علي الشرنوبي يكتب: السودان.. العدو الخفي الذي يقود حرب الإرهابيين على مصر

  • > منذ الإطاحة بمرسي ومحاولات الإخوان لا تتوقف للهرب الى السودان.. وأجهزة الأمن توقف قطامش وبشر وياسر علي وقنديل والبيلي على الحدود.st.bashir.jpg_-1_-1
    > المخابرات الكندية: الحكومة السودانية تستخرج جوازات سفر “دبلوماسية” للإرهابيين لتبيح لهم السفر حول العالم دون قيود بالإتفاق مع بن لادن والظواهري ومؤخرا أصدروا جوازات سفر لقيادات الإخوان الهاربين من مصر.
    > حركة تمرد السودانية: السودان يتلقى الأسلحة الإيرانية لتهريبها الى مصر وليبيا وأفريقيا مقابل إمداده بالسلاح وتوفير استثمارات ايرانية ضخمة.
    > CIA ترسل طائرة لتقل رئيس المخابرات السودانية “قوش” إلى واشنطن حاملاً معه معلومات عن كل جهادي زار الخرطوم منذ تولي البشير والمخابرات الأمريكية تعتقل وتقتل أغلب من وردت أسماءهم بملفات “قوش” من الإسلاميين.
    > بن لادن يساهم بخمسين مليون دولار في بنك الشمال السوداني بعلم البشير والبنك يستمر في تحويل الأموال لأتباع القاعدة حتى بعد هجمات 9-11.

منذ سنوات عديدة، تحاول القيادة السودانية برئاسة عمر البشير تحويل ذلك البلد المسالم أهله الى مأوى ومستقر للإرهابيين الذين يتوافدون عليه من جميع أنحاء العالم، ليجدوا فيه الملاذ الآمن هربا من مطاردة أجهزة الأمن في البلاد التي يقومون فيها بعملياتهم الإرهابية والقتل والتدمير والخراب ونشر الرعب بين الأبرياء، وقد أصبح للسودان تاريخ طويل في دعم الإرهابيين منذ الثمانينات وحتى الآن، منذ أن قدمت حكومة البشير الملاذ الأمن لأشهر الإرهابيين في التاريخ بدءا من الإرهابي الأشهر سانشيز راميريز الشهير بـ”كارلوس” المطلوب على كافة لوائح الإرهاب في معظم دول العالم والذي سلمته السودان لفرنسا سنة 1994 بناءا على صفقة غامضة بين حسن الترابي وبين المخابرات الأمريكية والفرنسية عبر وسطاء خليجيين بعد أن حقنوه بمادة مخدرة في أحد المنازل بالخرطوم، ووصولا الى استقبال الشيخ الراحل أسامة بن لادن وتقديم كافة انواع المساعدات والدعم له ولأتباعة وتخصيص مساحة هائلة ليقيم عليها بن لادن المعسكرات التدريبية للميليشيات الإرهابية التي توافدت للخرطوم لحاقا بسيدها بن لادن، قبل أن يغادر الى أفغانستان ويبقى هناك في حماية طالبان؟.. فضلا عن انتماء الرئيس عمر البشير نفسه ومعظم وزراءه الى تنظيم الإخوان المسلمين، وتقديمه كافة السبل لدعمهم وحمايتهم وكأن الخرطوم هي العاصمة الرسمية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

وبعد قيام المصريين بالثورة على الإخوان والإطاحة بهم ووضع تنظيمهم على رأس التنظيمات الإرهابية، وبعد ملاحقة أفراد التنظيم واعتقال الكثير من قياداته وفرار الآخرين، حاول عدد كبير من قيادات الجماعة وأعضائها الهرب الى السودان للتمتع بحماية البشير ودعمه المطلق للجماعة، وهو ما تم كشفه في عدد كبير من التقارير سواء المصرية أم الأجنبية، ومنها تقارير استخباراتية خرجت الشهر الماضي لتؤكد بأن قادة جماعة الإخوان المسلمين أقاموا لهم ملاذاً آمناً في السودان، وبالمثل أوردت صحيفة “وورلد تريبيون” الأمريكية عن مصادر أمنية مصرية قولها إن القيادات العسكرية والسياسية لجماعة الإخوان بدأت تتجه صوب السودان بعد تضييق المخارج الأخرى على الحدود الشرقية والغربية وصعوبة إختراق التشديدات الأمنية عليها، كما افادت المصادر إن الجماعة نجحت بالفعل في إقامة ملاذ آمن يسمح باستيعاب المئات من كبار عناصر الجماعة المطلوب القبض عليهم في مصر، وأنه تم بالفعل إلقاء القبض على 7 من قيادات الإخوان في يناير الماضي يحاولون عبور الحدود المصرية مع السودان، وأن بعض الذين ألقي القبض عليهم كانوا مساعدين بارزين للرئيس المخلوع محمد مرسي.

