سواء بالسجن والإعتقال أو بالإصابات وحتى بالموت والقتل جراء حملهم السلاح في وجه أجهزة الدولة ومواطنيها.

وبالنظر الى ما يشهده الواقع المصري من أفعال على يد الجماعة وتابعيها ومحاولاتهم المستمرة للضغط على الحكومة والشعب لقبول ما ليس مقبولا ولجني ما تستطيع الوصول اليه من نتائج ومكاسب، نجد أن ذلك الواقع يثير الكثير من التساؤلات والأفكار في عقل الباحثين والمتخصصين في شئون الجماعات الإسلامية وتنظيمات الإسلام السياسي من جهة، وفي عقول وقلوب شباب الجماعة وكوادرها الذين لا يعرفون ما يحمله لهم الغد، ولا يجدون إجابة تشفي صدورهم عن الأسئلة التي تعتريهم وتؤرقهم عن سبب كل ما يحدث وما هي وكيف ستكون نهايته ونتيجته، وهل يمكن أن يستمر ذلك الوضع للأبد وكيف والى ماذا سينتي ويذهب بنا وبهم.

وقد حاول الكثير من الباحثين والمحللين والمتخصصين الإجابة عن تلك التساؤلات، أو على الأقل البحث فيها ومناقشتها للخروج بأقرب ما يمكن أن يكون مقنعا وشافيا. ومن أولئك الباجثين المحلل الأمريكي ستيفن بروك المرشح لدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة تكساس عن أبحاثه في شئون وجماعات الإسلام السياسي، والذي كتب تقريرا يشرح فيه أسباب قيام الإخوان بالمظاهرات والعنف وما تهدف اليه الجماعة من كل ذلك، محاولا الوصول الى ما يجري في عقول قيادات الإخوان وما يهدفون اليه ويبحثون عنه.

ويقول بروك بداية أنه منذ خلع الرئيس محمد مرسي في عام 2013، أثار ذلك موجة من الغضب في نفوس الإخوان، والذي خرج في صورة الحشد المستمر لشباب الجماعة في المظاهرات والمسيرات المتتالية وشبه اليومية في كافة ربوع مصر، وفي هذه الظروف والحالة التي تمر بها جماعة الإخوان للمرة الأولى في تاريخها، نشأت داخلها حالة من النقاش والجدال الداخلي في أوساط الجماعة، حول مستقبل تيارات الإسلام السياسي وعلى رأسه بالطبع جماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، فإن استراتيجية الإخوان اللاحقة التي تهدف للاحتجاج في الشارع تتشابك وتتصادم أيضا مع عمليات تشكيل النظام الرسمي وتوطيده والتي يتم تنفيذها حاليا في مصر؛ ومن المفارقات، إن كلا من النظام والإخوان يرى إن تلك الاحتجاجات التي تقوم بها الجماعة مفيدة بالنسبة له، وذلك لإحتمالية فائدتها في حل القضايا المتعلقة والتي قد تمتد إلى مرحلة ما بعد المواجهة الحالية بين النظام والإخوان. فمن جهة الإخوان، نرى أن التركيز على استمرار الاحتجاجات المطالبة بعودة مرسي يساعد الجماعة في الحفاظ على وحدتها وتفادى المناقشات الداخلية الصعبة التي قد تنشأ بين القيادات والكوادر الأقل ترتيبا. ومن جهة أخرى، فإن النظام يستغل تعبئة الإخوان لعناصرهم في الشارع ونشاط المجتمع المدني لتبرير التدخلات وربما بعض التجاوزات والتدخلات التي قد تتسم بالعنف في حياة المواطنين المصريين. وفي ظل هذه الممارسات العملية، فإن هذه الجهود تهدف لترسيخ وتثبيت وجود دولة بوليسية أكثر عمقا وثباتا من تلك التي قامت ضدها ثورات الربيع العربي.

