العائلة المالكة بالسعودية

يبدو أن تأثير جماعة الإخوان المسلمين لم يعد يقتصر فقط على مصر أو الدول العربية، وإنما تعدى الإهتمام بهم تلك المنطقة ليمتد الى الجامعات ومراكز البحث الأمريكية، التي أصبحت في حيرة من تلك الجماعة، فلا يجمع الباحثين هناك على كونها جماعة سياسية سلمية أم أنها تنظيم إرهابي محظور، ولم يعد أحد يعلم هل يمكن قبول تلك الجماعة كممثل عن تيار الإسلام السياسي كجماعة وسطية معتدلة ومنفتحة على الآخر، أم أنها تتخذ من تلك الشعارات واجهة وقناع يخفي من تحته وجهها الحقيقي القبيح والذي يتخذ من العنف وسيلة ومنهج وأقصر الطرق لتحقيق أهدافها ومآربها وإخافة منافسيها وإزاحتهم عن طريقها.

وربما كان مستقبل تلك الجماعة بعد الأحداث التي شهدتها في الأعوام القليلة الماضية والتي لاتزال أصدائها تتردد حتى الآن هو أكثر ما يحير الجميع، سواء المراقبين والمحللين للجماعة، أو حتى لأعضائها ومريديها وشبابها قبل قياداتها، ولايقتصر البحث في مستقبل الجماعة على بلدها الأصلي ومقر قيادتها ومرشدها الذين يقبعون حاليا خلف أسوار السجون، لكن وبما أن الجماعة تتواجد في أكثر من 80 دولة حول العالم، فيصبح ذلك التساؤل مرتبطا بوجود الجماعة ونشاطها في كل تلك البلدان، وربما كانت منطقة الخليج هي أهم أماكن تواجد جماعة الإخوان وأكثرها حرصا من جانبهم على إستمرار وجودهم وتوسعهم وتثبيت أقدامهم فيها، وبالطبع للجماعة أسبابها ودوافعها للحرص على التواجد بمنطقة الخليج العربي خصوصا والشرق الأوسط عموما، وكذلك الحرص على ضمان استمرارها في المستقبل وعدم خسارة ما استطاعت الجماعة ربحه والحصول عليه خلال العقود الماضية منذ نشأتها وحتى الآن.

تلك الحالة والموقف الذي تجد الجماعة فيه نفسها الآن بعد إقصائها عن الحكم في مصر إعتبارها جماعة ارهابية في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات وغيرهم من البلدان الأكثر أهمية للإخوان، هو ما دفع الباحثة الأمريكية كريستين سميث الأستاذة والمحاضرة بمعهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة، الى كتابة ذلك البحث الهام عن مستقبل الجماعة في منطقة الخليج العربي وما يتوقع لها من مكاسب وخسائر في الفترة القادمة وسواء على المدى القريب أو البعيد.

تقول سميث أن جماعة الإخوان تمر حاليا بالمرحلة الأكثر صعوبة في تاريخها منذ فترة حكم عبد الناصر، لكن خلافا لحقبة الخمسينات الستينيات من القرن الماضي، لا يمكن للإخوان حاليا الاعتماد سواء على الدعم السياسي الشعبي ولا على أن تجد ملاذا آمنا في ممالك وإمارات دول الخليج العربي، ففي ظل حالة العداء الحالية بين أهم أعضاء مجلس التعاون الخليجي وهم الإمارات والسعودية وبين إمارة قطر وهي الدولة الأكثر دعما وموالاة للإخوان والتي حسمت تقريبا لصالح الدول والقوى المناهضة للإخوان،بالإضافة الى التحديات الكبيرة التي يواجهها الإخوان في منطقة الخليج وتتمثل في إزدياد عدد كوادر الشباب الساخطين بشكل مستمر وكذلك إنجذاب شباب الجماعة تجاه الجماعات السلفية التي تعتبر منافسة لها، كل تلك الظروف والأجواء الحالية تجعل من المستحيل على جماعة الإخوان المسلمين الحفاظ على مستواها السابق من قوة النفوذ الاجتماعي والسياسي داخل دول الخليج.
وتوضح أن جماعة الإخوان لديها تاريخ طويل ومؤثر في الخليج العربي، وذلك منذ أن حضرت إلى المنطقة خلال الأيام الأولى لنشأة الإخوان، وتم ذلك في بعض الحالات من خلال الاتصالات الشخصية مع مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا شخصيا، كما عمقت الجماعة من وجودها في فترة الخمسينات والستينات كنتيجة للحملات والمداهمات المستمرة على مقرات ومراكز أنشطة الجماعة في مصر وسوريا على السواء، مما أجبر نشطاء الجماعة على طلب اللجوء في دول الخليج، ومن المؤكد أن الجماعة وجدت في تلك البلاد فرصة لتقوية نفسها وتعميق نفوذها بعد أن وجدت الحكومات المختلفة فيهم حلفاء مناسبين في مواجهة تيار القومية العربية المتصاعد بقوة في تلك الأيام، وصاحب ذلك التوسع السريع في وزارات ومؤسسات تلك الدول في فترة نموها التالية لإكتشاف كميات هائلة من النفط فيها، ووجد الإخوان في ذلك فرصة لتنظيم أنفسهم في كيانات وشبكات غير رسمية وحيثما أمكن قاموا بإنشاء التجمعات من أجل الإصلاح الاجتماعي بالتوازي مع الجمعيات الخيرية الإسلامية. وفي الدول التي كانت لديها المؤسسات السياسية والبرلمانات النشطة مثل الكويت والبحرين على سبيل المثال، شكل الإخوان بعض الكيانات السياسية التي أصبحت تنافس في الانتخابات وإكتسبت أهمية سياسية كبيرة في فترة التسعينات، وفي حين أن تجربتهم كانت تختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر، فمن الإنصاف القول أن الجماعة لعبت دورا كبيرا في تشكيل المجتمعات الخليجية، وكان لها تأثير كبير على السياسة الوطنية في الدول التي تواجدت ونشطت فيها.
لكن وعلى الرغم من هذا التحليل للكاتبة عن الدور المحوري للجماعة، كان نفوذ الإخوان في الخليج يجد منافسة كبيرة ومتزايدة تمثلت في دخول السلفيين في السياسة في الثمانينات، ووجدت الجماعة في خصومها الاسلاميين الجدد منافسين أقوياء، بل وحتى أنهم أحيانا تجاوزوا الإخوان وتفوقوا عليهم في الانتخابات البرلمانية وفي الوظائف الحكومية وفي التأثير المجتمعي، حتى جاءت فترة الألفية والتي شهدت مواجهة قوية بين الإخوان والسلفيين الذين دائما ما كانوا يقومون بانتقاص قيمة الجماعة ويتهمون أعضائها بالانتهازية السياسية ويقومون بالتشكيك في مدى التزامهم بالعقيدة الإسلامية وفي رغبتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية.
وفي نفس الوقت الذي تواجه فيه الجماعة منافسة من التيار السلفي، نجد أنها تواجه أيضا التحديات في تجنيد جيل الشباب، وعلى النقيض من الشبكات السلفية الغير رسمية، نجد لدى الجماعة بنية هرمية على أساس احترام الشيوخ والامتثال لقرارات الجماعة، وقد ظهرت محاوات الإخوان لقبول الآخر والتقدم وايجاد البدائل لإشراك الجمهور والترفيه خارج المجتمعات الدينية ومحاولاتهم في التوسع في الأماكن العامة مثل المطاعم والمقاهي ومن خلال وسائل الاعلام الاجتماعية أكثر تعقيدا وإزعاجا للجيل الجديد من الشباب، كما أن الانفتاح والتنوع في وجهات النظر وتوسيع وسائل الاعلام زاد من سخط الشباب وعدم التزامهم بالسرية والانضباط؛ كما زاد الغضب بين بعض الشباب نتيجة شعورهم بعدم رغبة الجماعة في تبني أساليب أكثر قوة ووضوحا لتحقيق التغيير السياسي الذي يحلمون به.
ويمكن رؤية مؤشرات الإحباط بين جيل الشباب في صفحات ومدونات الشباب المستقلة على الإنترنت، كما تتضح في إصدار شباب الجماعة وكوادرها البيانات المستقلة واتخاذهم بعض المواقف التي تتباعد عن مواقف المنظمة نفسها وظهور أعضاءها السابقين من الشباب بين المنظمات المعارضة في الخليج وفي الشبكات التي ظهرت في الوقت التالي من الثورات العربية بداية من عام 2011، وفي الوقت نفسه، مكنت وسائل الاعلام الاجتماعية الشباب من إيجاد وسائل جديدة لتنظيم أنفسهم خارج المنظمات الإسلامية، وتمكين الحركات الشبابية غير التابعة لأي من المنظمات والجماعات القديمة أو التقليدية في الخليج من التواجد وإكتساب تعاطف الشباب.

وقد بدأت المنظمات التابعة للاخوان في الخليج في التكيف مع هذه التغييرات والتطورات الثقافية، والدليل على هذا التغيير يتمثل في الحد من شروط تجنيد الشباب الجدد التي تضعها شبكات الإخوان في السعودية؛ وكذلك انتشار برامج التطوع المفتوح في منطقة الخليج، واللجوء لبعض الأدوات الجديدة لالتقاط شريحة أوسع من الشباب، مثل استخدام الفيديو والموسيقى الشعبية في الدعاية للجماعة، والبرامج الجديدة التي وضعت خصيصا للشباب داخل الجماعة، ومع ذلك، يظل التحدي والهوة بين الأجيال في إتساع.

وبالإضافة إلى هؤلاء المنافسين الجدد والتحديات الجديدة، واجهت الجماعة بيئة أقل تسامحا في منطقة الخليج منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، زاد حجم التدقيق الدولي من الحركات الإسلامية وتمويلها، كما بدأت الأسر الحاكمة الخليجية في تغيير وتحويل حساباتهم السياسية، وقد بدأ هذا النوع من إعادة التفكير في المملكة العربية السعودية في منتصف التسعينيات عندما واجهت الأسرة الحاكمة السعودية التحدي الأخطر لهم منذ عام 1979 في شكل الصحوة الإسلامية أو “الصحوة” التي تحدتهم علنا، وإن كان ذلك ينحصر في كم من التعبئة المحدودة، لكن أصبح واضحا أن العائلة الحاكمة بدأت تعرب عن استيائها من جماعة الإخوان وتحملها سبب هذه المشكلة كنتيجة لتسييس الإخوان للدين، وإتضح ذلك في تعليقات وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز آل سعود في عام 2002، والتي جاءت معظمها محملا فيها جميع المشاكل في المملكة على خيانة الإخوان، وفي الوقت نفسه، أفرزت الخلافة السياسية في كل من الإمارات والكويت قيادة جديدة أقل تعاطفا وأكثر عدوانية نحو تنظيم الإخوان المسلمين.

وعلى الجانب الآخر، نجد أن هناك بعض الاستثناءات لهذا الاتجاه، مثلما كانت القيادة القطرية داعمة للإخوان، وكانت القيادة البحرينية تحتاج إلى دعم من

الإسلاميين السنة لمواجهة المعارضة الشيعية، ومع ذلك، عندما بدأت الثورات العربية واتجهت في البداية لتمكين الإخوان، كان حسن النية بين زعماء دول الخليج غائبا وكانت عدم الثقة سائدة بقوة.

وفي أثناء ثورات الربيع العربي، حاول الإخوان في عدد من دول الخليج استخدام موجة التعبئة الشعبية لإنشاء قيود سياسية جديدة على الأسر الخليجية الحاكمة، وانضم أعضاء الإخوان الى المطالب العامة في الإمارات والسعودية التي تدعو إلى إصلاحات سياسية تشمل عمل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الشورى. وفي الكويت، تواجد الإخوان على الدوام في ائتلاف الجمعيات السياسية المطالبة في البداية باستقالة رئيس الوزراء، والمطالبة في وقت لاحق بعدد من التعديلات الدستورية لزيادة تمكين البرلمان من إنشاء نظام ملكي برلماني كامل.
وكنتيجة عكسية لتلك التحركات من جانب الجماعة، بدأت الحملة على الإخوان في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اعتقلت الحكومة ما يقرب من 100 من أعضاء الفرع الإماراتي للجماعة بتهمة “تشكيل منظمة سرية تقوم بالتآمر لقلب نظام الحكم”. وقد انتشر هذا الموقف المتشدد عبر الخليج بالتوازي مع الإطاحة بحكومة الإخوان ورئيسها محمد مرسي في مصر، وكان نشطاء الإخوان في كل من السعودية والكويت يعلنون انتقادهم لدعم حكوماتهم السياسي والمالي للحكومة الجديدة ذات القيادة العسكرية في مصر، كما أن الجماعة كانت داعمة بشكل علني للمتمردين في إشعالهم وتعميقهم للحرب الأهلية في سوريا، ومن المرجح أن كلا الموقفين ساهما في قرار الحكومة السعودية اعتماد قانون مكافحة الإرهاب الجديد في بداية 2014، والذي اخذ خطوة غير عادية بتسمية جماعة الإخوان المسلمين تحديدا بين قائمة الجماعات الارهابية المحظورة، تلاها في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة مع إصدارها قانون مكافحة الارهاب الخاص بها في نوفمبر 2014، وكذلك تم تعيين جماعة الإخوان رسميا وما يتبعها من منظمات المجتمع المدني في الغرب كواحدة من المنظمات الإرهابية، وقد تعرض عدد من الدول الغربية أيضا لضغوط من الإمارات والسعودية لكي تحذو حذوها في حظر الجماعة، مما أدي في النهاية إلى فتح تحقيق رسمي لأنشطة الجماعة في بريطانيا.

تلك الحملة السعودية الإماراتية المشتركة لنزع الشرعية وتقليل، إن لم يكن تدمير، الإخوان، مورست بالتالي على الدولة الإقليمية الساذة والمنشقة عن وحدة الصف وهي قطر. ويمكن معرفة مدى قوة وعزم الإمارات والسعودية من أساليبهم المتشددة، بما في ذلك سحب سفراءهم من قطر والتهديد بالحصار الاقتصادي عليها، وقد تركزت مطالبهم من قطر على إنهاء دعمها للجماعة المحاصرة في مصر، كما تركز الضغط بشكل ملحوظ على وقف الدعم للمنشقين الإخوان في منطقة الخليج تماشيا مع الاتفاقية الأمنية الموقعة من قبل وزراء الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2012. ووفقا لنسخة مسربة من هذا الاتفاق الغير منشور، تلتزم دول الخليج بالتعاون مع بعضها البعض لمطاردة الخارجين عن القانون أو النظام، أو المطلوبين من قبل تلك الدول، أيا كانت جنسيتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم.

ومن المؤكد أن تنفيذ هذه الأطر القانونية الجديدة على المستويين الوطني ودول مجلس التعاون الخليجي، يضع جماعة الإخوان تحت خطر مستمر من الملاحقة القضائية، وفي الممارسة العملية، باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة، لم تكن هناك حملات من الاعتقالات ضد الجماعة، ومع ذلك، فإن الطبيعة الشاملة للقوانين المشابهة لقانون الإرهاب السعودي، لا يعتبر فقط الإنتماء الى جماعة الإخوان جريمة، لكن أيضا من يرتبط بأي نوع من الإرتباط معها في الداخل أو الخارج أو يظهر أي دعم أو تعاطف لأي أسباب وعبر أي شكل من أشكال العلن أو وسائل الإعلام.

وحتى في البلدان التي تفتقر إلى قوانين مكافحة الإرهاب، نجد أن التهديد بالمحاكمة أو التسليم لحكوماتهم وفق الاتفاقية الأمنية الخليجية لا يزال قائما، وقد قللت هذه القوانين من آثار الحملة الواسعة التي كانت مخطط لها في دول الخليج لدعم مرسي وحكومته المتواجدون بالسجون، ومنعت أيضا نشطاء الخليج الإخوان من دعم بعضهم البعض، وقد واجه العديد من أعضاء الإخوان في الكويت إمكانية تسليمهم للإمارات بعد قضية رفعتها دولة الإمارات متهمة اياهم بتقديم الدعم المادي لحزب التجمع الإماراتي للإصلاح، وفي الآونة الأخيرة، كان عضو إخواني سابق في البرلمان الكويتي قد واجه قضية رفعت ضده من قبل البرلمان الكويتي لانتقاده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي.
هذا التحدي السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء الخليج يحظى بوجهة نظر مختلفة بعض الشيء في كل من الكويت والبحرين، حيث تحتفظ جماعة الإخوان علنا بالمؤسسات والأحزاب السياسية، وعلى الرغم من الولاء الخالص والذي لا جدال فيه من دانب جماعة الإخوان في للملك حاكم البحرين، ودورها الرئيسي ووقوفها الى جانب العائلة الحاكمة في الأزمة السياسية الجارية في البحرين، برغم ذلك قامت الحكومة البحرينية بترسيم الدوائر الانتخابية في 2014 بطريقة تبدو أنها مقصود بها أن تكون في غير صالح الإخوان المسلمين أو بمعنى آخر يقصد بها جعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لهم، وبالفعل في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر، فاز الإخوان بمقعد واحد فقط، في حين أن الجماعة لم يكن لها أي مرشحين في الانتخابات البلدية حيث كان لها في السابق تمثيل جيد، كما انخفض عدد وزرائهم في مجلس الوزراء، وتواجه الجماعة كبح نفوذها في وزارة التربية والتعليم في البحرين.