وقد أكدت مراكز الأبحاث المصرية والعربية أن الاخوان يحاولون نقل نشاطهم جنوبا وإنشاء مقر دائم لهم بالخرطوم عاصمة السودان، كما أكدت أجهزة الأمن المصرية أنها رصدت تحركات مريبة وغير شرعية من عناصر تابعة لتنظيم الإخوان لعبور الحدود بين مصر والسودان بشكل متصاعد، ومرة أخرى جاء تأكيد المتحدث باسم القوات المسلحة، إن قوات حرس الحدود تمكنت من إلقاء القبض على خمسة أفراد تابعين لجماعة الإخوان أثناء محاولتهم للهروب عبر الحدود المصرية السودانية في فبراير الماضي، ومنهم الإرهابي عادل قطامش وكذلك نائب محافظ شمال سيناء السابق القيادي بالجماعة، وأنهم تم ضبطهم أثناء استقلالهم سيارتين بصحبة سودانيين، وبحوزتهم عدد كبير من الأسلحة والأموال المهربة، وفي يناير الماضي ايضا، كشفت مصادر أمنية أن د. محمد علي بشر، عضو مجلس شورى تنظيم الإخوان، ود. ياسر علي، المتحدث السابق بإسم مرسي هربا إلى السودان ليلحقا بالدكتور عمرو دراج، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، كما قالت المصادر إن قيادات التنظيم الدولي للإخوان كلفت سوار الذهب، رئيس مجلس أمناء الدعوة الإسلامية بالسودان، بمساعدة بشر وعلي في استخراج جوازات سفر “سودانية”، لتسهيل سفرهما إلى تركيا أو قطر، كما يذكر أن قوات الأمن كانت قد القت القبض على د. هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء في عهد مرسي، ومعه د. أحمد البيلي محافظ الغربية السابق، وهما يحاولان الهرب إلى السودان.

ومن جانب آخر فقد شهد شاهد من أهلها، وقال علاء الدين عبد الرحمن، زعيم حركة “تمرد” السودانية، أن الرئيس السوداني عمر البشير يستضيف الأعضاء الهاربون من الإخوان الذين فروا من مصر؛ كما أكد أن السودان أصبح طريقا لتهريب الأسلحة إلى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأن هناك ترسانات من الأسلحة التي يتم تمويلها من إيران لحساب الإخوان، وأن النظام السوداني لديه علاقات قوية مع إيران ويقوم بدور الموزع للأسلحة الإيرانية التي تأتي في سفن لترسو في المواني السودانية ثم يتم تهريبها الى مصر وليبيا ودول الجوار الأفريقي، مقابل إمداد السودان بالسلاح وتوفير استثمارات ايرانية ضخمة به.

وتوثيقا لكل تلك الشواهد وغيرها، قام د. اريك ريفز البروفيسور بكلية سميث نورثهامبتون، بوضع كتابه الأخير الذي يشتمل على دراسه مطولة لعلاقة السودان بالإرهاب تحت عنوان (المساومة مع الشر: التاريخ الأكبر للسودان).

ويقول د. اريك ريفز في كتابه أن الولايات المتحدة تقود الحرب العالمية ضد الارهاب، وقد صنفت أمريكا السودان بين الدول الأكبر دعما للإرهاب، لكن ورغم وجود أدلة وافرة عن أنشطة الخرطوم الإرهابية داخل البلاد وخارجها، فإن الولايات المتحدة تعامل النظام السوداني كحليف عزيز !.