ويرى بروك أنه ورغم مرور عام نصف على الإطاحة بمرسي، لم تظهر جماعة الإخوان أي بوادر تذكر على التخلي عن استراتيجيتهم التي تهدف لاستمرار الاحتجاجات والمظاهرات اليومية، والحقيقة أن إصرارهم الغريب على إعادة مرسي والعودة إلى النظام السياسي الساري قبل 3 يوليو هو أمر بالفعل محير، فبالنظر إلى أن هذه المطالب هي غير مقبولة وغير واضحة بالنسبة للنظام الحالي في مصر، فإنه من غير الواضح ما إذا كان هناك بديل أفضل للإخوان عن تلك المطالب، سواء من حيث السماح للإخوان بجني المكاسب الناتجة عن الصراع المستمر مع النظام أو من حيث حل التناقضات والمشاكل الداخلية في الجماعة، ويبدو أن إستمرار تلك الاحتجاجات والتظاهرات هو أفضل ما لديهم من الخيارات حاليا.
فمهما كانت الاستراتيجية الأولية والأسباب الكامنة وراء اعتماد الإخوان للاحتجاج في الشارع كوسيلة للتعبير عن سخطهم والإعلان عن وجودهم، فإن ذلك النشاط يمكن أن ينتج عنه سلسلة من الفوائد الإيجابية بالنسبة للجماعة؛ فمن حيث علاقتها مع الحكومة المصرية، فطالما استمرت جماعة الإخوان في الحفاظ على المسيرات والاعتصامات وغيرها من الأحداث، فإنها تحتفظ باحتمال إيجاد صفقة وإتفاق بين الطرفين في نهاية المطاف. فمن خلال إظهار قوة الجماعة وتماسكها، يسعى الإخوان لإقناع النظام أنها يجب أن تؤخذ على محمل الجد وعلى قدم المساواة، إلى أن يتم التفاوض معهم بدلا من معاملتهم كأقلية يمكن إبادتهم. وعلاوة على ذلك، فطالما أن الإخوان ينشطون بشكل صاخب في الشارع، فأنهم يعملون على تسليط الضوء على النظام (ومؤيديه في الغرب) وإظهار سخافة الزعم برغبته في التحول الديمقراطي.

وبناءا على كلام المحلل الأمريكي نجد أنه ومن حيث الديناميات وطريقة العمل الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين، فإن استمرارها في القيام بتلك النشاطات المحفوفة بالمخاطر هو أمر يزيد ويرفع من المعنويات، ويحافظ على الصلات القوية بين أعضائها، ويعمق من الشعور بأهمية ووحدة أهداف الجماعة ونشاطاتها. وعلاوة على ذلك، فإن استمرار الاحتجاجات يقدم لأفراد الجماعة “أفضل إجابة” على صعيد إدارة الصراع الداخلي؛ فكما قال إبراهيم الهضيبي، إن قادة الجماعة تميل للمواجهة مع النظام الذي ارتكب أعمال العنف ضد مواطنيه، وهذه القيادة، في الوقت نفسه، لا يمكن أن تسمح لاستراتيجية الجماعة بالتحول إلى مواجهة عنيفة تخرج عن السيطرة؛ فالدرجة الحالية من استراتيجية الاحتجاج ترضي، على الأقل في الوقت الحاضر، رغبة القيادات في القيام بالنشاطات في الشارع والمواجهة مع الحكومة، مع الحفاظ على إمكانية إيجاد حلول وسطية والصلح بين الطرفين في وقت لاحق.