وعلى الجانب الآخر، نجد أن الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت، وهي الجناح السياسي للإخوان في الكويت، قامت بمقاطعة المعارضة للبرلمان منذ تغيير الأمير للنظام الانتخابي في عام 2012 بقرار منفرد، وكانت هذه الاستراتيجية مكلفة للجماعة، حيث أدت الى حرمانها من الفوائد التي تتحقق من وجودها وتمثيلها التشريعي، سواء في الدعاية والوجود العلني أو في الحصول على مميزات الحكومة من الوظائف والعقود وغيرها، كما تركهم هذا الخيار أيضا دون المنصة البرلمانية التي تمكنهم من مواجهة السياسات المدمرة لمستقبلهم، مثل التطهير الحالي للإخوان من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والقيود المفروضة على الإخوان والسلفيين فيما يتعلق بالأنشطة الخيرية.
وقد أدى التهديد بالعقاب السياسي ضد العديد من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني الى قيام جماعة الإخوان الكويتية باتخاذ ذلك القرار التاريخي بفصل الجهاز السياسي الذي يمثله حزب الجماعة عن النظام أو عن المنظمة الأم، في حين يتوقع أن تكون تلك العملية مستمرة والجماعة في الكويت لديها بالفعل سلطة صنع القرار المستقلة ولديها خطط لقبول أعضاء من غير الإخوان في المستقبل.

هذه المتاعب التي واجهتها الجماعة في الكويت باتت تصب في النهاية في صالح منافسيهم السلفيين، وفي البحرين ايضا، تفوق المرشحين السلفيين على الإخوان في الانتخابات البرلمانية في عام 2014، كما يستحوذون الآن على نحو 50% من رئاسة المجلس البلدي في الكويت، وبالمثل يحافظ الموالين السلفيين على التمثيل البرلماني ويتمتعون بعلاقات ممتازة مع الحكومة الكويتية.

وفي حين أن الجماعات التابعة للإخوان في الخليج (باستثناء الإمارات العربية المتحدة) كانت بمنأى عن الحملة واسعة النطاق التي شهدتها مصر ضد الإخوان، فإن تلك الجماعات تواجه ايضا مستقبلا غامضا؛ فهذه البيئة السياسية والقانونية العدائية السائدة في الخليج تعوق بشكل كبير عملية إنضمام الشباب الجديد للجماعة، كما تعوق عمل العديد من منظمات المجتمع المدني الخاصة بها، وعلاوة على ذلك، حيث أن الحركة الإسلامية أكثر التزاما واعتمادا على المشاركة السياسية، فإن جماعة الإخوان تعاني أكثر من المنافسين السلفيين من التعصب المتزايد والتضييق على نشاط جماعات الإسلام السياسي، وفي الوقت نفسه، تتراجع إلى مكانة عامة أقل (نموذج المجتمع السري) وتصبح أقل قابلية للحياة في عصر التكنولوجيا الحديثة اليوم.
وتشدد سميث على أن السؤال الأهم هنا مازال مطروحا، وهو عما إذا كانت السلطات السياسية الخليج قد وفرت مسارات وطرق بديلة وكافية للتعامل مع المؤسسات والأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أم لا، وحيث أن مجموعة العلماء التابعة للدولة كانت تفقد مصداقيتها على مدى عقود، فإن ظهور وتشكيل مجموعات جديدة لمواجهة الإخوان مثل مجلس الحكماء المسلمين في الإمارات عليها الآن إثبات جاذبيتها ومصداقيتها الشعبية، وهذا يترك الحقل السياسي الإسلامي لقمة سائغة في الوقت الذي يواجه فيه المنافس الجديد الأكثر طموحا وشراسة وهو: الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش).

 * نشر في جريدة الموجز بتاريخ 23 فبراير 2015

علي الشرنوبي يكتب: خطة الإخوان لقلب أنظمة الحكم والإطاحة بملوك الخليج

علي الشرنوبي يكتب: أسرار لا يعرفها إلا قليل عن “الإنقلاب” الحالي في السعودية!

* أسرار سوف تصدمك عن علاقة الملك الجديد بالثورة المصرية والإخوان والدور الخفي للراحل الملك عبدالله في الإطاحة بمرسي.العائلة المالكة بالسعودية
* الأحداث الأخيرة في اليمن يتم الترتيب لها من ثلاث سنوات لإستيلاء نجل عبدالله صالح على الحكم.* إيران والسعودية وامريكا وفرنسا، أعداء الأمس وأصدقاء اليوم وحلفاء الغد في لعبة الكراسي الموسيقية السياسية.
* هل تحالفت السعودية “السنية” مع إيران “الشيعية” ودعمت الحوثيون الشيعة ضد القبائل السنية للقضاء على تنظيم القاعدة؟

في تحليل أحد المطلعين ووثيقي الصلة بدوائر الحكم بالسعودية، وعقب وفاة الملك الراحل عبدالله، حاول الكاتب والمحلل الأمريكي ديفيد هيرست في مقاله المنشور على موقع هفينجتون بوست، والذي يعد من أقوى المقالات التي قرأتها وأكثرها ثراء وعمقا، وكنتيجة لعلافة هيرست القوية بكثير من أفراد البلاط السعودي الذين أمدوه بالأسرار والمعلومات التي استعان بها وحرص على إعلام القراء بها خلال تفسيره للحالة السعودية وأفراد العائلة المالكة وعلاقتهم بالسلطة وعلاقة بعضهم البعض عقب وفاة الملك عبدالله وإنتقال الحكم لأخيه الغير شقيق محدثا تغييرا كبيرا وجذريا في السياسات السعودية خاصة على الصعيد الخارجي منها، فكتب هيرست قائلا أنه لم يكد يمر على وفاة الملك عبدالله الثاني أكثر من 12 ساعة، إلا وكانت (عشيرة) السديري، وهي عشيرة غنية وقوية سياسيا داخل بيت آل سعود، والتي تم إضعافها من قبل الملك الراحل، قد صعدت بقوة مرة أخرى إلى الصدارة، لتقوم بعمل انقلاب في القصر الملكي في كل شيء إلا الاسم.
وقد سارع الملك الجديد سلمان بسرعة الى إفساد عمل أخيه الراحل، وقال انه قرر عدم تغيير ولي العهد الأمير “مقرن، الذي تم اختياره من قبل الملك عبد الله، لكنه ربما قد إختار التعامل معه في وقت لاحق، ومع ذلك، فقد عين بسرعة قيادي آخر من عشيرة السديري، وهو الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية لكي يكون نائب ولي العهد، وليس سرا أن الملك الراحل عبد الله كان يريد ابنه متعب لتولي هذا المنصب، ولكنه الآن خارج الحسابات.
ويوضح هيرست أن الأهم من ذلك، هو أن الملك الجديد سلمان، وهو نفسه من عشيرة السديريين، بدأ في محاولة لتأمين الجيل الثاني من خلال إعطاء ابنه محمد (35سنة) إقطاعية قوية من وزارة الدفاع، وكانت آخر ترقية حصل عليها محمد يمكن القول أنها أكثر أهمية، فهو الآن أمين عام الديوان الملكي، وقد تم الإعلان عن هذه التغييرات حتى قبل أن يدفن الملك الراحل عبد الله.
وكانت السكرتارية العامة هي المنصب الذي كان يتولاه “الكاردينال ريشيليو” من محكمة الملك عبد الله الملكية “خالد التويجري”. وكانت تلك هي الصفقة الرابحة التي صدرت من الأب إلى الابن، والتي بدأها عبد العزيز التويجري. وقد أصبح آل تويجري هم حراس الملك ولا يمكن عقد أي إجتماع ملكي دون إذنهم، ومشاركتهم أو معرفتهم.
وقد كان التويجري لاعب رئيسي في المؤامرات الخارجية، لتخريب الثورة المصرية، ولإرسال قوات لسحق الانتفاضة في البحرين، ولتمويل داعش في سورية في المراحل الأولى من الحرب الأهلية، إلى جانب حليفه السابق الأمير بندر بن سلطان.
ويضيف هيرست أن الارتباط بين التويجري وزملائه المحافظين الجدد في منطقة الخليج محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، كان وثيق الصلة، وقد أصبح التويجري الآن خارج السلطة، ومع ما له من قائمة طويلة من العملاء الأجانب، تبدأ مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد يشعر بأن الرياح تهب ببرودة شديدة من الرياض، فهل فشل السيسي في حضور الجنازة يوم الجمعة الماضية متعلق فعلا بسوء الاحوال الجوية؟!.
ويضيف هيرست أنه على جانب آخر، نجد أن مسألة صحة الملك سلمان هي مدعاة للقلق، ولعل هذا هو السبب في أن السلطة التي أعطاها لابنه هي أكثر أهمية من كافة التعيينات الأخرى التي أعلنت، فالملك سلمان الذي يبلغ من العمر 79 سنة، من المعروف أنه يعاني من مرض الزهايمر، لكن مدى سوء حالته من “الخرف” هو مصدر للتكهنات، ومن المعروف انه قد عقد محادثات هامة ومقنعة مؤخرا في اكتوبر الماضي، لكنه يمكن أيضا أن ينسى ما قاله قبل دقائق، أو يقول انه لم يعرف بذلك الأمر طوال حياته، وفقا لشهود آخرين. وهذا هو الوضع الطبيعي لهذا المرض، ويقول هيرست: أنا أعرف ازدياد عدد الزيارات للمستشفى في الأشهر القليلة الماضية، وأنه لم يكن يتجول بحرية كما كان يفعل من قبل.
لذلك فإن قدرته على توجيه سفينة الدولة، في بلد مركزي حيث لا توجد مؤسسات أو أحزاب سياسية أو حتى سياسة وطنية محددة ومعلنة، هو أمر مطروح للتساؤل، لكن هناك مؤشر واحد لتغيير الاتجاه قد يكمن في محاولتين أخيرتين لإقامة روابط مع شخصيات المعارضة المصرية.
ويؤكد هيرست أنه قد قيل له إن كبار مستشاري سلمان يقترب بشدة من سياسي معارض ليبرالي مصري، وكان له اجتماع منفصل مع أحد المحامين، ويمكن القول أنه ليس أيا منهما أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، ولكن لديهم اتصالات عمل معها، وقد عقدت محادثات في المملكة العربية السعودية في الشهرين الماضيين حول الكيفية التي يمكن أن تدار المصالحة مع الإخوان في مصر. ورغم أنه لم يتم الاتفاق على المبادرة نفسها، لكن تلك المحادثات تعد مؤشرا على نهج أكثر واقعية، أو أقل صدامية يتخه الملك الجديد سلمان ومستشاريه، وكان من المفهوم أن هذه الاجتماعات كانت إجتماعات تحضيرية لمبادرة ممكنة قد يعلنها سلمان عندما يصبح في السلطة.
ويشير هيرست الى أن سياسة الملك الراحل كانت تتجه لإعلان جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية على قدم المساواة مع الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة.
ويعود هيرست ليؤكد أنه حتى قبل تفعيل الإجراءات التي إتخذها السديريين، كان الصراع على السلطة داخل بيت آل سعود واضح للعيان، ففي وقت مبكر من مساء الخميس، غمرت الشائعات موقع تويتر وشبكة الإنترنت مفادها أن الملك قد مات، وتعد شبكة الإنترنت هي المصدر الرئيسي للمعلومات السياسية في المملكة، وقد كان هناك نفي رسمي عندما كتب صحفي سعودي تلك المعلومة على موقع صحيفة الوطن.
وقد اضطر القصر للتصريح بالوفاة عندما كتب اثنين من الأمراء على تويتر أن الملك قد مات، وتم قطع بث شبكة MBC TV ووضع القرآن على الشاشة، علامة على الحداد، في حين أبقى التلفزيون الوطني على برامجة العادية، وكان هذا علامة على أن عشيرة معينة في العائلة المالكة أرادت نشر الأخبار بسرعة وعشيرة أخرى أخذت تماطل لمزيد من المفاوضات.
ويقول هيرست أن الحاجة إلى تغيير المسار واضح للغاية، ففي الليلة ذاتها التي كانت تحدث فيها تلك الدراما الملكية، كان هناك زلزال سياسي يجري في الفناء الخلفي للمملكة العربية السعودية، وهو في اليمن. حيث استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، ورئيس وزرائه والحكومة بعد أيام من الإقامة الجبرية من قبل ميليشيات الحوثي، وهذه الاستقالة من قبل هادي تترك قوتين في صراع للسيطرة على البلاد وكل منهما مدجج بالأسلحة: وهما ميليشيات الحيثيون المدعومة من ايران والتي تحصل على التدريب من حزب الله، وتنظيم القاعدة المتنكرين في زي المدافع عن المسلمين من أهل السنة.
إنها كارثة للمملكة العربية السعودية ولما تبقى من قدرة مجلس التعاون الخليجي على جعل أي صفقة باقية وملزمة، وقد اجتمع وزراء خارجيتهم فقط في اليوم السابق، فرجل اليمن القوي الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان قد أطيح به خارج السلطة قبل ثلاث سنوات والذي وفقا لمكالمات هاتفية تم تسريبها، قدم النصح للحوثيين حول كيفية الاستيلاء على السلطة، يدعو الآن لانتخابات جديدة، وكانت هناك بالفعل دعوات ليلة الخميس للجنوب لينفصل عن الشمال، فاليمن، بعبارة أخرى، أصبحت رسميا الدولة الفاشلة الرابعة في الشرق الأوسط.
ويؤكد هيرست أن صعود للحوثيين للسلطة في اليمن لم يكن نتيجة اشتعال الوضع التلقائي، بل كان مخطط له ويتم التآمر بشأنه منذ أشهر من قبل الرئيس السابق صالح والإمارات العربية المتحدة، وقد كان كل من نجل صالح، والسفير اليمني في الإمارات، شخصيات رئيسية في هذه المؤامرات، ويضيف هيرست أنه وكما ذكر من قبل، التقى نجل صالح بوفد ايراني في روما، وقد تم رصد هذا الإجتماع من قبل المخابرات الأمريكية وقاموا بالإتصال ب”هادي” نجل صالح. وفي العام الماضي، أرسل رئيس المخابرات السعودي الأمير بندر لعضو بارز في الوفد الحوثي للقدوم عبر لندن لعقد اجتماع، وهو أمر لا يصدق كما يبدو، ان يقوم السعوديون بإعادة فتح الإتصال مع الجماعة المدعومة إيرانيا وهم الحوثيون الزيدية الشيعية أو الطائفة الذين كانوا يقاتلوهم من قبل في واحدة من الحروب المريرة.
وكانت الخطة السعودية / الإماراتية تهدف لاستخدام ودفع الحوثيين إلى الانخراط وتدمير هدفهم الحقيقي، والذي كان هو التجمع اليمني للإصلاح، وهو الحزب الإسلامي القوي وكبير ممثلي القبائل السنية في اليمن.
وكما هو الحال في أماكن أخرى في العالم العربي، فإن التركيز كله للسياسة الخارجية للملك عبد الله بعد عام 2011، كان يتجه لوقف الربيع العربي في مساره في تونس ومصر وسحق كل القوى القادرة على خلق معارضة فعالة في دول الخليج، بينما كل شيء آخر، بما في ذلك ارتفاع المنافس الاقليمي الأبرز السعودية وهو إيران، يصبح تابعا لهذا الهدف الأسمى وهو سحق الإسلام السياسي الديمقراطي.
وقد أتت الخطة اليمنية بنتائج عكسية عندما رفض التجمع اليمني للإصلاح حمل السلاح لمقاومة زحف الحوثيين، ونتيجة لذلك، اخذ الحوثيين مزيد من السيطرة كما كان من المتوقع، والنتيجة هي أن اليمن الآن يقف على شفا حرب أهلية، ومطالبة تنظيم القاعدة ليكون هم المقاتلين الوحيدين المستعدين للدفاع عن رجال القبائل السنية، أدى إلى إعطاءهم دفعة قوية.
ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الملك سلمان قادر على… أو حتى يدرك الحاجة الملحة إلى تغيير المسار، لكن كل ما يمكن قوله بقدر من الثقة هو أن بعض الشخصيات الرئيسية التي قادت المؤامرات الخارجية الكارثية في المملكة هي الآن خارج السلطة، وفي نفس الوقت نجد أن تأثير الأمير متعب محدود للغاية، في حين التويجري خارج اللعبة.
وليس من مصلحة أحد السماح لحالة الفوضى أن تنتشر في المملكة نفسها، وربما هي مجرد صدفة أن يتوفى الملك عبد الله تقريبا عشية الذكرى السنوية لثورة 25 يناير في مصر، لكن توقيت موته هو رمز هام. ويجب على العائلة المالكة أن تعلم أن مزاج التغيير، الذي بدأ يوم 25 يناير لا يمكن وقفه، وأن أفضل دفاع ضد الثورة هو قيادة إصلاح سياسي ملموس حقيقي داخل المملكة، والسماح لها بالتحديث، وبناء السياسة الوطنية والأحزاب السياسية وانتخابات تنافسية حقيقية، وبالسماح للسعوديين بأن يأخذوا حصة أكبر من السلطة، بالإضافة لاطلاق سراح السجناء السياسيين.
ويقول هيرست أن هناك إثنان من النظريات حول الصدام القادم في الشرق الأوسط، واحدة تشير أن الديكتاتورية والاستبداد، والاحتلال هم الحصن والمنعة في وجه الفوضى ودوامات الحرب الأهلية ونزوح السكان، والآخرى تقول أن الطغاة هم سبب عدم الاستقرار والتطرف.
ويرى هيرست أن الملك عبد الله كان يميل الى تبني النظرية الثانية، لكنه غادر حكمه تاركا المملكة العربية السعودية أضعف داخليا ويحيط بها الأعداء كما لم يحدث من قبل، فهل يمكن لسلمان أن يحدث فرقا؟ انها مهمة كبيرة، لكن قد يكون هناك بعض الناس من حوله من الذين يرون ضرورة إحداث تغيير جوهري في الحكم، وستكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لملك السعودية الحصول بها على دعم شعبي من شعبه، ويمكن له في خلال تلك العملية تحويل نفسه الى رمز، ملك دستوري، لكنه سوف يؤسس ويثبت الاستقرار في المملكة والمنطقة.