فعلى سبيل المثال، كانت وكالة الاستخبارات المركزية متلهفة لتحسين العلاقات مع نظام الخرطوم في عام 2005، فقررت وكالة الاستخبارات المركزية إرسال أعضائها على متن طائرة خاصة للقاء اللواء “عبد الله صالح قوش” رئيس المخابرات السودانية، والأهم من ذلك، أنه كان المشرف على وجود أسامة بن لادن خلال الفترة التي قضاها في الخرطوم خلال 1992- 1996، وهي السنوات التكوينية الأولى لتنظيم القاعدة، ولم يكن يهم وكالة الإستخبارات أن قوش كانت يداه ملطخة بدماء المعتقلين السياسيين والمعارضين للنظام السوداني برئاسة البشير، كما لم تهتم وكالة الإستخبارات بأنه كان له دور أساسي في تنفيذ حملة الإبادة الجماعية في دارفور، رغم أنها كانت في أوجها، فكل ما كان يهم هو انه لديه معلومات تريدها وكالة الاستخبارات المركزية، وكان الثمن الذي يتعين دفعه هو رحلة للرجل إلى واشنطن. وأرسلت السي آي اى طائرة خاصة من واشنطن لتقل رئيس المخابرات السودانية عبد الله “قوش” من الخرطوم إلى واشنطن حاملاً معه كراسات عديدة من المخابرات عن كل أجنبي جهادي زار الخرطوم منذ تولي الإنقاذ دفة الحكم، وقد اعتقلت المخابرات الأمريكية أو قتلت أغلب الذين احتوت أسماءهم ملفات “قوش” من الإسلاميين.

وفي تحقيق صحفي مميز لصحيفة لوس انجليس تايمز، كشفت عن موقف وأداء أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عهد بوش الإبن، فعلى الرغم من تأكيد الرئيس بوش في 2005 للجان تقصي الحقائق بحدوث حملات الإبادة الجماعية من جانب الخرطوم في دارفور، ورغم أعلان ذلك لأول مرة في 2004 على لسان وزير الخارجية السابق كولن باول، إلا أن وكالة المخابرات المركزية قامت “بفخر” بإيصال صالح قوش إلى واشنطن، ووسط حالة من الجدل الكبير حول سبب ومضمون هذه الزيارة بالنسبة لإدارة جورج بوش الإبن، وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز إن وكالة المخابرات المركزية ومسئولي المخابرات السودانية قد التقيا بانتظام على مدى السنوات الماضية، لكن قوش كان يريد تلقي دعوة رسمية من واشنطن تقديرا لجهود حكومته، وكانت وكالة الاستخبارات المركزية تتمنى أن تتكتم على تلك الشراكة وأن تمدد الدعوة، وكان رأي الوكالة أن السودان يساعد أمريكا في حربها على الإرهاب وأنها فخورة لإستقبال رئيس المخابرات السودانية !.

ويقول ريفز أن هذه الزيارة – بالطبع- أعطت الخرطوم انطباعا باستعداد واشنطن لدعوة رجل متواطئ ليس فقط في وفاة مئات الآلاف من سكان دارفور، لكن مسؤولا بالنظام السوداني مسؤولية مباشرة عن عشرات الآلاف من حالات الاختفاء والإعدام والتعذيب الوحشي والاعتقالات السياسية، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

وقد أثارت تلك الزيارة لغطا كبيرا في واشنطن، وأرسل 11 عضوا من الكونجرس رسائل إلى بوش تتهم قوش بكونه المهندس الرئيسي للعنف في دارفور، وحدد الأعضاء 21 شخص من قادة الميليشيات الحكومية السودانية المسؤولة عن تلك الجرائم، ودعوا إدارة بوش لتجميد أصولهم ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، وكان قوش رقم 2 في القائمة بعد الرئيس عمر البشير.

ويشير ريفز الى التشابه بين هذا الموقف الساخر نحو السودان باعتباره “شريكا مهما” في الحرب على الإرهاب، وبين موقف إدارة أوباما، لكن من حيث الخداع وتزييف الحقائق، فإن إدارة أوباما قد تفوقت على إدارة بوش وقدمت المثال الأكثر وضوحا بإرسال المبعوث الخاص السابق للسودان “سكوت جريشن”، ففي شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعد فترة وجيزة من تعيينه لهذه المهمة الدبلوماسية، سئل جريشن عن السودان ودعمه للإرهاب الدولي، وكان رده مثال على الكذب أو الجهل، فقال جريشن: ليس هناك أدلة لدينا تدعم وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فهو قرار سياسي (!).

ويقول ريفز أن هذه الشهادة شكلت صدمة للجميع، ودعونا نتفحص هذا الادعاء بعمق ونرى السجل التاريخي لدعم الخرطوم للإرهاب الدولي… ففي الآونة الأخيرة، ذكرت إسرائيل أنه في 5 مارس 2014 ضبطت سفينة شحن ترفع علم بنما، بقيادة قبطان تركي، بينما كانت تقترب من ميناء بورسودان على البحر الأحمر، وكانت السفينة KLOS –Cإيرانية، وكانت هناك صواريخ مخبأة تحت اكياس الاسمنت، بينما وجدت أيضا العشرات من صواريخ M- 302 السورية، وكانت من النسخة الأكثر تطورا من هذا النظام الصاروخي، برأس حربي كبير جدا تصل مداها لنحو 100 كيلومترا.