والواقع أن السؤال المطروح حاليا، يتعلق بالمسار المستقبلي للإخوان، ففي حين يبدو أن التوازن الحالي يبدو مستقر نوعا ما، ربما نجد في المستقبل القريب أن هناك مجموعات من الأعضاء تحاول الذهاب بإتجاه إجداث حراك أكثر عنفا، وبعبارة أخرى، فإن وجود دعوات رسمية للجماعة بالمقاومة غير العنيفة قد لا تجد لها صدى بين هؤلاء الأخوة من الشباب الأصغر سنا والأكثر حماسا في الخطوط الأمامية، خاصة هؤلاء الذين يتلقوا الصدمات الأولى لحملات القمع التي تقوم بها الأجهزة الأمنية.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن هناك على الأقل ثلاث حجج قوية للإجابة على التساؤل عن سبب قيام الجماعة في نهاية المطاف بالاندماج في العملية السياسية المصرية.
وربما تكون الإجابة على تلك التساؤلات بالتالي… أولا، لقد بذلت الجماعة قدرا هائلا من الطاقة الفكرية في المنافسة السياسية، ومن المرجح أن تجد صعوبة في إيجاد طرق جديدة للمشاركة المجتمعية دون الإنخراط في العملية الانتخابية. ثانيا، من وجهة نظر النظام، فإن وجود سيناريو يقول بمشاركة الإخوان في الانتخابات مع عدم قدرتهم –أو عدم قيامهم– بالمنافسة سيكون امراغير واقعيا. وأخيرا، فإن النظام يقوم باستمرار بتقليل خيارات الإخوان وقدرتهم على تبني أشكال بديلة للنضال، فعلى سبيل المثال، كانت هناك توقعات بأن مستقبل جماعة الإخوان يكمن في إعادة تشكيل نفسها كجمعية اجتماعية أو دينية أو خيرية، وأن تتراجع لتبقى بعيدا عن سيطرة النظام… ومع ذلك، فمن غير الواضح وجود أي إحتمال بالتراجع لدى للجماعة. وقد استهدف النظام بالفعل المرافق الطبية للجماعة، والمدارس والجمعيات الأهلية. وبالإضافة إلى ذلك، تم تجميد أموال رجال الأعمال الإخوان البارزين. والآن أصبحت تلك المدارس والمرافق الطبية والجمعيات الأهلية وشبكات المشاريع الإخوانية تحت سيطرة النظام، مما قلل كثيرا من قدرة الإخوان على استخدام تلك النشاطات للوصول إلى شرائح المجتمع المصري.

وقد توسعت جهود النظام المصري في السيطرة على الإخوان لتصل الى مراقبة ورصد المواقع التي كانت تتيح مجالا للقيام بالنشاطات المستقلة في الماضي. ويقول بروك أن أفضل وصف لهذه العملية أنها بمثابة “إعادة خصخصة”، كما يتشابه ما يقوم به النظام الحالي مع ما حدث في عصر جمال عبد الناصر، والذي قام بعمليات تضييق وحصار للجماعة أخذت تضعف وتتغير مع الوقت. مثال إصدار قانون الجامعات الجديد الذي يبيح تشديد رقابة النظام على النشاطات التي تتم في الجامعات، وكذلك ما تم داخل المؤسسات الدينية في مصر، حيث أصدرت وزارة الأوقاف بعض القرارات الإدارية التي تتيح تحويل بعض الأئمة للتحقيقات أو وقفهم أو رفدهم إذا ما ثبت تحريضهم على العنف، كما إتخذت الوزارة، خطوات أخرى مثل توحيد موضوع خطبة الجمعة ووضع جميع المساجد تحت السيطرة الإدارية للوزارة، وهي محاولات أخرى للحد من قدرة الجماعة على القيام بنشاطاتها.

فمن الواضح أن استراتيجية الإخوان الحالية مرهونة بعمليات تشكيل النظام وتوطيدة والتي تجري حاليا في مصر. ومع ذلك، فمن المهم ألا يغيب عن بالنا كيف ولماذا يبدو في إستمرار الوضع الراهن فائدة لكلا الطرفين. فبالنسبة للنظام، نجد أن استمرار وجود حركة احتجاج حيوية وواسعة من الإخوان يخلق فرصا متعددة لاستخدام العنف من جانب السلطة؛ لكن هناك بالفعل مخاوف واقعية من ألا يستهدف هذا العنف جماعة الإخوان وحدها، بل يتوجه الى نطاق واسع من أجل تشكيل علاقة خاصة بين الدولة والمجتمع، والنظام يكمل هذا العنف من خلال تنشيط العلاقات والمصالح الخاصة في مجال المؤسسات الدينية والمنظمات غير الحكومية، وبالنسبة للإخوان، فليس فقط استمرارهم كمعارضة للحكومة الحالية يضعهم تحت ضغط مستمر من النظام؛ لكنه يسمح أيضا للجماعة بالهروب من الإجابة على الأسئلة الأكثر إيلاما وصعوبة عن الجماعة وأهدافها في المستقبل. ففي الوقت الحالي، يبدو أن هذه االحالة عموما احتفظت للجماعة بإمكانية تعبئة شبابها، وطالما أنها لا تزال باقية، فإن جماعة الإخوان ستكون قادرة على مواجهة التغييرات التي تواجهها، سواء كانت بدفعها نحو التسييس أو الانشقاق عنها أو أي أشكال أخرى من التغيير، سواء تغيير يأخذها ناحية الدين الإسلامي أم لا، أو حتى تجاه العنف والإرهاب.