علي الشرنوبي يكتب: أحلام وطموحات الإرهابيين في العام الجديد 2015.

ما بين الأحداث والوقائع التي شهدها العالم في العام الماضي، والتطورات السريعة والمتلاحقة التي شهدتها الساحة العالمية سواء من جانب الدول في صراعها مع الإرهاب أو من جانب الجماعات المتشددة نفسها في أماكن كثيرة حول العالم، نجد الكثير من الكتاب والمحللين يحاولون توقع ما قد يحمله لنا الغد في العام الجديد، وأن يقوموا بتحليل ما لديهم من معلومات ورؤى قد تمكنهم من كشف المستقبل القريب والغد المجهول.

ومن هؤلاء المحللين الكاتب الأمريكي “ريان ماورو” المتخصص في دراسة الجماعات المتشددة والمتطرفين، ويقول ماورو في تقريره المنشور على موقع “كلاريون بروجكت” أنه من المتوقع في السنة الجديدة أنه سيكون لزاما على الغرب أن يتعامل مع بعض الخصوم الذين إكتسبهم في عام 2014، وبالأخص سيكون على الولايات المتحدة أن تتفاوض مع من تعتبرهم من الإرهابيين، كما سيكون على حكومة الولايات المتحدة أن تخضع للتهديدات التي يطلقها هؤلاء.
ويدلل ماورو على وجهة نظره بالقول أنه في العام الماضي 2014، قامت الولايات المتحدة بالفعل بالتفاوض مع حركة طالبان على إطلاق سراح بعض الأسرى المعتقلين لديها مقابل قيام طالبان بالإفراج عن جندي أمريكي كانت قد إختطفته سابقا، حيث تم إطلاق سراح خمسة ممن كانت الولايات المتحدة تعتبرهم من الإرهابيين الشديدي الخطورة والمنتمين لحركة طالبان الأفغانية مقابل تحرير رقيب بالجيش الأمريكي يدعى الرقيب “بو بيرجدال”، وقد اشاد زعيم طالبان الملا عمر بتلك الصفقة ووصفها بأنها “إنجاز كبير” يمكن ان يطمئننا بأن تطلعاتنا على وشك التحقيق قريبا”.
في المشهد الإيراني الأمريكي

وعلى الجانب الآخر، يتوقع ماورو أن يشهد العام الجديد مزيدا من المناورات السياسية بين إيران وأمريكا، وذلك فيما يخص القضية النووية الإيرانية، فمن جانبها تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لا تزال تمتنع عن الكشف الكامل عن برنامجها النووي، ومع ذلك فقد تم تمديد المفاوضات والعقوبات المفروضة على إيران لمدة ستة أشهر أخرى، بل ووصل الأمر إلى أن تعترف الولايات المتحدة سرا بأن إيران خالفت بالفعل بنود الاتفاق النووي المؤقت، بينما في العلن وأمام وسائل الإعلام، يثني وزير الخارجية كيري علنا على ما يسميه “الامتثال” من جانب إيران لما تم الإتفاق عليه مسبقا.
وبعيدا عن المعلن والخفي في علاقة الولايات المتحدة مع النظام الإيراني، نجد أن هذا النظام يستخدم المفاوضات كجزء من استراتيجية طويلة الأجل لكسب الوقت لتطوير قدراته من الأسلحة النووية، مع إستمرار العمل بالمخالفة للقانون الدولي وبما يمكن وصفه بالجرائم الدولية، وربما يتم الاستعانة في تلك الأعمال بمصادر خارجية معادية أيضا للولايات المتحدة وللغرب عامة مثل كوريا الشمالية التي سبقت إيران في الوصول لتصنيع وإنتاج القنبلة النووية.
وقد إعترف أحد كبار مستشاري “آية الله خامنئي” المرشد الأعلى الإيراني، بأن خامنئي قال إن استراتيجية النظام الإيراني هي “الاستطالة” ، بمعنى أن تطيل أمد المفاوضات والإتفاقات بقدر ما تستطيع، وأنها لا تريد فعلا الوصول الى أي صفقة في صيغتها النهائية.
وفي عام 2015، سوف تستمر إيران في إتباع هذه الاستراتيجية في محاولة منها لكسب المزيد من الوقت لتعزيز برنامجها النووي، كما سيؤدي إتباع تلك الإستراتيجية الى تفويت فرصة مهمة للغاية على الغرب للضغط على النظام الإيراني ماليا، وفي الوقت نفسه، فإن إيران سوف يمكنها الفوز بكثير من الاستثمارات والعقود المبرمة مع الشركات الأوروبية، مما سيؤدي بالطبع الى مساعدة الاقتصاد وحماية إيران من مخاطر وأضرار العقوبات الفعالة في المستقبل.
ومن المتوقع أيضا أن تستمر إيران في رعاية الإرهاب، بما في ذلك بعض روافد تنظيم القاعدة وحركة طالبان وسوف تستمر أيضا في محاولة رأب الصدع مع تركيا والإخوان المسلمين وخاصة مع حركة حماس الفرع الفلسطيني للإخوان، كما سوف تستمر في التدخل لصالح بشار الأسد سواء بشكل مباشر أو عن طريق حزب الله والميليشيات الشيعية التابعة لها في حربها مع القوى الإسلامية الأخرى في الأراضي السورية.
أزمة النفط
ومن ناحية أخرى، نجد أن تراجع أسعار النفط الذي تشهده الأسواق العالمية حاليا سوف يؤدي الى تعزيز الاقتصاد الأمريكي، كما سوف يؤدي التقدم التكنولوجي الى تقليل اعتماد الولايات المتحدة على الطاقة المستخرجة من النفط، وهذه التراجعات الحادة في أسعار النفط قد تؤدي الى تأثير خطير جدا بالنسبة لإيران، والنظام السوري، وفنزويلا وروسيا وعدد من الأنظمة المعادية للولايات المتحدة.
فمن المؤكد ان هذه الحكومات تحتاج إلى ارتفاع سعر النفط حتى تستطيع الحفاظ على ميزانياتها والنمو الإقتصادي لديها، و مما لا شك فيه غضب النظام الإيراني من السعوديين لرفضهم خفض إنتاج النفط، بل وهددت بإفتعال حرب في أسعار النفط.
وقد نجح وكلاء إيران في الإستحواذ على صنعاءعاصمة اليمن، وكذلك هزيمة حلفاء المملكة العربية السعودية؛ وفي عام 2012، أطلقت إيران هجوم كبير على الإنترنت على شركة أرامكو السعودية وشركة الغاز الطبيعي في قطر، وقد كشف السعوديين عن محاولات الهاكرز والقراصنة الإيرانيين لوقف إنتاج النفط والغاز الطبيعي بالتسلل الى الحاسبات الخاصة بشركات الإنتاج السعودية، وكلك سوف تستمر محاولات القراصنة الإيرانيون لمهاجمة الشركات الأمريكية وشركات الطاقة ووزارة الدفاع والجامعات.
وفي عام 2015، سيؤدي انخفاض أسعار النفط الى تعظيم الحوافز لإيران وغيرها من الحكومات المعادية للغرب وللتحريض على استمرار الصراعات الإقليمية أو حتى لمهاجمة الشرق الأوسط والبنية التحتية للطاقة الأميركية.
التوسع في الملاذات الآمنة للإرهاب
يتوقع المحللون في الغرب أنه في العام الجديد، سوف يحصل الإرهابيين والمتطرفين الإسلاميين على فرص متزايدة لاستعادة عدد كبير من المقرات والملاذات الآمنة التي فقدت منذ عام 2001، وإلى توسيع قواعدها الحالية.
ويستدلون على قولهم بأنه قد أعلنت الدولة الإسلامية “داعش” في نوفمبر انها وسعت من وجودها وأصبحت تتواجد في دول عدة بدءا من العراق وسوريا ووصولا إلى ليبيا والجزائر ومصر واليمن والمملكة العربية السعودية، كما أعلنت انها قتلت ثمانية من الشيعة في المملكة العربية السعودية وأطلق أتباعها النار على مواطن من الدنمارك في الرياض، وقد أعرب 60 على الأقل من الجماعات الجهادية في 30 بلدا التضامن مع الدولة الإسلامية ومبايعتها والإنضمام تحت لوائها.
سوريا هي الوجهة المثالية للجهاديين.
ويرى ماورو أن نظام الأسد المدعوم من إيران يستطيع الفوز على أرض المعركة، ولكن في الوقت نفسه لديه نقاط ضعف شديدة وسوف تزداد سوءا في العام الجديد مثل إفلاس النظام والبنية التحتية المنهارة والنقص في اليد العاملة، وقطع نظام الإعانات التي تعتبر أساسية للحفاظ على الدعم المستمر من جماهيره.
ومن المؤكد إن سعر النفط المنخفض سوف يقوض بشكل كبير الدعم الذي تحصل عليه سوريا من إيران وروسيا، وقد اعترف المسؤول التجاري السوري مؤخرا أن النظام قد يسقط سريعا دون المساعدات المالية الإيرانية.
وفي نفس الوقت، نجد أن المتمردين المدعومين من الولايات المتحدة تشتتوا الى اشلاء على يد الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، وحاليا يجري وصف البلاد بأنها “خليط من الإقطاعيات المتحاربة” وأنها تغرق في “فوضى عارمة” ، وهناك تنبأ للعام 2015 بأن هناك احتمالات كبيرة بأن تنتشر الحرب الأهلية السورية بحيث تصل نيرانها الى لبنان بشكل كبير.
وعلى الجانب الآخر قد تستمر الحرب الأهلية في ليبيا، حيث الميليشيات الاسلامية تحرز تقدما كبييرا في شرق ليبيا ضد القوى العلمانية، كما استطاعت الدولة الإسلامية غزو مدينة درنة وأقامت معسكرات تدريب بها ما يقدر بنحو 200 فرد من الإرهابيين.
ويمكن أيضا أن تنتشر الحرب الأهلية الليبية إلى تونس والجزائر المجاورة،فنجد أن العلمانيون الليبيون يحرزون بعض الانتصارات في غرب ليبيا وفي نفس الوقت تقوم تونس بغلق المعابر الحدودية بقوة ، كما نجد أن الحكومة التونسية الجديدة المناهضة للحركات الاسلامية قد تدخل في مواجهة مع الميليشيات الاسلامية مثل جماعة أنصار الشريعة التي تنتشر في كل من ليبيا وتونس.
وفي الوقت نفسه نجد أن بلدا آخر مثل اليمن هو أيضا فرصة عظيمة للجهاديين، حيث نجد أن جماعة الحوثيين المدعومين من إيران قد استولت على العاصمة صنعاء وتتقدم في الأجزاء الوسطى والجنوبية من البلاد، وتسعى لمحاربة اتباع تنظيم القاعدة والمقاتلين من طائفة السنة على طول الطريق، وبهذا يمكن أن نجد تكرار في اليمن لنفس المشهد الحادث في سوريا في وقت قريب جدا.
ووصولا إلى مصر، نجد أن الجيش يقاتل تمردا اسلاميا في شبه جزيرة سيناء، ونجد أيضا أن تنظيم الدولة الإسلامية يتوسع هناك، والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة مثل أنصار بيت المقدس وغيرها هناك يحتمل أن تعاني من خسائر كبيرة، بينما يمكن لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين وحماس أن ينضموا إلى المعركة الدائرة بين الجيش والشرطة من جانب والجماعات المتشددة من جانب آخر، فيما تحاول الحكومة المصرية تفكيك الإسلام السياسي.

أما في أفغانستان، فقد تعهدت الولايات المتحدة بانهاء المهام القتالية الرسمية في نهاية العام 2014، وخفض مستويات القوات الامريكية وأن القوات المتبقية ستغادر بحلول عام 2016، وفي نفس الوقت نجد أن حركة طالبان الأفغانية استطاعت بالفعل تحقيق مكاسب كبيرة في مقاطعة هلمند، لأن الولايات المتحدة سلمت المهام الامنية لقوات الأمن الأفغانية، لكن القوات الأفغانية لا يستطيعون وقف حركة طالبان من الاستيلاء على منطقة واحدة هناك.
وقد نشأت مجموعة سرية من العشرات من الطلاب يقومون بدعم الدولة الإسلامية في أفغانستان، ويجري حاليا نشر عبارات التأييد للدولة الإسلامية في باكستان المجاورة، كما يمكن للدولة الإسلامية الفوز أيضا على العناصر المتشددة من المعارضين والمناوئين لحركة طالبان الأفغانية بدلا من التفاوض مع الحكومة المنتخبة.
وقد وجدت العديد من التعليقات والدعوات على شبكة الإنترنت من قبل أعضاء الدولة الإسلامية وأنصارها يتحدثون بحماس عن تكرار نفس التجربة والسيناريو في أفغانستان بعد النجاح الذي تمتعت به الدولة الإسلامية في العراق بمجرد مغادرة القوات الامريكية افغانستان.
وعلى الجانب الآخر، يمكن أن يصبح الإسلاميين أيضا أقوى في منطقة آسيا الوسطى بسبب الجهاديين العائدين من سوريا، وبالتوازي مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان نجد ارتفاع واضح في دعم الحركات الإسلامية المتطرفة، كما يتضح من صعود حزب التحرير في قرغيزستان وأوزبكستان؛ وقد أحبطت قيرغيزستان هجمات من قبل الإرهابيين الذين عادوا من سوريا وسعوا لإشعال فتيل التمرد هناك.
وفي ديسمبر، قام أتباع جماعة إرهابية تدعى “إمارة القوقاز” بأن هاجموا مدينة غروزني في الشيشان وقاموا بقتل 14 من رجال الشرطة، وقد أفرجت “الإمارة في داغستان” عن شريط فيديو يعلنون فيه الولاء للدولة الإسلامية، على الرغم من أن أمير الجماعة أيد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري من قبل.

الإرهاب الناشئ في الداخل
أما الحقيقة المؤسفة هي أن حدوث هجوم إرهابي محلية على الاراضي الاميركية هو شيء مؤكد في عام 2015.
فأن كان هناك على الأقل ستة أعمال مستوحاة من الإسلاميين المتشددين على الأراضي الأمريكية في عام 2014، مع مقتل اثنين من ضباط إدارة شرطة نيويورك، وقد تم اعتراض14 شخص على الأقل من الأميركيين كانوا في طريقهم للانضمام للدولة الإسلامية في العراق والشام، مع حالات آخرها سيدة وأم في ولاية فرجينيا ورجل من شيكاغو مع اثنين من الأشقاء في سن المراهقة.
ويعتقد أن أكثر من 100 من الامريكيين انضموا بالفعل للجماعات الجهادية في سوريا، مع تقديرات أخرى تصل إلى 300 ، كما تراقب المباحث الفيدرالية نحو 150 من الأمريكيين الذين عادوا من سوريا لإحتمال وجود ارتباطات إرهابية محتملة.
وقد ألهمت الدولة الإسلامية جيل جديد من الإرهابيين المحليين، ووجدت دراسة أن عدد الجهاديين السلفيين قد تضاعف منذ عام 2010. وقد تضاعف عدد الجماعات الجهادية السلفية الفردية منذ عام 2001 وتضاعف ثلاث مرات عدد الهجمات منذ عام 2010؛ كما أن وزارة الخارجية تحسب أيضا ارتفاعا بنسبة 40٪ في الهجمات في عام 2013 وارتفاع بنسبة 60٪ في عدد القتلى من الإرهاب.
واستنادا إلى هذه المؤشرات والإحصاءات، فمن المؤكد أن نقول إن الإرهاب سوف يحتل العناوين الرئيسية في جميع أنحاء العالم في العام 2015 تماما كما فعل في معظم شهور عام 2014.

علي الشرنوبي يكتب: إنتقال عدوى الحرب على الإسلام من باريس للأمريكان!

  • قراصنة إنترنت مسلمين يتسببون في إنهيار مصنع للحديد والصلب في المانيا وهدم أدوات بملايين الدولارات، و إختراق 19 الف موقع فرنسي لصحف ومؤسسات.
  • سراج وهاج: لوكان المسلمين أذكياء لكانوا إستولوا على الحكم في أمريكا وإستبدلوها بدولة الخلافة وحكم الشريعة الإسلامية!.
  • تساؤلات عما إذا كان المسلمين يمثلون مواطنين أمريكيين صالحين.. والإجابات كلها جاءت بـ”لا” لأسباب مختلفة.
  • 6 دول أوروبية تحظر الإعلان عن الطعام الـ”حلال” وثلاثة بلدان تحظر الحجاب وفي سويسرا المسلمين لا يمكنهم بناء مئذنة للمساجد.
  • زعيم “بوكوحرام” يستمتع بقتل الآخرين كما يستمتع بذبح الدجاج والماعز، وأحد شيوخ السعودية يدعى إن “ميكي ماوس” يجب أن يموت وأنه أحد جنود الشيطان وكل ما يمسه يصبح نجسا!.
  • داعش تطرح دليل للأمهات حول “كيفية تربية الطفل الجهادي”.