كانت الصواريخ قد أتت أصلا من سوريا وتم تسليمها إلى إيران ليتم نقلها برا من ميناء بورسودان عبر مصر إلى غزة لتصل الى حماس التي تحاول ايران اصلاح العلاقات معها، أو الى تنظيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وهو وكيل إيران في غزة، والإثنين يتم تصنيفهما كحركات إرهابية من قبل الولايات المتحدة وعدد آخر من الدول، والجدير بالذكر أن حماس لديها مقر دائم في الخرطوم، وكان ذلك المقر مقاما ونشطا عندما قال جريشن أن تعيين الخرطوم باعتبارها راعية للإرهاب كان مجرد “قرار سياسي”.

ويضيف ريفز أن هناك قدرا كبيرا آخر من الأدلة على أن الخرطوم متواطئة في محاولات لتهريب الأسلحة إلى غزة عبر مصر لسنوات عديدة، لكن إذا نظرنا إلى أبعد من ذلك، إلى تلك السنوات بعد أن غادر بن لادن السودان إلى أفغانستان، فإن هناك أيضا قدرا كبيرا من التفاصيل حول دعم الخرطوم المستمر للإرهاب، وقد تم تسريب قدر كبير من هذه المعلومات في وثائق ويكيليكس التي كان من المفترض أن تكون آمنة وسرية تماما.

وينبغي أن نلاحظ أولا أن تقييم وزارة الخارجية للإرهاب الدولي في أغسطس 2010 وجد أن هناك الكثير من العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، فضلا عن عناصر من حركتي الجهاد الإسلامي في فلسطين وحماس، يتواجدون في السودان في العام – 2009 وهو العام نفسه الذي ادلى فيه جريشن بشهادته الكاذبة، وكان الخرطوم بالطبع على علم وقبول بهذا الوجود، وعلاوة على ذلك، عرفت المخابرات الأمريكية في مارس 2009 ان السودان كان له دورا كبيرا في توريد الأسلحة الإيرانية لحماس في غزة، وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية في ديسمبر 2010 بناءا على برقيات وزارة الخارجية المأخوذة من وثائق ويكيليكس في شهري يناير ومارس 2009، أن السودان قد حذرته الولايات المتحدة في يناير 2009 بعدم السماح بتسليم أسلحة إيرانية غير محددة كان من المتوقع تمريرها إلى حماس في قطاع غزة في وقت قريب من الهجوم الاسرائيلي المسمى بعملية “الرصاص المصبوب”، والذي قتل فيه 400 فلسطيني في ديسمبر 2010. وصدرت تعليمات للدبلوماسيين أميركيين بالتعبير عن “قلق استثنائي وكبير” للمسؤولين في الخرطوم، لكن تلك التحذيرات ذهبت أدراج الرياح.

وأضافت الجارديان في تقريرها أنه في مارس 2009، أبلغت الولايات المتحدة كلا من الأردن ومصر عن خطط إيرانية جديدة لشحن سفينة على متنها شحنة من “معدات عسكرية قاتلة” إلى سوريا، مع نقلها إلى السودان ثم إلى حماس. ولم تشير التسريبات الى ما حدث بالنسبة لهذه الـ”معدات عسكرية قاتلة”… لكن تم اعتبار أن حماس منظمة ارهابية ليس فقط من جانب الولايات المتحدة ولكن أيضا من جانب كندا، والاتحاد الأوروبي، واليابان.

وعلى الجانب الآخر، فبعد شهادة جريشن الكاذبة في يوليو 2009 التي إدعى فيها أن ليس هناك “أي دليل في مجتمع الاستخبارات لدينا ان الخرطوم تدعم الإرهاب”… وبعد فترة وجيزة من شهادته تلك، كذب جريشن كذبة كبيرة مفضوحة على سكان دارفور في مقابلة مع راديو “دابنجا”، مدعيا أنه لم يقول أو يقترح قط أن السودان يمكن إزالته من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب الدولي !… ولا أنه قال أن وجود السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب هو مجرد “قرار سياسي” لا يوجد ما يدعمه في مجتمع الإستخبارات الأمريكي (!).