 علي الشرنوبي

يبدو أن آثار وتبعات الزلزال الإرهابي الذي ضرب باريس مؤخرا ستستمر لبعض الوقت، كما يبدو أن ردود الفعل على ذلك الحادث لن تقتصر على فرنسا أو بلجيكا أو المانيا أو حتى أوروبا كلها فقط، بل إمتدت تلك الآثار وردود الفعل الى القارة الأمريكية بأكملها، ومن الواضح أن تلك الردود تنحصر في شكل الهجوم على الإسلام والمسلمين وعودة الروح العدائية الى قلوب الأمريكيين بعد أن كادوا يتخلصون منها بعد سنوات من هجمات 11 سبتمبر، إلا أن الكثيرين ممن يعادون الإسلام ويتحينون الفرص لصب جآم غضبهم على الدين وأصحابه وجدوا في أحداث باريس الأخيرة فرصة سانحة لإخراج ما في نفوسهم وقلوبهم وإشعال العداء والعنصرية في قلوب الأمريكيين بحجة الخوف على حرية التعبير وحق إنتقاد الآخرين كحق أصيل في الدستور الأمريكي الذي يحكم بلد الحريات.

ويبدو أن المرحلة القادمة ستشهد حربا على الإسلام والمسلمين على عدة جبهات، منها العسكري كما يحدث في سوريا، ومنها أيضا الحرب المعلوماتية والتكنولوجية والتي إجتمع بشأنها الرئيس أوباما مع رئيس الوزراء البريطاني لبحث كيفية التصدي للمواقع والصفحات التي تدعو الى تبني الفكر الجهادي والتحريض على الغرب ومؤسساته، وتصدي أجهزة المخابرات في البلدين لهجمات الإختراق المدمرة على البنوك ومحطات الطاقة النووية أو حتى أنظمة النقل، والتي أحد طرفاها من العرب والمسلمين والتابعين للمنظمات الجهادية أو المتطرفة، ولكي يستثمر البلدين العلاقة الخاصة بينهما في وقف والتصدي لجميع أشكال التهديدات الحادثة على الإنترنت، خاصة تلك المتعلقة بالهجوم على بنوك انجلترا ووول ستريت، فيما يبدو أن الحرب الرقمية والتجسس على “الأعداء” أصبح هو الأداة المفضلة للإرهابيين والمتسللين الجشعين، أو حتى الدول العازمة على سرقة أسرار أعدائهم وإختراق حصونهم المعلوماتية.
وقد صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن الشركات البريطانية واقعة حاليا تحت تهديد شديد، وحذر في تقرير خاص أن 80٪ من أكبر شركات المملكة المتحدة يعانون من هجمات الكترونية ومحاولات تجسس وإختراق في العام الماضي، وحاليا أصبحت هجمات قراصنة الإنترنت أكثر جرأة من أي وقت مضى، مع القدرة ليس فقط على تحطيم أنظمة الكمبيوتر، ولكن تدمير حقيقية في العالم الحقيقي، مثل تحطيم معدات وماكينات واحد من أكبر مصانع الحديد والصلب الألمانية وتدمير الفرن والمعدات التي تقدر بمئات الملايين مؤخرا، كما شهد العالم هجمات “سوني” التي تمت على يد كوريا الشمالية وكذلك الهجوم على مواقع البنتاجون وغيره من المؤسسات الأمريكية، بما يحتوي على معلومات حساسة، وبالمثل أعلنت فرنسا أنها تتعرض لهجوم الكتروني شديد يوميا بعد أحداث شارلي إيبدو، مما أدى الى إختراق نحو 19 الف موقع فرنسي لصحف ومؤسسات رسمية وغيرها.

لكن بعيدا عن الحرب الإلكترونية التي تتشكل في الأفق، فعلى أرض الواقع تتشكل حرب أخرى حقيقية في الولايات المتحدة على العرب والمسلمين، ففي يوم السبت الماضي، وأثناء إنعقاد مؤتمر لناشطين مسلمين في ولاية تكساس بإسم “الإسلاموفوبيا والدفاع عن الرسول”، تجمع المئات من الناشطين المعادين للإسلام والمسلمين خارج مقر إنعقاد المؤتمر، للتنديد بالإسلام والشريعة الإسلامية وإعتبارها الدافع وراء الأحداث الأخيرة بباريس، وللتشديد على أهمية حرية الفكر والتعبير، ويقول المعارضون للمؤتمر أن عقد مؤتمر يدعو لإحترام الرسول والدفاع عنه ومعاملته بما يستحق من الشرف والاحترام، إنما هو أمر مماثل للدافع وراء القتلة الجهاديين المنفذين لمذبحة تشارلي ابدو، والذين أخذ أحدهم يصيح بعد أن قتل 12 شخصا: “لقد انتقمنا للنبي محمد”.

ومما زاد من سخونة الأحداث ما صرح به المدعو “سراج وهاج”، وهو المتهم بالتآمر في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 وصديق مقرب من العقل المدبر لهذه العملية “الشيخ الضرير” عمر عبد الرحمن، حيث قال وهاج في عام 1992:” لوكان المسلمين أذكياء سياسيا، لكانوا إستولوا على الحكم في الولايات المتحدة وحلوا محل الحكومة الدستورية وإستبدلوها بدولة الخلافة وحكم الشريعة الإسلامية!.

وعلى الجانب الآخر، أعلنت باميلا جيلر رئيسة مبادرة الدفاع عن الحرية الأميركية (AFDI) أن عقد مؤتمر حول “الإسلاموفوبيا” يسعى لخنق المعارضة للارهاب والجهاد ولتقييد حرية التعبير، والعمل على تعزيز الشريعة الإسلامية التي أدت لمذبحة تشارلي ابدو، مضيفة أن المؤتمر يدعو الجماعات الإسلامية للتشهير وتلطيخ كل من يعارض الجهاد، فهم يقولون انهم يريدون الدفاع عن محمد، وهو ما يعني إسكات من يعارضون قتل 12 شخصا في باريس، وعشرات الآلاف في العالم منذ 9/11. فكما أن أتباع محمد يقتلون الناس أكثر وأكثر، فنحن بحاجة لنقدهم أكثر من أي وقت مضى، والشعوب الحرة تحتاج للوقوف ضد هذه المحاولات المخادعة لخنق كل انتقاد للإسلام، بما في ذلك كيفية استخدام الجهاديين للنصوص والتعاليم لتبرير كراهية المسلمين لليهود والعنف والقمع.
وفي نفس الوقت إنتشرت التساؤلات على صفحات التواصل الإجتماعي يمكن للمسلمين أن يكونوا مواطنين أميركيين صالحين؟، وقد جاء عدد من الإجابات الصادمة منهم شخص يعمل في المملكة العربية السعودية لمدة 20 عاما، حيث كان رده: لا. لأن ولاءهم هو لله فقط، فيما قال آخر أنه غير ممكن لأنهم لا يمكنهم قبول أي دين آخر إلا الإسلام؛ ولأن ولاءهم فقط لخمسة أركان الإسلام والقرآن، فيما قال أحدهم: لا. لأن ولاءهم هو مكة المكرمة، التي يتحولون اليها في الصلاة خمس مرات في اليوم، وجاء رد آخر بلا. لأن ولائهم للإسلام يحظر عليهم تكوين صداقات مع المسيحيين أو اليهود!؛ فيما قال آخر: لا. لأن ولائهم يجب أن يقدم إلى الملالي (القادة الروحيين)، الذين يعلمونهم إبادة إسرائيل وتدمير أمريكا الشيطان الأكبر، بينما أجاب واحد: لا. لأنهم يهدفون إلى الزواج من أربع نساء وويمكن لأحدهم ضرب زوجته عند عصيانها له؛ وقال آخر: لا. لأنه لا يمكنهم تقبل الدستور الأميركي لأنه يقوم على مبادئ الكتاب المقدس وهم يعتقدون ان الكتاب المقدس فاسد ومحرف، وآخيرا قال أحدهم: لا. لأن الإسلام ومحمد والقرآن لا يسمحون بحرية الدين والتعبير، فالديمقراطية والإسلام لا يمكن أن يتعايشان، وكل حكومة إسلامية هي إما ديكتاتورية أو استبدادية.
فيما أثار ما حدث مؤخرا من السماح للمسلمين في إحدى مدارس ولاية ميتشجان بالصلاة أثناء اليوم الدراسي، عاصفة من الإنتقادات والإعتراضات على القرار، منددين بما أسموه بالتفرقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود في المدارس، فيما أرجع الكثيرون القرار لحالة الخوف التي يشعر بها القائمين على التعليم بالولاية، وهو الخوف من تنفيذ عمليات عنف وإنتقام من جانب المسلمين إذا ما تم رفض طلبهم بتخصيص مكان ووقت للصلاة في المدرسة، وكان مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية بولاية ميشيغان قد توصل إلى تسوية مع مجلس إدارة المدرسة في ديربورن، وهي ضاحية من ضواحي ديترويت، بأن تعطي أطفال المسلمين ما يسمى “مهلة إقامة الصلاة في المدارس العامة”، وذلك لتفادي الغياب بدون عذر للطلاب المسلمين الذين يغادرون مبكرا يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة إسبوعيا.

ويسوق منظمي المؤتمر المسلمين عددا من الأسباب التي دعتهم لعقده في هذا التوقيت الحساس وحالة اللغط التي أثارها المؤتمر في المجتمع الأمريكي، فيقول منظميه أنك إذا كنت تشعر بالاحباط لمعاداة الإسلام وتشويه صورة وسمعة النبي (ص)؛ وإذا كنت تشعر بالغضب من فرق المتطرفين مثل “داعش” الذي يعطي سمعة سيئة للإسلام، ولو كنت تتذكر الرسوم الدنماركية لتشويه سمعة النبي أو الفيلم المعادي للإسلام “براءة المسلمين”؛ فيجب أن تعلم أن هذه الهجمات ليست من قبيل الصدفة.
فرغم أن النبي محمد يلهم أتباعه بالحب ويزرع الإخلاص في قلوب المسلمين، لكن للأسف، فإن أعداء الإسلام حولوه إلى رمز للكراهية، وقد استثمرت جماعات الكراهية في الولايات المتحدة أكثر من160 مليون دولار لمهاجمة نبينا والإسلام، ألم يحن الوقت لأن نستثمر نحن أموالنا في الدفاع عن ديننا؟ وإلا فإن جماعات مثل داعش وبوكو حرام سوف تستمر فقط في إشعال ودفع وسائل الإعلام لتجريم المسلمين.
فبعد هجمات 9/11، كان لدى 27% فقط من الاميركيين رأي سلبي في الإسلام، لكن اليوم، هذا العدد يقترب من 60%، والإسلاموفوبيا باتت تحول جيراننا ضدنا، ونتيجة لتشكيك الشباب المسلم في دينهم، فإن 47%من المسلمين في مرحلة الجامعة يتجهون في نهاية المطاف الى شرب الكحوليات.
وفي حين أن الولايات المتحدة هي القائد والدافع للشعور بالكراهية حول العالم، فإن الخوف من الإسلام يسبب المشاكل في جميع أنحاء العالم، واليوم، يوجد ست دول أوروبية هي: الدنمارك وبولندا وأيسلندا والنرويج والسويد وسويسرا، وضعت حظرا على الإعلان عن الطعام الـ”حلال”؛ فيما فرضت ثلاثة بلدان، بما في ذلك فرنسا، حظر على إرتداء الحجاب، وفي سويسرا، المسلمين لا يمكنهم بناء مئذنة للمساجد.
وفي الوقت نفسه نجد أنه في بورما وجمهورية أفريقيا الوسطى، فإن الأقليات المسلمة تواجه الإبادة الجماعية اليومية في حين يجري تسميتهم بالإرهابيين والأجانب، وهم متهمين بمحاولة فرض الشريعة الإسلامية على الآخرين؛ وقد اخترعت كل هذه الاتهامات من قبل أعداء الإسلام في أمريكا.
وبينما نحتفل بميلاد النبي في منطقتنا الآن، فنحن نلزم أنفسنا بالوقوف مع النبي لتصحيح صورته، وتركز الرؤية السليمة على بناء مركز الاتصالات الاستراتيجية التي من شأنها قيادة الجهود ضد كراهية الإسلام، عن طريق الحفاظ على جيراننا كأصدقاء وعلى الشبان المسلمين كمسلمين أقوياء ومواطنين أصحاء، فإن كنت ترغب بذلك، انضم إلينا!.

ورغم تلك المحاولات لتحسين صورة الإسلام ورسوله، إلا أنه وبالفعل هناك العديد من التصريحات والأفعال الآتية من “الرموز الإسلامية”، والتي تقوم بتقويض وهدم جميع المحاولات للدفاع عن الإسلام ورسوله، من لك تصريح زعيم حركة “بوكوحرام” أبو بكر شيكاو” بأنه يستمتع بقتل الآخرين تماما كما يستمتع بذبح الدجاج والماعز.
كما نجد تصريحا آخر لأحد شيوخ السعودية ويدعى “محمد منجد” معلنا أنه ووفقا للشريعة الإسلامية فإن الفأر الكرتوني الشهير “ميكي ماوس” يجب أن يموت، وأنه أحد جنود الشيطان وأن كل ما يمسه يصبح نجسا!.
ويخرج نفس الشخص بفتوى أخرى ليقوم بتحريم عمل “رجل من الثلوج” مرجعا فتواه للشريعة الإسلامية التي تحرم صنع التماثيل للبشر أو الحيوانات أو أي شيء أخر!.

وبالطبع لا يوجد حاليا أفضل من تنظيم الدولة الإسلامية لإعطاء صورة سلبية وخاطئة عن الإسلام، فمؤخرا نجد وسائل الإعلام التابعة للتنظيم قامت بالافراج عن شريط فيديو يظهر إعتراف رجلين بأنهم عملاء للمخابرات الروسية، فيما يظهر في الفيديو صبي يبدو أنه يبلغ من العمر 10 سنوات وهو يقوم باطلاق النار على الرجلين، ووفقا للتقارير، فقد ظهر نفس الطفل في أشرطة الفيديو الصادرة في الماضي، وقد تم نشر الفيديو بعد يوم من نشر فيديو آخر يظهر صبي يبلغ من العمر 14 عاما يقوم بتنفيذ هجوم انتحاري في محافظة صلاح الدين ضد بعض الشيعة الموالين لإيران، فيما أفرجت الجماعة الإرهابية عن دليل للأمهات في منتصف ديسمبر الماضي حول “كيفية تربية الطفل الجهادي”.
ففي دليل بعنوان “دور الأخت في الجهاد”، يوصي بزيارة الأطفال للمواقع الجهادية، وقراءة قصص الجهاد في وقت النوم، وتشجيع الألعاب الرياضية مثل الرمي بالسهام، ويقول الفيديو أن تلقين الأطفال قيم الجماعة المسلحة هو أهم طريقة يمكن للمرأة أن تساهم بها، فيقول الدليل، يجب حث الأمهات على عدم الانتظار حتى يبلغ الأطفال سبعة أعوام لبدء الجهاد، فقد يكون فات الأوان آنذاك (!).

أصابع الإتهام تشير بقوة الى وقوف الموساد واليهود وراء أحداث باريس!

لم يكن أحد في العاصمة الفرنسية باريس يتوقع أن يصيبها مثل ذلك الزلزال الذي حدث في الإسبوع الماضي، والذي يمثل النسخة الفرنسية من أحداث 11 سبتمبر، عندما إقتحم ملثمين ومسلحين ببنادق الكلاشينكوف مبنى الصحيفة الإسبوعية الساخرة شارلي ايبدو- وهي مجلة لها تاريخ طويل في السخرية من الديانات كلها بصفة عامة- أثناء إجتماع هيئة التحرير ليقتلوا ويصيبوا خمسة من العاملين بها، ومنهم المراجع اللغوي للصحيفة مصطفى إردو الجزائري الأصل والمسلم الديانة، كما قتلوا شرطيين تصادف أن يكون أحدهما مسلم الديانة، وقبل فرارهم من موقع الحادث التفت أحد المسلحين ليعلن للمتفرجين على المشهد أنهم تابعون لتنظيم القاعدة في اليمن، قبل أن يفروا الى منطقة شمال باريس لتتواصل الأحداث وتزداد سخونة، فبعد أن بدأت الشرطة في إعلانها التعرف على الجناة والبحث عنهم والتضييق عليهم، وقامت بنشر صورهم لتقول أنهم أخوين فرنسيين الجنسية في الثلاثينات إسمهم سعيد وشريف كواتشي (وبالطبع هما مسلمين الديانة)، وثالثهم وأصغرهم سنا “18 عاما” يدعى مراد حميد، والذي قام مسرعا بتسليم نفسه للشرطة بعد أن رأى صورته وإسمه ينتشران على وسائل التواصل الإجتماعي، ثم تتصاعد الأحداث بقيام الإثنان الآخران بإختطاف أحد الرهائن الذين تصادف وجودهم في مطبعة بشمال باريس، ثم لتنتهي المأساة كلها بتمكن الشرطة الفرنسية من قتل المختطفين وتحرير الرهائن ووضع كلمة النهاية لأحد أكثر الأحداث التي شهدتها فرنسا مأساوية وغرابة.

وفي البداية نحن لا نقوم بتكذيب تلك القصة التي إنتشرت في جميع أنحاء العالم والتي أعلنتها السلطات الفرنسية، كما أننا لا نروج هنا لنظرية المؤامرة كما هو معتاد إتهام العرب والمسلمين، كما أننا لا نحاول نفي التهمة عن من قاموا بها سواء كانوا بالفعل من المسلمين التابعين للقاعدة أم داعش أو غيرهم.
لكن في نفس الوقت، يجب علينا ألا نصدق كل ما نسمع لمجرد صدوره عن وسائل الإعلام التي طالما علمنا أنها في خدمة أحد المستفيدين دائما، أو حتى عن السلطات التي كثيرا ما تخطيء وتتسرع في محاولاتها لتهدئة الرأي العام وإثبات كفاءتها وسيطرتها على الأمور. فنحن لسنا مع أيا من الأطراف ولا نسعى إلا وراء الحقيقة، وهذا السعي يستلزم منا أن نرى الوقائع من كافة جوانبها وأن نستمع الى كل الأطراف، لنخرج في النهاية بما هو أقرب للتصديق وللمنطق، حتى وإن كان مغايرا لما تقوله وتردده الأغلبية ويسير وراؤه القطيع.