ويبدو أن أكاذيب الاستخبارات قد قامت بتغيير شهادات الرئيس أوباما نفسه، ففي أبريل 2008 أعرب “المرشح الرئاسي” باراك أوباما عن قلقه العميق من أن ادارة بوش تبرم صفقة “غير لائقة” مع نظام الخرطوم كوسيلة لتعزيز العلاقات المشتركة، وقال أوباما وقتها: هذه المبادرة المتهورة والساذجة ستكون مكافأة لنظام السودان الذي لا يستطيع تنفيذ التزاماته، وأضاف اوباما انه لا يمكن إزالة أي بلد من قائمة الدول الراعية للارهاب دون وجود دليل قاطع بأن تلك الحكومة لا تدعم المنظمات الإرهابية… لكن وبالطبع، هناك تفاوت هائل بين هذا الخطاب والواقع خلال السنوات الخمس الماضية من حكم أوباما.

ويشير ريفز أننا إذا نظرنا إلى الماضي السوداني، سنجد أن هذه الأفعال هي نمط سوداني معتاد… ففي الأيام التي تلت هجمات 11- 9 بنيويورك، خرج عدد من التقارير التي تكشف أن رحيل بن لادن المفاجيء الى أفغانستان لم ينه علاقته مع نظام البشير، فعلى سبيل المثال، أكدت وكالات بوسطن جلوب وCNN ورويترز على استمرار دور بنك الشمال السوداني في تمويل حملة أسامة بن لادن الإرهابية ضد الولايات المتحدة، كما قدم الحزب الحاكم السوداني لبن لادن العديد من الفرص المربحة ليس فقط في القطاع المصرفي، لكن ايضا في مجالات الزراعة والبناء، كما واصل بن لادن تلقي دعما واسع النطاق من الخرطوم بعد رحيله لأفغانستان. وقد كتبت صحيفة بوسطن جلوب أن بن لادن تمكن من استخدام بنك الشمال للوصول إلى بنوك الولايات المتحدة، ومن ذلك قيامه بتحويل 250.000 دولار الى أحد أتباعه في تكساس، والذي استخدم المال لشراء طائرة خاصة لبن لادن.

ووفقا لشبكة CNN في سبتمبر 2001، قدم بن لادن 50 مليون دولار للمساهمة في رأس المال لبنك الشمال، وبالطبع لا يمكن تصديق أن نظام البشير لم يكن على علم تام بهذا الوجود المالي الكبير في نظامه المصرفي. كما نقلت صحيفة بوسطن جلوب في تقريرها عن السنوات التي كان بن لادن متواجدا فعلا في السودان عن مسؤولون أمريكيون أن بن لادن كان يسيطر على بعض أكبر الشركات التجارية في السودان، وذلك لتوفير المال والغطاء الشرعي للأنشطة الإرهابية هناك، ويكشف تقرير بوسطن جلوب، أن شركات بن لادن وفي صفقة واحدة، أرسلت حمولة من السكر من السودان إلى أفغانستان، لكن في رحلة عودتها، تم تحميل طائرة شحن مستأجرة من الخطوط الجوية السودانية بصواريخ ستينجر وصواريخ ميلان.

علاوة على ذلك، لم يغادر تنظيم القاعدة بالكامل الخرطوم والسودان، حتى بعد رحيل بن لادن، فقد أعلن تقرير وزارة الخارجية الامريكية بشكل قاطع أن في عام 2000، استمر استخدام السودان كملاذ آمن من جانب أعضاء الجماعات الإرهابية المختلفة، بما في ذلك المقربين من تنظيم القاعدة والشيخ أسامة بن لادن.

ومن جانبه، كشف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في أعقاب هجمات 9/11 على نيويورك وواشنطن، أنه منذ عام 1989، أنشأ أسامة بن لادن سلسلة من الشركات (السودانية) لتوفير الدخل لتنظيم القاعدة، وتوفير الغطاء لشراء المتفجرات والأسلحة والمواد الكيميائية، و لسفر عناصر القاعدة، وأكد بلير في تقريره للبرلمان البريطاني، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إكتشف أن “محمد عطا”، المصري الذي قاد واحدة من الطائرات التي إصطدمت بمركز التجارة العالمي، قام بتحويل أموال للمسئول المالي لبن لادن في السودان، وهو الشيخ “سعيد المصري”، والمعروف أيضا باسم “مصطفى محمد أحمد”، عشية الهجمات الإرهابية، وكان الشيخ سعيد أو “مصطفى محمد أحمد” يسيطر على الشبكة المالية لبن لادن في السودان من خلال شركة تدعى طابا للاستثمارات، وكان يستخدم الأرباح التي تأتيه من البنوك السودانية والشركات لتمويل وتدريب الإرهابيين.