والحقيقة التي يجب أن نلفت النظر اليها هنا في البداية، هي أن هناك العديد من الأخطاء والثغرات في الرواية المنتشرة إعلاميا والصادرة عن السلطات وما يرافقها من وسائل إعلام تقوم فقط بترديد ما يقوله الآخرون دون تمحيص، بل والأدهى من ذلك، أن هناك الكثير من التفاصيل والوقائع التي تشير بأصابع الإتهام الى طرف آخر بعيدا كل البعد عمن توجهت اليه الأنظار وترددت بشأنه الروايات، ففي الوقت الذي يتردد فيه أن الجناة هم من المسلمون الذين تدربوا في معسكرات القاعدة باليمن بهدف الإنتقام من الصحيفة لنشرها بعض الرسومات التي تتهكم فيها على الإسلام ورسوله، نجد أن التفاصيل تشير بقوة الى تورط أجهزة استخبارات في الحادث وأنه ليس بحادث فردي ناتج عن شعور بعض الأشخاص بالغضب لرؤيته بعض الرسومات الكاريكاتورية على إحدى الصحف المغمورة والمعرضة للإفلاس والتي تصدر بصعوبة نتيجة لإحجام المعلنين عن التعاقد معها لرفض غالبية الفرنسيين الخط الساخر من الديانات الذي تنتهجه الصحيفة، وبالتدقيق في التفاصيل نجد أن الجهة الوحيدة تقريبا المستفيدة والمحتمل تورطها في الأمر هو جهاز الإستخبارات الإسرائيلي “الموساد” أو ما يماثله من أجهزة ثبت تورطها من قبل في أحداث أخرى مشابهة مثل هجمات سبتمبر على نيويورك، ولا يبعد الإسلوب والتخطيط للعملية كثيرا عما إعتادت عليه تلك الأجهزة.

وفي البداية نشدد على إننا لا نتهم أحدا بعينه في ذلك، وإنما ننقل ببساطة رأي العديد من الفرنسيين أنفسهم والأوروبيين والأمريكيين ممن لم تقنعهم تلك الرواية الساذجة التي تداولتها وسائل الإعلام العالمية، وما كتبه هؤلاء على مواقع الإنترنت وصفحاتهم ووسائل التواصل الإجتماعي، لنرى وجهة النظر الأخرى والزاوية الثانية التي لم يسلط عليها أحد الضوء حتى الآن، وبالطبع تأتي أقوى تلك الشهادات من أحد المواقع اليهودية الإسرائيلية نفسها وهو موقع “Real Jew news” أو أخبار اليهود الحقيقية، والي يشير بقوة الى وقوف الموساد وراء تلك الأحداث، فيما يسوق الموقع ورواده العديد من الأسباب لهذا الإتهام الذي لا يأتي من فراغ.

وهنا يجب أن نشدد بداية على أن فرنسا تحديدا تكاد تكون البلد الوحيد الذي قام مؤخرا بتأييد الإعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وبالطبع كان لا بد من عقابها على ذلك الموقف وياحبذا لو تم تشويه صورة العرب والمسلمين الذين تدعمهم فرنسا وتقف بجوارهم ضد الرغبة اليهودية والسياسات الإسرائيلية، وهو بالضبط ما قاله الموقع المهتم بأخبار اليهود حصريا، ويتساءل الكاتب “اليهودي” “نثنيال كابنر” في البداية عما يستلزمه الأمر من عملاء الموساد لكي نقوم بتوجيه الإتهام والأنظار تجاه الجانب الخاطي، مجيبا على تساؤله بأن الأمر لا يستلزم أكثر من أن تسرق سيارة ثم تتوجه بها ناحية مطعم يقدم الأكلات الموافقة للشريعة اليهودية لزبائنة والواقع على بعد ميلين فقط من صحيفة تشارلي ابدو في باريس.

ففي البداية استقل الجناة سيارة سيتروين سوداء، ثم تم التخلي عنها في المطعم، في حين قُدمت رينو رمادي للقتلة لتساعدهم على الفرار.

ويضيف الكاتب أنه وبنظرة واحدة على الكيفية التي كانت “سيارة الهروب” متوقفة بها أمام المطعم نتأكد أن المهاجمين لم يكونوا في عجلة من امرهم للهرب طالما عرفوا أن هناك ملاذا آمنا وسيارة أخرى كانت مستعدة لاستقبالهم والفرار بهم.

ويتساءل الكاتب لماذا تدعي الشرطة الفرنسية ان سيارة الهروب “الرينو”قد اختطفت بينما يظهر بشدة حقيقة أن تلك الرينو تم بالفعل توفيرها من قبل بفترة، وذلك بمعرفة أحد المتواطئين اليهود، ويدعى سايانيم.

ويؤكد الكاتب أن العديد من التفاصيل الشاذة تدعم نظرية أن الهجوم على تشارلي ابدو كان عملية من صنع الموساد التي أراد الصاقها بالجانب الخاطيء.

ودعنا نتحقق من تلك النظرية، فأولا وقبل كل شيء، كانت صيحات “الله أكبر” و”انتقمنا للنبي” التي تم اطلاقها من قبل المهاجمين قد قيلت في لغة فرنسية سليمة تماما. فلو كانوا حقا مسلمين متطرفين، كما تؤكد الصحافة والتقارير، لتم إطلاق تلك الصيحات باللغة العربية.

ثانيا، كيف للجناة أن يعرفون أن مقر صحيفة تشارلي ابدو كان على وشك عقد اجتماع للموظفين بكامل طاقمهم في نفس ساعة هجومهم تماما؟ ربما يتم هذا فقط عن طريق شخص ما قد أخبرهم من الداخل.. ثم قام المسلحين، مع علمهم مقدما بأسماء أهدافهم من الصحفيين، بالتوجه إلى قسم التحرير الواقع في الطابق الثاني حيث يعقد الاجتماع، وسألوا المجتمعين عن أسمائهم ليروا إن كانت مطابقة لما لديهم من قائمة الأسماء، وذلك قبل اطلاق النار!.. فهم لم يقوموا فقط بإطلاق النار مثل أي هجوم نموذجي قد ينفذه ‘الإرهابيين’.

ثالثا، ان السيارة التي كانت متوقفة بدقة وبشكل مريح تحتوي على البطاقة الشخصية لواحد من ‘الإرهابيين’.

ويؤكد الكاتب ومؤيدوه بالموقع أنه بالتأكيد، هذا هو الإسلوب الكلاسيكي لجهاز الموساد الذي يقوم بسحب هوية من اتهم سابقا بالفعل لكي يستخدم هويته بزرعها في أي مكان يريدونه.

وبالطبع هذا أمر مثير للسخرية بشدة، لكن لو أخذناه على محمل الجد، فمن هو الذي يأخذ بطاقته الخاصة أثناء قيامه بعملية إرهابية على غرار الكوماندوز؟

ويعلن الكاتب بصراحه أن الجانب الوحيد الذي يمكن قيامه بتلك العملية هم اليهود… لتأجيج الإسلاموفوبيا، وتحديدا في هذه الحالة مع المؤسسة الفرنسية والتي تقوم بطرح عدة مبادرات مؤيدة للفلسطينيين في الآونة الأخيرة بشكل كبير… وهي مبادرات “مخيبة لآمال” تل أبيب.

والدليل القوي على ذلك هو إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأن تلك “الأفعال الشنيعة في باريس لن تكون الأخيرة.”. فطريقة تأجيج الحرب عن طريق الخداع هو شعار الموساد الدائم، وهاهو الخداع اليهودي ينطلي على الضحايا مرة أخرى.

وإذا كانت تلك التفاصيل التي غابت عن العامة ورصدها المتخصصين تشير بقوة الى الموساد الإسرائيلي، فإن هناك ملاحظة أخرى ربما تحسم الأمر، وهي لا تبعد أيضا عن العامل اليهودي المتواجد بقوة على الساحة الأوروبية والمتحكم تقريبا في كثير من السياسات هناك، وعند النظر للسياسة الفرنسية تحديدا يبرز لنا عامل اليمين المتشدد وعلى رأسه السيدة “مارين لوبان” المتشوقة بشدة للجلوس على كرسي الحكم في قصر الإليزية، والتي تتعامل مع عدة حقائق يجب النظر اليها عند رؤية أبعاد الحادث الأخير.

فاليمين الفرنسي بقيادة لوبان مستاء بشدة من كثرة المهاجرين ذوي الأصول العربية المسلمة وخاصة من شمال افريقيا، ويأتي استياءهم من حقيقة إنتشار اولئك المهاجرين في جميع الوظائف في الإدارة والحكومة الفرنسية، وهم أصحاب عادات وتقاليد وأفكار وأديان مغايرة بشدة للتقاليد والأفكار الفرنسية الأصلية، وإذا علمنا أن الغرب المسيحي الكاثوليكي يرفض بشدة هجرة وإستقدام أعداد كبيرة من هؤلاء العرب والمسلمين الى فرنسا، في نفس الوقت الذي يقوم فيه هؤلاء المهاجرين ممن حصلوا على الجنسية الفرنسية بتشكيل أحزاب مسلمة تناهض الصهيونية اليهودية وتكشف سيطرة اليهود على مراكز المال والسياسة الفرنسية خاصة والأوروبية عامة، سنكتشف تحالفا غير معلن بين ذلك اليمين المسيحي المتطرف وبين القوى الصهيونية الأوروبية يهدف بالدرجة الأولى للحد من أعداد المهاجرين العرب والمسلمين ومنع حصولهم على الجنسيات الأوروبية التي تمكنهم من نيل كافة حقوقهم وخاصة فيما يتعلق بالوظائف والتمثيل السياسي في أوروبا وفرنسا تحديدا، ويحاول دائما لفت النظر بعيدا عن سيطرة اليهود على رأس المال الفرنسي ويستخدم التهمة الجاهزة دائما وهي معاداة السامية لإسكات أي صوت لهؤلاء المسلمين الفرنسيين… فإذا علمنا أن اليمين المتطرف بقيادة لوبان يكسب كل يوم أرضا جديدة ومعجبين ومصوتين فرنسيين جدد، سنعلم بالتأكيد أن لوبان وحزبها المتطرف يمينا ربما يكون الرئيس والقائد القادم لفرنسا بعد الإطاحة بهولاند واليسار، وبالطبع لا يوجد أفضل من تلك الحادثة لألصاقها بالعرب والمسلمين لكي تمثل الضربة القاضية لليسار الفرنسي ولقدرة المجتمع الفرنسي على تقبل المهاجرين ذوي الأصول العربية المسلمة، وتوصف لوبان وحزبها الآن بأنهم أبطال فرنسا وحماة الوطن والمدافعين عن الهوية الفرنسية، ومنذ عامين فقط، استطاعت لوبان وحزبها الفوز في 12 بلدية في فرنسا ومقعدين في البرلمان والأدهى من ذلك بكونها الحزب الأكثر قوة وصوتا في البرلمان الأوروبي، حتى أن البعض يطلق عليها اسم “جان دارك الجديدة” و”الأمل الوحيد لفرنسا”، وفي الوقت نفسه، فإن الانقسام بين مكونات المجتمع يساعد على تلميع صورة الجبهة الوطنية ليمين الوسط تحت مارين لوبان، وتأمين شعبية أوسع بين عدد متزايد من الناخبين المحبطين والعاطلين، وهم مجموعة واسعة من المجتمع الفرنسي.

وبعيدا عما تردده وسائل الإعلام الرسمية، نجد أن هناك أصواتا كثيرة تعرف وتنتبه للخطر اليهودي في الواقع الأوروبي والفرنسي بل والأمريكي أيضا، فهناك الكثير من الأصوات التي خرجت لتعلن عدم تصديقها للرواية الرسمية بل ولتشير بأصابع الإتهام الى الجانب اليهودي وعلى رأسه جهاز الموساد الإسرائيلي، ويرى الكثيرون أنه اذا كان هناك خطر قادم من الإرهاب الإسلامي، فهناك بالتأكيد خطر أشد وهو “الإرهاب اليهودي”، والذي يتمثل في التسلل لمواقع المال وصنع القرار بالدولة الفرنسية ويمثل مفهوم “الدولة العميقة” هناك، وهو مفهوم جديد ينتشر بشدة في فرنسا ويمثل سببا كافيا في نظر الكثيرين لمحاولة ابعاد النظر عن اليهود والصاق الإرهاب والعداوة بالمسلمين والعرب فقط دون غيرهم.

فيقول أحد الكتاب الأوروبيين أن الإرهاب الإسلامي هو القضية الأساسية بالنسبة لليهود، لكن “الإرهاب اليهودي السري” يجب أن يكون هو القضية الرئيسية للمسيحيين الأوروبيين.

بينما يؤكد آخر أن الجناة في الحادث قتلوا أحد الرسامين الذين رسموا رسومات تتهكم على اليهود والديانة اليهودية، وعندما طلبت منه الإدارة الإعتذار رفض بشدة، فالصحيفة كانت تسخر من المسيحيين والمسلمين واليهود جميعا، لكن وسائل الأعلام اليهودية مثل الـ”سي إن إن” تركز فقط على جوانب محددة من الأمر وتترك الباقي دون تركيز.

ويعلن آخر قائلا: من المؤكد أنه هجوم يهودي أرادوا الصاقه على الطرف الخطأ، فالهجوم منظم جدا بحيث لا أعتقد أنه مدبر من قبل الإرهابيين العرب، وكلنا نذكر هجوم اثنين من الرجال الذي أسفر عن مقتل الجندي في لندن منذ عام تقريبا، فهم كانوا متوحشين وبلداء وأغبياء، فإذا كان ما تم القيام به في باريس هو هجوم من قبل المتعصبين المسلمين، لكانوا قد تصرفوا بطريقة مماثلة لتلك التي في لندن.

ورغم ما في ذلك التعليق من وصف للعرب بأنهم بلداء وأغبياء إلا أن الملاحظة بالفعل بها الكثير من المنطق، فالمتابع للهجوم يرى أن الجناة كانوا مدربين تماما ويعرفون ما يفعلون مسبقا. ويضيف الكاتب قائلا: لست متأكدا إذا كان أيا من اليهود بين القتلى أو الجرحى؟ لكن بالتأكيد إذا لم تقع اصابات بين أحد اليهود، فسوف أكون متأكدا من هوية الفاعل الحقيقي وهي: اليهود… وعلى أية حال يبدو أنهم بالفعل اليهود مرة أخرى، فهذه الجريمة تصب فقط في مصلحتهم.

فيما يطرح آخر إحتمالية أن تكون داعش هي من وراء الهجوم، لكنه يؤكد أيضا أن داعش نفسها هي من خلق اليهود والإسرائيليين، ويدلل على قوله بأن المستفيد الوحيد من الحادث هو الموساد وإسرائيل، فكثير من الدول الأوروبية أصبحت الآن تتعاطف مع الفلسطينيين ولا تسير وراء أمريكا وإسرائيل كالماضي، وعلى رأسهم فرنسا، بحيث يمكن القول إن إسرائيل تكاد أن تخسر تلك الحرب، ومن الواضح أن المخططات الكبرى من قبل إسرائيل والمحافظين الجدد قد باءت بالفشل. وهم في صراع مع أوباما وبعض البيروقراطيين الكبار، وحتى التوقعات بفوز اليهود في أوكرانيا تحولت إلى كارثة، ولم يستطيعوا جر روسيا إلى حرب جديدة؛ وحتى الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين خرج الكل ليدينها ويعلن أنها تمثل جرائم ضد الإنسانية، رغم تحمل الاف الأطفال والنساء الفلسطينيين للقتل والجوع والبرد، لذلك فلابد أن تستمر إسرائيل في الحرب على الجميع.

ويقول آخر معلقا على الحادث: بمجرد أن رأيت الحادث علمت أن السياسيين الأغبياء حول العالم سيتهمون المسلمون بفعله، رغم أنه من السهل جدا أن تصيح قائلا كلمة “الله أكبر”.

ورغم إقتناع العديد بأن المسلمون هم المنفذون للحادث، إلا أن هناك الكثير من المواقع التي سارت عكس التيار ورفض كاتبوها تسليم عقولهم لما يسمعونه دون تفكير وتمحيص، ومثالا على هؤلاء موقع “القرن الواحد والعشرون” والذي كتب فيه المحلل الأمريكي “هيلتون شون” أن صحيفة شارلي ابدو تعرضت لهجوم بعد ساعتين فقط من نشرها صورة لزعيم داعش أبو بكر البغدادي، مع رسالة تقول: مع أطيب التمنيات. فيما سارعت قناة بي بي سي ووسائل الإعلام الأخرى في محاولة للاستفادة من التغريدة بإستحضار الخوف المحيط بتنظيم الدولة الإسلامية الذي يمثل العلامة التجارية الجديدة للإرهاب.

وفي أعقاب المأساة، حدثت حملة لتسويق هذا الحدث، في غضون ساعة من اطلاق النار، وبالتسويق لكلمة JeSuisCharlie أو”أنا تشارلي” التي أعلنها الناس تضامنا مع الصحيفة، وكأن الناس تتشوق بشدة لدعم حرية الصحافة!. ويتساءل الكاتب كيف لصحيفة مثل تشارلي ابدو ووسائل الإعلام الأخرى أن يكون لديها بالفعل خطة تسويقية في غضون ساعة أو نحو ذلك من إطلاق النار؟.