كما ذكرت وكالة اسوشيتد برس الإخبارية ان شخصا آخر يدعى “علي محمد”، والذي أقر بأنه مذنب في التآمر في تفجيرات السفارة الواقعة في شرق افريقيا عام 1998، قال أنه قام بعمل الترتببات الأمنية لعقد اجتماع في السودان بين حسن نصر الله رئيس تنظيم حزب الله والشيخ أسامة بن لادن، أن حزب الله قام بتدريب عناصر القاعدة والجهاد الإسلامي الفلسطيني على استخدام المتفجرات، بينما زودت إيران تنظيم “الجهاد المصري” بالأسلحة وقامت من خلال حزب الله بتوريد المتفجرات مع تغيير شكلها لتبدو وكأنها صخور!.

كما أكد صحيفة واشنطن بوست في 2001 أن عشرات الملايين من مبلغ الـ100 مليون دولار التي قدمها بن لادن لطالبان منذ وصوله إلى أفغانستان قادما من السودان في عام 1996، تم تحويلها مباشرة إلى الكيانات التابعة لبن لادن من خلال الخدمات المصرفية والتحويلات الأخرى، وقد شملت هذه التحويلات شركة “طابا” للاستثمارات وبنك “الشمال” في الخرطوم، والذي حصل على 50 مليون دولار كبداية في رأس المال من بن لادن عندما كان في السودان. وكانت واشنطن بوست قد ذكرت في وقت سابق أن “عدلي العطار”، وهو جراح يبلغ من العمر53 عاما، اجتمع بشكل منفصل مع كل من محمد عطا وممدوح محمود سالم، والأخير هو المشرف على أحد مصادر تمويل تنظيم القاعدة، وكان العطار يسافر كثيرا بين ألمانيا والسودان.

ربما كان التقرير الأكثر صدمة ووضوحا هو ما نُشر في 2001، في صحيفة ناشيونال بوست نقلا عن وثائق من جهاز الاستخبارات الكندي، ويؤكد التقرير اتفاق القادة السودانيين في عام 1998 على استخدام موظفي السفارة السودانية في نيويورك ولندن وروما لجمع الأموال لحساب أسامة بن لادن، وذلك وفقا لوثائق من المخابرات الأمنية الكندية (CSIS).

كما أكدت الوثائق التي رفعت الى المحكمة الاتحادية، موافقة السلطات السودانية على إصدار أوراق اعتماد “دبلوماسية” للإرهابيين من أتباع بن لادن، للسماح لهم بالسفر دون قيود في جميع أنحاء العالم، وأشارت المخابرات الكندية أن ذلك الإتفاق تم وضعه بين زعماء السودان الاسلاميين وبين كبار مساعدي بن لادن والدكتور أيمن الظواهري.

وبعد أن أفرد الدكتور ريفز كل هذه الأدلة الي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تورط الخرطوم وقيادتها في دعم وحماية وتمويل الجماعات الإرهابية المتطرفة سواء قديما أو حاليا، يطرح د. ريفز سؤالا مهما وهو: هل فعلا تغيرت حكومة الخرطوم فعلا وتوقفت عن دعم الإرهابيين؟

ويقول ريفز أنه للإجابة عن ذلك السؤال يجب أن نفهم المنطلق الفكري الذي تؤمن به القيادة السودانية الحالية والتي تبرر بموجبه دعمها للإرهاب بكافة أنواع الدعم، وهو نفس الفكر المتشدد الذي كان يتبعه بن لادن حين لم يكن يميز بين الأمريكيين المدنيين المسالمين وبين الجنود الأمريكيين، فهو قد أعلن القتال ضد المدنيين الأمريكيين، وقال أن كل رجل أمريكي – أو إمرأة- هو عدوي ويحارب ضدي، حتى لو كان ذلك من خلال “دفع الضرائب” !… وهو الموقف نفسه الذي يسيطر على عقول القيادة السودانية ويبرر لها التورط في قتل المدنيين ودعم الإرهابيين في كل مكان.

One thought on “علي الشرنوبي يكتب: السودان.. العدو الخفي الذي يقود حرب الإرهابيين على مصر

Leave a comment