وتفيد التقارير بأن كورين ري، وهي رسامة كاريكاتير لتشارلي ابدو والمعروفة باسم “كوكو”، قد واجهت الملثمين عند مدخل المبني مع ابنتها، وقدمت رمز رقمي لدخول مكاتب ابدو بعد تهديدات بالعنف. وقالت ري أنهما يتحدث الفرنسية السليمة تماما، وأنهما ادعيا أنهم إرهابيين تابعين لتنظيم القاعدة. وكأن محررو المجلة كانوا على لائحة التنظيم المطلوبين.

ويقال أن المسلحين قتلوا اثنين من الشرطة، مع 10 صحفيين، ومع جرح 11 آخرين، وتثير الكاتبة نقطة هامة للغاية، فتقول أن الأمن كان دائما ما يقف خارج مكاتب الصحيفة، فماذا حدث للفريق الأمني قبييل إطلاق النار؟ كما يقال أن الصحفيين كانوا يجتمعون في الاجتماع الاسبوعي الخاص بهم، وقال مراسل صحيفة لوموند الفرنسية أن المهاجمين كانوا على علم بأن الاجتماع التحريري كان يحدث، فمن هم الذين تمكنوا من إبلاغ المسلحين عن الاجتماعات التحريرية؟.

وقد ذكرت وكالة أسوشيتد برس يوم 22 ديسمبر الماضي، أن المخاوف الأمنية ظلت تنمو في فرنسا، مع حدوث عدة هجمات صغيرة دون دافع واضح: فقالت أن الشرطة الفرنسية تعزز الامن بعد هجوم على ضباط في وسط فرنسا، وأن كبار مسؤولي الامن في البلاد كانوا يزورون المدينة بعد أن دهس سائق 11 من المشاة.

وكانت زيارة وزير الداخلية يوم الاثنين مؤشرا على المخاوف المتزايدة للحكومة بعد تهديد المتطرفين الإسلاميين خلال المكالمات للأفراد ولمهاجمة الغرب.

كما دعا نشطاء الدولة الإسلامية الناطقين بالفرنسية لشن هجمات في الغرب، وكان آخرها في شريط فيديو نشر على المنتديات الجهادية يوم الجمعة “. وكانت مكاتب تشارلي ابدو قد ألقيت عليها قنبلة حارقة في عام 2011 بعد نشرها صورة كاريكاتورية للنبي محمد، وتم تهديد المجلة لرسومها الدينية المناهضة للإسلام وفقا لتقارير.

وتجدر الإشارة إلى أن المجلة الساخرة كانت تنشر الصور المثيرة للجدل مع إشارات إلى الإسلام منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وكانت ضالعا في دعوى قضائية ضد المسجد الكبير، ورابطة العالم المسلم واتحاد المنظمات الاسلامية الفرنسية (UOIF).

ووفقا لموقع ستراتفور الأمني المعروف، ظهر ان المسلحين مدربين تدريبا جيدا، من الطريقة التي عالجوا بها أسلحتهم، وأطلقوا النار، وأجرى هؤلاء المهاجمين هجوم ناجح، وذلك باستخدام ما يعرفونه، بدلا من محاولة شن هجوم وراء قدرتهم وفشلهم نتيجة لذلك.

ووفقا لبيان صحفي في شهر سبتمبر 2014، لأعلن مسؤولون فرنسيون أنهم يعملون على مقياس مكافحة الارهاب الجديد والدافع الرئيسي له هو استخدام أدوات لملاحقة “الأفراد” ومواقع الإنترنت التي تعتبر أنها “دفاع” أو “استفزاز” عن الإرهاب

وفي ملاحظة هامة للفيديو الذي بث على موقع يوتيوب، نرى اطلاق النار على الشرطي الواقع على الأرض، لكن لا نشاهد أثرا لإرتداد الرصاصة في الرصيف، والأهم أنه لا وجود لأي دم قادم من الضحية رغم اصابتها من مسافة قريبة، مع عدم ارتداد القتيل أصلا!.

ويثير الكاتب جانب آخر مشيرا الى الفاعل الحقيقي، ويقول أنه في ديسمبر أقر البرلمان الفرنسي على قرار يحث الحكومة على الاعتراف بدولة فلسطينية مع تصويت 339 من النواب لصالحه و151 ضده. فيما ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن “إسرائيل أعربت رسميا عن” خيبة أمل عميقة لتصويت فرنسا لقرار فلسطيني في مجلس الامن الدولي يدعو لانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل إلى خطوط ما قبل عام 1967 بحلول نهاية عام 2017.

ويعتقد الباحثين أن الاعتراف بدولة فلسطينية يمكن أن يكون ذريعة لتنظيم حدث ارهابي داخل فرنسا، وهناك العديد من المصالح تبحث لإسكات محاولة الإعتراف بدولة فلسطين ويمكن أن يعتبر أي دعم لذلك كتهديد.

علي الشرنوبي: جين بساكي.. “كلب أوباما الشرس” وصاحبة الكلمة العليا داخل الإدارة الأمريكية

منذ أن وقع الاختيار على جين بساكي، أو “جنيفر رينيه بساكي” لشغل منصب المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية فى إبريل من العام الماضى خلفا لفيكتوريا vvvv_4نولاند المتحدثة السابقة، وهناك حالة من الجدل حول هذا الاختيار بسبب القدرات الضعيفة لـ “بساكى” والتى لاتؤهلها لشغل هذا المنصب, وقد سبق لبساكي البالغة من العمر 34 عاما أن عملت نائبة لمدير الإتصالات بالدائرة الصحفية للبيت الأبيض، ثم تم تعيينها سكرتيرة صحفية لمقر حملة باراك أوباما الانتخابية في انتخابات 2012، والمتحدثة سابقا باسم الرئيس أوباما، وهي متزوجة من جريجوري ميتشير نائب مدير إدارة شئون الحكومة الأمريكية، وهي أمريكية من أصل بولندي، من جرينتش بولاية كونيتيكت، تخرجت من كلية وليام آند ماري عام 2000. وقد أثار توظيفها في وزارة الخارجية تكهنات بأنها من المرجح أن تحل محل المتحدث باسم البيت الأبيض “جاي كارني” عند مغادرته البيت الأبيض.

وبعد تعيينها بفترة قصيرة ولقلة خبرتها في عملها، غدت بساكي مادة للتندر في الولايات المتحدة، وذلك بعد انتشار إجاباتها الغريبة ومعلوماتها المغلوطة في تصريحات رسمية ومقابلات صحفية.
ومن بين المواقف الحرجة التي وضعت نفسها فيها، ما قالته في معرض تبريرها لقصة فيكتوريا نولاند نائبة وزير الخارجية الأمريكي في واقعة تفوهها آنذاك بعبارات نابية وغير مؤدبة في حق الاتحاد الأوروبي خلال مكالمة هاتفيه جمعتها بالسفير الأمريكي لدى أوكرانيا أثناء مناقشتها للشخصيات المحتملة في تكوين الحكومة الأوكرانية.
حيث بررت بساكي هذه الحادثة بالقول “أنتم تعرفون جيدا فيكتوريا، ولا بد أنكم على علم أنها حين كانت في 23 من عمرها عاشت 8 أشهر على ظهر سفينة روسية، ومن الممكن أن تكون قد تعرّفت هناك على عبارات من هذا النوع!.”.
وحين استوضح منها أحد الصحفييين متسائلا “هل هذا يعني أن (الروس) علموها السباب؟”، أجابت “لا، أفترض أنها قد تكون عرفت الألفاظ النابية على ظهر سفينة الصيد الروسية”!.
لكن الصحفيون لفتوا نظر “بساكي” إلى أن “أولاند” كالت السباب باللغة الانجليزية، وعندها قالت بساكي إنها كانت تمزح!.
وفي موقف اخر أظهرت المتحدثة بإسم الدبلوماسية الأمريكية عجزها المعرفي في مادة الجغرافيا وتوابعها حيث صرّحت قائلة: “نحن نريد أن تتاح لأوكرانيا إمكانية الوصول إلى كميات إضافية من الغاز إذا لزم الأمر.. كما تعلمون جميعا، الغاز الطبيعي يُنقل عبر الأنابيب من غرب أوروبا إلى روسيا عبر أوكرانيا!”, وهو الأمر غير الصحيح بالمرة.
كما واجهت بساكي انتقادات لاذعة عندما اتضح أنها تستمد معلوماتها من موقع التواصل الإجتماعي تويتر، وكان ذلك حين دافعت عن استعمال واشنطن لصورة نشرت في الانترنت تظهر رجلا ملتحيا في زي عسكري وتأكيدها على أنه دليل على وجود قوات روسية في أوكرانيا قائلة:” هذه الصور راجت في وسائل الإعلام الدولية ونشرت في تويتر وكانت متاحة للجميع، وفي الصور نشاهد بحسب المظهر الخارجي أناس لهم علاقة بروسيا!، وردا على صحفي سألها “هل تسمين ذلك دليلا؟” ردت بنعم! ما دفعه إلى التساؤل مستنكرا “تريدين القول إن الحكومة الأمريكية بكل أجهزتها الاستخباراتية تعتمد الآن على صور نُشرت في الإنترنت؟!”.
وانتقد الكثيرون اختيار وتعيين “بساكي” في منصبها الهام كمتحدثة باسم وزارة الخارجية، متسائلين ما هي الشروط والمعايير التي يتم بناء عليها اختيار أولئك الأشخاص؟، ويبدو أن المعيار لذلك هو أن يكون الشخص قد أدى بعض الخدمات في السابق للرئيس اوباما وإدارته وليس للولايات المتحدة نفسها، وقد تجلى ذلك الأمر مرارا أثناء جمعها التبرعات لحملة أوباما الإنتخابية، حيث كانت تحدث بعض المناوشات بين الجماعات الدينية المتشددة أو التي يطلقون عليها معادية للسامية وبين حملة أوباما، وحينها كانت “بساكي” تخرج دائما لتلطف من الأجواء وتبرر تصرفات وتصريحات اوباما وحملته، حتى أطلق عليها البعض اسم “كلب أوباما الشرس” بسبب دفاعها المستميت عنه وعن إدارته، وأنها تفعل كل ما تستطيع للدفاع عن أوباما وليس عن الولايات المتحدة نفسها.
كما أثارت بساكي السخرية عندما قالت ذات مرة أن الرئيس اوباما لا يحمل نفسه مسئولية ما يحدث في العالم!… حيث خرجت التساؤلات والسخرية من ذلك التصريح عمن يجب أن يتحمل تلك المسئولية، وماذا عنما يحدث في روسيا والشرق الأوسط وسوريا وليبيا وغيرها من تصاعد للإرهاب؟، والى اي درجة يحمل اوباما نفسه المسئولية، وهل هو رجل ضعيف الى هذه الدرجة؟.
كما أثارت “بساكي” فضيحة أخرى مؤخرا عندما اتهمت الحكومة الأوكرانية بإجراء “التصويت الدوار” على الدستور، وهو يماثل ما كان يحدث بمصر في الإنتخابات عندما يذهب صاحب الصوت لأكثر من دائرة ليضع صوته بها وبنفس بطاقته الإنتخابية وذلك خلال عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، لكن المفاجأة كانت عندما سألها الصحفي عن معنى تلك الكلمة “التصويت الدوار”، تلعثمت “بساكي” وترددت كثيرا قبل أن تجيب قائلة: على حد ما أعلم وأقرأ، أنا لست أعلم ما هو معنى هذه الكلمة، مما حذا بالصحف لإنتقادها معتبرة أن وزارة الخارجية تقوم بتوجيه اتهامات الى الدول الأخرى وهي حتى لا تعلم معنى هذه الإتهامات، وهو ما يضع حكومة الولايات المتحدة في مواقف محرجة للغاية مع الدول الأخرى قد تصل الى حد الخطر في علاقاتها الخارجية.

ليزا موناكو.. “الباردة” التى وضعت خطة القضاء على تنظيم “داعش”

>> أرسلها أوباما إلى “ميركل” لتخفيف حدة التوتر بعد فضيحة تجسس الأمريكان على ألمانياyyy_18
>> تشغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس وكبير مستشاري مكافحة الإرهاب
>> لعبت دورا رئيسيا فى التخلص من أنور العوالقى أحد أخطر قيادات تنظيم القاعدة.. وأوباما لايتخذ قرارا دون مشورتها

تعد ليزا موناكو هى المرأة الأخطر داخل البيت الأبيض خصوصا بعد إسناد لها مهمة القضاء على الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام والمعروفة اختصارا بـ “داعش”, و “موناكو” تشغل حاليا منصب مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما، وكبير مستشاري مكافحة الإرهاب للرئيس، وعضو قانوني بمجلس الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية. كما شغلت في السابق منصب مساعد المدعي العام للامن الوطني، ونائب مساعد المدعي العام في وزارة العدل.
ولدت في بوسطن، بولاية ماساتشوستس، وتخرجت في جامعة هارفارد وحصلت على ليسانس الآداب بامتياز في التاريخ والأدب الأمريكى، تدرجت في عدة مناصب كباحثة قبل الالتحاق بكلية الحقوق بجامعة شيكاغو حيث تدرجت في عدة مناصب أيضا بوزارة العدل ومكتب النائب العام ومكتب التحقيقات الفيدرالي ثم اختيرت كمستشار متفرغ ونائبا لرئيس الأركان وتم تعيينها بمنصب نائب المدعي العام وإختارها الرئيس أوباما كمساعد المدعي العام للأمن الوطني قبل توليها وظائفها الحالية.
وقد جاءت استعانة أوباما بها بعد انفجارات ماراثون بوسطن لتقديم المشورة للرئيس حول كيفية حماية بلاده بشكل أفضل، وجاء ترشيحها في ذلك الوقت الحساس بناء على تاريخها وخبرتها الكبيرة وعلاقاتها في دوائر الأمن والإستخبارات وكذلك لشخصيتها التي وصفها الكثيرون بـ”الباردة”، أي أن قراراتها لا تتأثر بعاطفتها وأنها تجمع المعلومات بكل عقلانية ثم تصدر قراراتها بشكل صارم ونزيه وبعيد عن التأثر بما حولها.
وتتميز موناكو بأنها لم تكن تسعى للشهرة والأضواء قبل مجيئها للبيت الأبيض، وعند تعيينها فيه كان من شبه المؤكد أن قلة من الناس خارج العالم الانعزالي لدوائر الأمن القومي في واشنطن قد سمعوا بها، وهذا لأنه خلافا لمن سبقها، كانت موناكو تهب كل وقتها للعمل الجاد في مكافحة الإرهاب، لكن رغم ذلك كان لديها أصدقاء في أماكن عالية، بدءا من جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي الذي كان رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ عندما عملت موناكو هناك كمنسق أبحاث 1992-1994.
وكانت بداية لفت الأنظار اليها يوم 30 سبتمبر 2011، عندما أمر الرئيس أوباما وكالة المخابرات المركزية بتخصيص طائرة بدون طيار لاغتيال أنور العولقي، وهو مواطن يمني الأصل أمريكي الجنسية، حسب بعض التقارير، ويعد من أخطر المطلوبين على قوائم تنظيم القاعدة وكان على قائمة القتل منذ ديسمبر 2009، وجاء التبرير القانوني للادارة الأمريكية عن قتله في مذكرة من 50 صفحة تم إبرامها من قبل كل إدارة أو وكالة شاركت في العملية، وكان ذلك من أشهر المداولات بين الوكالات بشأن الجدل القانوني لتبرير واحد من أهم القرارات التي خرج بها الرئيس أوباما، وذلك للمضي في قتل مواطن أمريكي دون محاكمة، وكانت موناكو لاعبا رئيسيا في ذلك بما كان لها من تدخلات ومشورة.
كما لعبت موناكو دورا هاما في عدة قضايا وأزمات تعرض لها البيت الأبيض في الفترة الأخيرة، ومنها فضيحة التسريبات والوثائق الخاصة بإدوارد سنودن الذي عمل في الأمن القومي واستطاع تسريب عدد كبير من الوثائق للخارج، وكذلك في فضيحة تجسس الولايات المتحدة على عدد كبير من الدول حول العالم، بما في ذلك زعماء وقادة دول حليفة وصديقة لأمريكا، وهو ما وضع مستشار الأمن القومي ليزا موناكو بقوة في مركز فضيحة تلقي معلومات مخابراتية تأتي من التنصت على الزعماء الأجانب، وذلك بين مسؤولي البيت الأبيض الآخرين.
وقد تميزت موناكو بتطبيق طرق مختلفة بشكل كبير عن سلفها جون برينان، فحاولت عدم التورط في البرامج الأمنية غير القانونية التي كانت تسبب العديد من المشاكل وكانت تسعى لتنظيف الأمن الوطني من تلك القضايا والانتهاكات بعد الشكاوى التي سبق ورودها عن صمتها عن هذه الفضائح الخاصة بالتجسس على المواطنين الأمريكيين من خلال الإنترنت وكذلك على الدول الأخرى، كما استعان بها أوباما في محاولته للتصالح مع المانيا بعد إنكشاف تجسس الولايات المتحدة عليها وأرسلها للتحاور مع المستشارة الألمانية ميركل لمعالجة أعمال التجسس على كلا الجانبين، خصوصا بعدما طالبت ألمانيا رئيس وكالة المخابرات المركزية في برلين مغادرة البلاد، ردا على تجنيد المخابرات الأمريكية لاثنين من موظفي الحكومة الالمانية للتجسس لحساب واشنطن، وبعد الكشف عن قيام وكالة الأمن القومي التي تديرها موناكو بمراقبة جماعية على الألمان وتتنصت على الهاتف المحمول للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل.
لكن في الداخل الأمريكي، واجهت موناكو معارضة شديدة من قبل الكثيرين عندما تم ترشيحها كمديرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فيقول أندي مارتن نائب الحزب الجمهوري , إن ليزا موناكو هي “جاسوس أوباما”، وأن إعطاء موناكو مفاتيح مكتب التحقيقات الفيدرالي سيحوله لأداة في يد الرئيس الأسود، كما أن موناكو تعد في طليعة حرب أوباما ضد وسائل الاعلام، وهي آخر شخص يجب وضعه على رئاسة مكتب التحقيقات الفدرالي، وأضاف مارتن أن موناكو هي أحد مهندسي الاستسلام في الحرب ضد الإرهاب، وهي بمثابة وضع “مهرج” للسيطرة على عمليات مكافحة الإرهاب، وتوقع أن يحدث ائتلاف بين الحزبين الكبيرين ضد تعيين موناكو لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، كما كشف عن كيف قامت موناكو باستخدام قانون التجسس لاستهداف وسائل الإعلام؟.

علي الشرنوبي يكتب: بالتفاصيل.. قطر شيطان تمويل الإرهاب والدمار في العالم

qعندما قلنا في الماضي ومازلنا نكرر أن دويلة قطر هي الراعي الأول للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، لم يكن هذا الكلام من فراغ أو بغرض الإنتقام من الحكومة القطرية بسبب موقفها من مصر على مدى السنوات الماضية أو حتى رعايتها للهاربين من مصر من الإرهابيين أو أصحاب السوابق والفارين من أحكام قضائية عديدة، كما لم يكن ذلك بسبب مواقف قناة الجزيرة المتحدث الرسمي بلسان الحكومة القطرية والتيارات المتشددة والتنظيمات الإرهابية المختلفة، بل كنا على الدوام نورد ما يثبت أقوالنا من الوثائق والمستندات والشواهد التي لا يختلف عليها إلا منكر أو جاهل أو متعامي عن الحقيقة.

واليوم وبعد أن بدأت الحقيقة التي عرفناها منذ سنوات تتضح أمام الجميع وبدأ المنكرون في السابق يعترفون بصحة مواقفنا وتقاريرنا وآرائنا الصريحة في تلك الدولة الصغيرة وسياساتها المثيرة للإستفزاز والتعجب والغضب أحيانا، نجد أن العديد من وسائل الإعلام في الغرب ومراكز الفكر والمحللين السياسيين والأمنيين يعترفون علنا بأن قطر هي المصدر الأول والراعي الرسمي للإرهاب والإرهابيين، سواء كان ذلك عن طريق التمويل المادي أو بتوفير الملاذ الآمن والمأوى الضامن لهؤلاء الإرهابيين، أو حتى بتقديم الغطاء السياسي والإعلامي ومحاولة تلميع وتبرئة تلك التنظيمات الخارجة على القانون، وذلك عن طريق وسائل الإعلام القوية التي تملكها هذه الدولة المارقة عن إخوانها من الدول العربية والإسلامية.

وفي تلخيص لما أوردته وسائل الإعلام الغربية على مدى الأسابيع الماضية من دلائل وتقارير وقرائن تثبت للجميع حقيقة الأفعال والمواقف القطرية، وتفاصيل العلاقات المشبوهة بين حكومة وحكام قطر وبين من وضعتهم حكوماتهم وبلدانهم قبل البلدان الأخرى على لائحة التنظيمات الإرهابية، نورد أهم ما جاء في الصحف ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية، لنضعه بين يدي القارئ تاركين له الحكم على ما بين أيدينا من تفاصيل وآراء وتحليلات جاءت على لسان الخبراء كل في مجاله سواء من السياسيين أو الخبراء في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية المختلفة.

ونبدأ مع التقرير الذي أورده معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، والذي يقول أنه في الشهور الماضية، لاحظت وزارة الخارجية الأمريكية أن التبرعات الخاصة التي تخرج من دول الخليج تشكل مصدر هام لتمويل الجماعات الإرهابية، ولا سيما في سوريا، وهذه واحدةً من أهم القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي شهدها العام الماضي؛ إذ يُعتقد أن مجموعاتٍ مثل جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة باسم داعش، تتلقى مئات ملايين الدولارات التي يتبرع بها المواطنون الأثرياء من شبه الجزيرة العربية.
ويوضح التقرير أنه في السنوات الماضية، تم تصنيف قطر والكويت بشكل خاص كأهم مصادر تمويل الإرهاب، كما تشير أحدث التقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية إلى خطر “التمويل الإرهابي الكبير” الناشئ عن جامعي التبرعات في قطر؛ وإنّ قطر هي “بيئة متساهلة مع التمويل الإرهابي”. كما يؤكد التقرير أن قطر لديها العديد من القنوات المعنية بجمع الأموال لصالح الجماعات المتطرفة، ومن ثم فلا يجدر توقع تغييرات جوهرية في نهج تلك الدولة في عمليات تمويل الإرهاب.

وتُعتبر قطر شريكاً استراتيجياً مهماً للولايات المتحدة في عدد من القضايا الإقليمية وقضايا مكافحة الإرهاب، فكثيراً ما أبرزت واشنطن تنسيق الدوحة معها في فرض العقوبات على “بنك سوريا الدولي الإسلامي”، كما تم إقرار قانون ينص على تحقيقات ومقاضاة للأطراف الممولة للإرهاب، كما أقرت قطر قانون لمكافحة هذه المشاكل في 2010، ويستوجب هذا القانون تجميد الأموال التابعة للمنظمات المدرجة على لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، لكن التزام قطر بهذه القوانين كان وما يزال شبه غائب، فقد وصفت “تقارير البلدان الخاصة بالإرهاب” الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية منهجية الدوحة لرصد التمويل المحلي للمنظمات الأجنبية بأنه “غير متسق”، وأن آليتها لتطبيق وتنفيذ قانون مكافحة تمويل الإرهاب تشكو من “ثغرات كبيرة”.

ويشير التقرير الى أن الاستراتيجية الأمنية للدوحة تقضي دعم عددٍ واسع من الأطراف (الإرهابية) الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي بهدف حماية قطر من التهديدات المحتملة، وشملت هذه الاستراتيجية تقديم الدعم السخي للإسلاميين، خاصة الإخوان المسلمين ومنظمات أخرى مثل حركة طالبان. ومن هنا نجد إنّ جمع الأموال للجماعات الإسلامية المتطرفة هو جزء من هذا النهج؛ فالدوحة تعتبر أن الحفاظ على دعم الجماعات المتطرفة يساعد على حمايتها من النشاط السياسي الخطير على أرضها!.

ومؤخرا إعترف السكرتير الصحفي للبنتاجون “جون كيربي” أن التقارير الإعلامية التي تقول أن قطر تمول الإرهاب هي في الحقيقة “تقارير بالفعل صحيحة”، ومن جهة أخرى أكدت وزارة الخارجية ووزارة الخزانة وتقارير استخباراتية أمريكية بشكل قاطع أن قطر هي الممول الرئيسي للإرهاب، بما في ذلك تمويلها لحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك، أشار “كيربي” الى أن علاقة الولايات المتحدة مع قطر ستبقى “صلبة”، رغم أن تقارير الأنشطة الإرهابية مقلقة للغاية، وإستمرارا للتناقض الواضح في السياسة الأمريكية فيما يخص هذا الملف، أكد كيربي بقوله: ما زالت لدينا علاقة عسكرية متينة مع قطر، وذلك في اشارة الى صفقة أسلحة وقعت مؤخرا بينهما بقيمة 11 مليار دولار، وأضاف كيربي مشددا: نحن نريد أن نستمر في توسيع هذه العلاقة العسكرية بيننا… ويعلق تقرير مركز الدراسات على ذلك بقوله: يبدو أن كيربي يجهل تماما تقارير المخابرات الامريكية بشأن مسألة تمويل قطر للإرهاب؛ وذلك رغم تصريح وزارة الخارجية عن قطر بأنها خطر كبير بسبب تمويل الإرهاب ودعمها لشبكات إرهابية عديدة، وكذلك يجهل كيربي تصريح ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الامريكية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية، الذي أشار إلى قطر بأنها بيئة خصبة تقوم بتمويل الإرهاب.
وقد اختتمت وزارة الخارجية تقريرها بالقول أن جامعي ​​التبرعات للإرهاب المتمركزين بقطر، سواء كانوا أفراد أو ممثلين لمجموعات أخرى، يدعمون الجماعات الإرهابية في سوريا، وأن صعود أمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد لم يأتي بأي تغييرات سياسية من شأنها أن تؤثر على قدرة الحكومة القطرية على مكافحة الإرهاب، كما أن قطر لا تقوم بأي أنشطة لإنفاذ ولضمان مراقبة والحد من المعاملات المتعلقة بتمويل الإرهاب، كما تعاني وحدة الاستخبارات المالية فيها من ثغرات كبيرة.

ومنذ أسابيع قليلة، قام النائب “بيتر روسكام” عن ولاية إلينوي بتقديم التماس لوزارة الخارجية لإعادة تقييم علاقتها مع قطر التي تمثل شريان الحياة المالي لحماس، بينما تتمتع بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة التي وقعت مؤخرا عقد مثير للجدل بـ 11 مليار دولار من الأسلحة، ومن الغريب أيضا أن قطر، التى تم تعيينها من قبل وزارة الخارجية بأنها “خطر كبير في تمويل الإرهاب”، برزت كلاعب رئيسي في الجهود التي بذلت مؤخرا من قبل وزير الخارجية جون كيري للتوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؛ كما كتب روسكام أن الدعم المالي الهائل من قطر لحماس والذي وصل الى 400 مليون دولار في السنوات الأخيرة، يجب أن يدق ناقوس الخطر في البيت الأبيض الذي يسعى لدعم الحكومة القطرية!… وحذر روسكام وزير الخارجية كيري من إعتبار ذلك الدعم بمثابة مكافأة لقطر على سلوكها السيئ؛ وقد وجه روسكام نفس الرسالة الى وزير الخزانة جاك ليو، لتبين ما إذا كانت الدولة والخزانة تقوم بالبحث في إحتمالية تطبيق عقوبات محتملة على قطر أم لا نتيجة دعمها للإرهاب، وقال أن مساعدة قطر للإرهابيين ينبغي على أقل تقدير أن يثير تساؤلات جدية حول مدى انطباق قوانين العقوبات الامريكية عليها، واضاف: انها حقيقة لا جدال فيها أن قطر أصبحت الراعي الرئيسي للمنظمات الإرهابية المعترف بها دوليا بتقديم  الدعم المالي لها، كما يجب على إدارة أوباما أن تشرح نوعية شراكة العمل تلك مع الدولة التي تمول الإرهاب “بوقاحة” أمام أعيننا، ويجب على الولايات المتحدة التوقف عن خداع نفسها، فدولة قطر غير مؤهلة لتكون حليف مناسب وشريك جاد في سعينا لاستعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

وعلى جانب آخر، أكد مسؤولي وزارة الخزانة أن الأموال القطرية أيضا قد تدفقت إلى فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجبهة النصرة، فضلا عن الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش، ومع ذلك، واصلت الحكومة الأمريكية تشكيل تحالف عسكري مع قطر، كما يقول جوناثان سكانزير، وهو محلل سابق في تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة، أنه قد حان الوقت لأن توقف الولايات المتحدة الأنشطة المارقة لقطر.

ورغم أن شهادة أي مسئول إسرائيلي ضد قطر قد تكون مشبوهة ولا يمكننا الإعتماد عليها أو إتخاذها كدليل على رعاية قطر للإرهاب، إلا أن ما جاء في شهادة سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة من تفاصيل تجعلنا نفكر مرة ثانية في تلك المسألة، فما قاله السفير الإسرائيلي “رون بروسور” من تفاصيل ومعلومات مؤكدة وموثقة ولا يمكن الكذب فيها يضيف بعدا آخر الى ما بين أيدينا من تأكيدات بكون قطر تعتبر ثاني أكبر راعية للإرهاب بعد إيران، فيقول برسور أن قطر تعد الآن هي أغنى دولة في العالم، وقد أثبتت أنها تسيطر على ثلاثة أشياء هامة للغاية، فهي يمكنها شراء أي شيء، وإعطاء رشوة لأي أحد، أو أن تقوم بامتلاك أي شيء بما في ذلك كأس العالم 2022، وقريبا ستكون ثاني أكبر راعي للإرهاب العالمي بعد إيران… وقال بروسور أنها في سعيها لنشر نفوذها اشترت قطر حرم الجامعة لستة جامعات بالولايات المتحدة، وكذلك متجر هارودز البريطاني الشهير، ونادي باريس سان جيرمان لكرة القدم!.

لكن ومن جانبنا، فمع تحفظنا على الإستعانة بشهادة مسئول إسرائيلي ضد قطر وعدم رغبتنا في تصديقها أو الركون اليها، فسوف يزول ذلك الموقف إذا ما علمنا أن قطر هي واحدة من دول عربية قليلة للغاية والتي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية وإقتصادية علنية وقوية مع الكيان الصهيوني، وذلك دون خجل أو مواربة، بل أنها تعلن أمر تلك العلاقات وكأنه مثار للفخر لدولة قطر، فيقول البروفيسور “جوشوا تيتلبوم” الباحث في مركز بيجن السادات بتل أبيب، أنه منذ 15 عاما كان قليل من الناس قد سمع بقطر وعلم بموقعها في الخليج الفارسي، وبالطبع لم يكن لها أي تأثير يذكر، لكن اليوم تعد هي البلد الأغنى وذات أعلى دخل فرد في العالم، على الرغم من أن عدد من يحملون الجنسية القطرية لا يتجاوزون ربع مليون شخص، وذلك بين إجمالي عدد السكان الذي يصل الى 1.8 مليون نسمة.
ويضيف جوشوا أنه نتيجة لمزيج وخليط بين طموح الامير الجديد لقطر والإيرادات الضخمة من الغاز الطبيعي، فهي لديها أكبر احتياطي في العالم بعد روسيا وإيران، وبين حالة الوسواس القهري لدى الأمير التي تدفعه لوضع قطر على الخريطة، فقد تسبب ذلك المزيج بها في الدخول في مسار سياسي خاطئ، وقد اتخذت هذا الطريق لكونها واحدة من الدول العربية القليلة التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بينما في نفس الوقت هي الداعم الرئيسي لعدو إسرائيل العنيد حركة حماس.
وفي نفس الوقت تمول قطر جامعة جورج تاون المرموقة، وتستضيف منتدى الدوحة كحدث عالمي، وفي 1996 أسست قناة الجزيرة الفضائية التي أغضبت كل الحكومات العربية، كما أن قطر هي الراعي الرئيسي لنادي برشلونة لكرة القدم الأشهر في العالم.
ومن وجهة نظر أميرها السابق حمد بن خليفة آل ثاني وزوجته الشيخة موزة التي تحسب نفسها رمزا للموضة، تعتبر ما سبق تتويجا لانجازاته، وكذلك شهادة على تأثير المال والجشع والكسب غير المشروع، وكان الفوز بالجائزة الكبرى لهما هو استضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022، على الرغم من أن لا أحد في كامل قواه العقلية يوافق على إقامة مباريات كرة القدم في شهر يوليو في قطر، التي تصل ​​درجة الحرارة فيها الى 41 درجة مئوية، كما أدت ممارسات العمل في قطر في بناء البنية التحتية لكأس العالم لعدة وفيات بين العمال الأجانب، وتعرضت لانتقادات لاذعة من جماعات حقوق الإنسان.

ومن جانبه، يقول الكاتب الأمريكي “رون بروسكوت” أنه لسنوات عديدة، حاولت قطر “الغنية بالغاز” تجنب جذب الانتباه اليها خشية أن تجد نفسها في نفس وضع الكويت التي تعرضت للغزو من قبل قوات صدام حسين في1990 ، وبعد ذلك، تغيرت تكتيكات قطر لضمان بقاء البلاد، حيث أنفق حكامها باسراف من أجل زيادة حضور قطر وهيبتها على الساحة العالمية، واليوم، تقوم تلك المملكة البترولية الصغيرة بشراء طريقها إلى الهيمنة الإقليمية، ولتصبح مثل غيرها من الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط، وقد استخدمت وكلاء لتزيد من نفوذها ولزعزعة استقرار منافسيها، ووجدت قطر ضالتها في اختيار الأنظمة الراديكالية والجماعات المتطرفة، وفي السعي لتحقيق هذه الاستراتيجية، نجد أن قطر مستعدة للتعامل مع أي شريك مهما كان بغيضا، ومن هنا قدمت قطر مساعدات مالية وأسلحة إلى الجماعات التابعة للقاعدة في سوريا، ولقادة الإخوان وطالبان.
وقد استخدمت قطر أيضا شبكة الجزيرة الإخبارية لنشر الرسائل المتطرفة التي أشعلت الانقسامات الطائفية، ففي الأيام الأولى من الربيع العربي، كسبت تغطية الجزيرة للثورات الشعبية الملايين من المعجبين الجدد ووطدت مكانتها باعتبارها شبكة الأخبار العالمية السائدة، وبالطبع استفادت قطر من هذه الشهرة لتنفيذ أجندتها الخاصة، وذلك باستخدام الجزيرة لتعزيز وجهات نظر المتطرفين قاموا بتقويض العناصر الأكثر براجماتية في المنطقة، وعلى وجه الخصوص، أثار دعم قطر المفتوح للإخوان غضب جيرانها في دول الخليج، حتى وصل الأمر الى أن استدعت السعودية والإمارات والبحرين سفرائهم من الدوحة احتجاجا على الأفعال القطرية.
ويؤكد بروسكوت أن كل ذلك لم يمنع النظام القطري من أن يكون بمثابة مركز تجمع للإرهابيين، وذلك بإيواء المتطرفين مثل الزعيم الروحي لجماعة الإخوان الشيخ يوسف القرضاوي، وهو الذي أصدر فتوى دينية تؤيد الهجمات الانتحارية، وكذلك أستاذ التاريخ بجامعة الدوحة عبد الرحمن عمير النعيمي، وهو الذي حددته وزارة الخزانة الأمريكية بأنه الممول الرئيسي للإرهاب ولتنظيم القاعدة، كما تمول قطر حياة الترف لخالد مشعل، الزعيم الهارب لحركة حماس.

ويؤكد بروسكوت أنه منذ فترة طويلة كان الموقف المتصلب لخالد مشعل يقف عقبة أمام التوصل إلى اتفاق سلام بعد أن تعهد بعدم الاعتراف باسرائيل، لكن من وراء حماس، تمسك قطر بالخيوط، ووفقا لتقارير مخابراتية وصحفية، هددت قطر بطرد مشعل اذا قبلت حماس المقترحات المصرية لوضع هدنة وفترة طويلة الأمد من وقف إطلاق النار في غزة، وكان كل ذلك بسبب أن الدوحة كانت تريد لعب دور البطولة في أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
ويضيف بريسكوت أنه قد حان الوقت للعالم أن يستيقظ ويتوقف عن شم رائحة الغاز القطري، فدويلة قطر لم تدخر أي جهد لتبدو بمظهر مجتمع ليبرالي تقدمي، لكن في جوهرها، نجد أن هذه الملكية الصغيرة تمول بقوة الحركات الراديكالية والمتطرفة، في ضوء دعم قطر الصريح للإرهاب، وكذلك يجب أن نعترف بأن قطر ليست جزءا من الحل ولكن جزءا كبيرا من المشكلة، ولتحقيق الهدوء الدائم في العالم، يجب أن يبعث الجميع رسالة واضحة لقطر، وأن يقف الجميع ليقول لحكامها: توقفوا عن تمويل الإرهاب.

وفي نفس السياق نشر معهد كارنيجي للسام دراسة هامة عن قطر ومسألة تمويلها للإرهاب وفتح أبوابها للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتشير الدراسة الى أن قطر، التي كانت لفترة طويلة تعتبر لاعباً إقليمياً ضئيلا مقارنة بالمملكة العربية السعودية، كانت تحرص بشدة على زيادة نفوذها الإقليمي، غير أن سياسة حكام الدوحة الخارجية ابتليت بالحسابات المخطئة والتحدّيات المحلّية والضغوط الدولية، ونتيجة لهذه النكسات المتتالية، تضاءل دورها الإقليمي، ويرى المعهد أنه في المستقبل المنظور، من المرجّح أن يبقى نفوذ قطر الخارجي رهنا لتوجيه المملكة العربية السعودية.

ويضيف المعهد في دراسته أن رغبة قطر في رسم مسار مستقلّ بينها وبين المملكة العربية السعودية، ولاسيما في السياسات إزاء مصر وسوريا، قد أضرّ بالقدرة الخارجية لكلتا البلدين الخليجيين، وزاد من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وتشير الدراسة الى دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، إذ ترتبط الدوحة بعلاقات إيديولوجية مع الإخوان، وكانت تعتقد أنها تستطيع أن تهيمن على الجماعة التي بمقدورها الهيمنه بدورها على المشهد السياسي الجديد في بلدان الربيع العربي، وعندما أُطيحَ بحكومة الإخوان في مصر، ودعمت السعودية الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، استمرت قطر في دعم الإخوان، ممادفع الرياض إلى زيادة الضغط على الدوحة لتغيير مسارها، وبالمثل سعت كل من قطر والسعودية إلى كسب النفوذ في سوريا من خلال دعم جماعات متنافسة بما في ذلك الجهاديين، وقد أدّى ذلك إلى تقسيم المعارضة السورية وتمكين الجماعات الجهادية التي تهدّد الاستقرار الإقليمي مثل داعش؛ ويأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه الأمير تميم بن حمد آل ثاني، تحدّيات داخلية من المؤسّسة الدينية والمثقفين والقبائل المحلية في قطر، تطالبه بالإهتمام بالشؤون الداخلية على حساب أنشطة السياسة الخارجية.

وتوضح الدراسة أن قطر انتهجت منذ فترة طويلة سياسة خارجية توسعية وبراجماتية في آن واحد، وفي سياق سعيها للحصول على دور إقليمي أكبر، راهنت قطر على ذوي النفوذ وعلى مجاراة التيارات السياسية والانخراط مع جهات فاعلة متعدّدة، حتى المتقلّبة منها مثل الجماعات الجهادية، أما أنشطتها على صعيد السياسة الخارجية فقد تطوّرت من التركيز على الوساطة بين الأطراف المتنازعة، إلى تمويل وتدريب المجموعات العسكرية بصورة مباشرة؛ وقد بلغت التحدّيات التي تواجه قطر ذروتها في عام 2014، بسبب عاملين اثنين، تمثّلا أولا بتورّطها في سوريا، وثانيا بدعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

ففي سوريا، حاولت الدوحة إسقاط نظام الرئيس الأسد، لكنها لم تنجح حتى الآن، وبنفس الوقت نجد أن الجماعات الجهادية المدعومة من قطر مثل جبهة النصرة لم تنجح في ترجيح كفّة ميزان القوى ضد النظام وحسب، بل أصبحت الولايات المتحدة ودول الخليج تعتبر هذه الجماعات أيضاً مصدراً لعدم الاستقرار المستقبلي في منطقة الشرق الأوسط.
أما في مصر، فقد شدّدت الحكومة التي تولّت الحكم عقب الإطاحة بالرئيس المعزول مرسي قبضتها على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين حليف قطر الرئيسي في مصر، وحكمت على المئات منهم بالسجن، وتبعتها دول الخليج بالإعراب عن قلقها من جماعة الإخوان باعتبارها تشكّل تهديداً للاستقرار في المنطقة، وحمّلت قطر المسؤولية عن مساعدة الإخوان.

وقد نشأ دعم الدوحة لجماعة الإخوان من توجّه قطر البراجماتي في اختيار ذوي النفوذ، حيث تحالفت مع الأطراف التي اعتقدت أنها ستنتصر سياسياً أو عسكرياً في مختلف البلدان، وكانت رغبة قطر في أن تكون طرفاً صاحب مصلحة في الحكومات الجديدة قد دفعتها إلى دعم الجماعة التي كانت تتصوّر أنها تملك أفضل فرصة للوصول إلى السلطة، وبالتالي حماية مصالح قطر، وعقب اندلاع الربيع العربي، بدا أن جماعة الإخوان هي الكيان الأكثر قربا لتحقيق النجاح لأنها كانت الجماعة الأكثر تنظيماً بين الحركات السياسية الكثيرة التي ظهرت في تلك الدول.

ومع ذلك، لم تنجح الفرص التي أتيحت لجماعة الإخوان التي أثبتت أنها تعاني من أوجه قصور خطيرة، ولم تَفُز جماعة الإخوان بأغلبية في البرلمان الليبي، وعندما انزلقت ليبيا إلى العنف، أكّدت التحدّيات الأمنية في البلاد أنه ما من كيان سياسي يمكنه الإمساك بزمام السلطة في البلاد بمفرده، بما في ذلك الإسلاميون المرتبطون بجماعة الإخوان؛ وفي اليمن، حصل الإخوان على مناصب حكومية رئيسية، لكنها فشلت في الحفاظ على علاقاتها مع شركائها السياسيين، وبالتالي أنهت الانتفاضة وأبقت على الإشراف السعودي على البلاد، كما تمكّنت جماعة الإخوان من الحصول على أغلبية في البرلمانَين المصري والتونسي، غير أن نفوذها السياسي تراجع بسرعة، ففي تونس، أسفرت محاولات حزب “النهضة” المرتبط بجماعة الإخوان، للهيمنة على المناصب الحكومية الرئيسة عن نتائج عكسية، وفي مصر، كان انتخاب محمد مرسي، المدعوم من جماعة الإخوان، مؤشراً على بداية محاولات جماعة الإخوان لاحتكار السلطة، وقد أغضبت جهودها الجيش المصري والنشطاء الذين بدأوا سلسلة من الاحتجاجات ضد مرسي والجماعة.

ومع ذلك استمرت قطر في دعم جماعة الإخوان بغضّ النظر عن هذه الأخطاء السياسية، بينما حدا دعم قطر غير المشروط للجماعة، بالسعودية إلى القيام بعدد من الإجراءات العقابية التي ظهرت كتحذيرات حول دور الدوحة كعنصر عدم استقرار في منطقة الخليج. لذا دعمت الرياض أقصاء جماعة الإخوان من السلطة، كما ضغطت الرياض على حاكم قطر الأمير حمد للتنازل عن الحكم لابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

كما تسبّب دعم قطر لجماعة الإخوان بالضرر لعلاقاتها مع الولايات المتحدة أيضاً، فحين فاز الإخوان بأغلبية المقاعد البرلمانية ومن ثم الرئاسة في مصر، قدمت قطر نفسها للولايات المتحدة كوسيط للجماعة، وساعدت تطمينات الدوحة، في ضمان أن تُظهِر واشنطن “الصبر” تجاه تجاوزات قيادة الإخوان السياسية والحقوقية، وقد أكدت قطر للولايات المتحدة ثقتها بأن الوضع في مصر يمكن أن يكون تحت السيطرة، ونصحت واشنطن بالانتظار وتجنّب ممارسة الضغوط الدبلوماسية على القيادة المصرية، لكن عندما أُقصي الإخوان من السلطة، اتّضح أن هذه التطمينات لم تكن في محلّها، وخسرت قطر نفوذها لدى الولايات المتحدة.

ونتيجة لهذه الخسارة أصبحت قطر تابع للمملكة العربية السعودية، فبعد انتخاب السيسي رئيساً لمصر، أعلنت قطر دعمها للنظام المصري الجديد بسبب الضغوط السعودية والأميركية التي مورست عليها، وبسبب براجماتيتها ورغبتها في إنقاذ موقفها الإقليمي، وكان للتصرّف السعودي تأثير مقيّد على النفوذ الإقليمي لقطر، إذ أن تضيّق الحكومة المصرية الخناق على جماعة الإخوان وعدم إتاحة الفرصة للإخوان لاستعادة السلطة في المستقبل المنظور، كل هذا يعني أنه لايمكن لقطر استعادة نفوذها في مصر لأن مصر أصبحت تحت رعاية السعودية، وقد استجابت الدوحة إلى ضغوط الرياض عبر تخفيف علاقتها مع جماعة الإخوان، ومواصلة تمويل التنظيم في مصر وليبيا وسوريا وتونس لكن بوتيرة أقلّ من ذي قبل.

وفي جميع البلدان التي مرت بمرحلة انتقالية، والتي راهنت فيها الدوحة على جماعة الإخوان، كانت محاولات قطر قصيرة النظر تماماً، فقد تراجعت جماعة الإخوان تقريباً بالسرعة نفسها التي برزت فيها على الساحة، وثبت أن الرهان على اللاعب الخطأ، والتمسّك بالإخوان أضعفا من مكانة قطر السياسية في الشرق الأوسط ككل، وكذلك أمام السعودية والولايات المتحدة على وجه الخصوص.

* تم نشر المقال بجريدة الموجز المصرية بتاريخ 15-9-2014

علي الشرنوبي يكتب: حقيقة مقال “المسيح المخلص” المنشور على جريدة الموجز (المقال الأصلي).

وصلني عن طريق بعض الأصدقاء أن هناك حالة من الغضب والسخط بين مجموعات من شباب الثورة (الحقيقيين) والمستقلين ممن يحبون مصر (حقا)، وذلك بسبب ما كتبته قبل نحو اسبوع على صفحات جريدة “الموجز” وتم نشرة تحت عنوان (المسيح المخلص) ومعه صورة الرئيس السيسي، وهو ما أثار ضجة في وقته وتناولته ايضا بعض الصحف بالنقاش والنقد. وأنا أعذر الجميع وأعترف أن العنوان فعلا صادم وغريب وفاق الحدود، لكن اسمحوا لي أن أوضح بعض الحقائق:
أولا: لمن لا يعلم، هناك في الصحف قسم إسمه (الديسك)، وهذا القسم يقوم عليه صحفيين محترمين وأصحاب خبرة وموهبة، لكن هذا الديسك هو من يحدد عناوين الموضوعات ويغير فيها كما يتراءى له، ولا يستثنى من هذا أي مقال لأي كاتب مهما كبر، حتى لو كان رئيس التحرير نفسه، فللديسك حق مراجعة مقاله وتغيير ما يحلو له فيه.
وبالتالي، فمن المؤكد أني لم أختار هذا العنوان الصادم (المسيح المخلص)، وربما رأى صحفي الديسك أن هذا العنوان مناسب أو جذاب فوضعه بحسن نية.
ثانيا: هذا المقال مجرد ترجمه للعربية دون تدخل مني ولا إضافة، لمقال كتبه محلل سياسي إسرائيلي في الجامعة العبرية، وهو من ذكر تلك الكلمة على أنها من ضمن الأوصاف التي يطلقها المصريون على السيسي، وبالتالي فهو من وصف السيسي بذلك ولست أنا على الإطلاق، ومن الواضح أن جميع من تناولوا المقال بالنقد والسباب أحيانا لم يقرأوا الموضوع في الجريدة من الأساس بل تناولوه بناءا على السمع وعلى عنوان المانشيت فقط وليس عن علم بمحتوى الموضوع.
ثالثا: يعلم الله أولا والقريبين مني ثانيا أني ما كنت أقبل النفاق والمنافقين والتطبيل والمطبلين لأي فريق كان، بل أني أحتقر من يفعل ذلك ولا أحترم صاحبه ولا أرى فيه خيرا، والأهم أني مستقل الرأي والهوى ولا أميل إلى فريق أو حزب أو إتجاه معين إلا ما أراه الحق ويرتاح ضميري اليه حتى لو كان عكس ما يراه الجميع في وقته. فأنا حتى لم أنتخب السيسي ولم أتقبل يوما ما يكتبه البعض عنه – ولا عن غيره – من كلمات تندرج فعلا تحت بند النفاق، والأكيد أني آخر شخص ممكن أن يفعل ذلك.

رابعا: أعتذر مرة أخرى بشدة لكل من إستفزه العنوان وشكل له صدمة واتمنى أن يكون فيما سبق توضيح كافي للموضوع ولموقفي منه وتبرئة لي من تهمة النفاق والتطبيل وأعوذ ب

الله أن اكون من المنافقين.
** هذا هو المقال الحقيقي الذي كتبته قبل تدخل صحفيي الديسك فيه بالتعديل والحذف وإبراز بعض الجمل وإختيار العنوان الذي أثار العديد من القراء والنقاد.

علي الشرنوبي

في تحليله للوضع الحالي في مصر بعد عدة شهور من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم مصر بعد ثورتين كبيرتين أطاحتا برئيسين لم يكن أحد يتوقع لهما أن يتم الإطاحة بهما بهذه السهولة والسرعة، كتب “أوريت برلوف” كبير الباحثين بمعهد الدراسات الوطنية INSS الأكاديمي المستقل بجامعة تل أبيب، والذي لديه علاقة قوية مع المؤسسة السياسية والعسكرية؛ كتب رؤيته لمصر تحت حكم السيسي، وتوقعاته بالنسبة للمستقبل المنظور في ظل ذلك العدد اللانهائي للمشكلات الصعبة التي تمر بها مصر حاليا. وتتميز رؤية برلوف للوضع المصري بقدر كبير من الحياد والصراحة وعدم الإنحياز لأيا من الأطراف المتصارعة على الساحة المصرية، سواء من المؤيدين للسيسي أو المعارضين له، أو من المناصرين لجماعة الإخوان المسلمين والكارهين لها.

  • ويبدأ برلوف تقريره من حيث جاءت نتيجة الإنتخابات الرئاسية المصرية في شهر يونيو الماضي، حين تم إنتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في إنتخابات على درجة كبيرة من الشفافية والنزاهة، وبنسبة كبيرة من عدد المصوتين أعطت له أغلبية كاسحة أمام منافسه حمدين صباحي، وانتهى بهذا الجدل والنقاش العام الدائر محليا ودوليا منذ فترة طويلة حول ما إذا كانت الأحداث التي أسفرت عن الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي تعد ثورة أم انقلاب.

    ويتذكر برلوف مصير الرؤساء الذين حكموا مصر في السنوات الـ 60 الماضية منذ ثورة 1952، والتي إنتهت كلها نهايات ليست مشرقة على الإطلاق، فقد توفي الزعيم عبد الناصر بطريقة غامضة مازال الجدل يدور حولها عما إذا كانت وفاته بنوبة قلبية أم بتعرضه للتسمم كما يشيع البعض، وبعده تم اغتيال السادات في حادث المنصة الشهير، أما الرئيسان الأخيرين – مبارك ومرسي – فهما يقضيان سنواتهما الأخيرة في السجن منذ أطاح الشعب بمبارك والجيش بمرسي. وبعدها إعلن السيسي في يوليو 2013 أنه ليس لديه نية للترشح للرئاسة، وإعتقد الكثيرون اعتقادا راسخا بأن السيسي سوف يختار البقاء وراء الكواليس والاستمرار في لعب دور “صانع الملوك” وليس هو الملك الفعلي.

    وفي التسعة الأشهر التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كان السيسي معنيا بأربع قضايا رئيسية هي.. أولا: تغيير شعار جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول من “الإسلام هو الحل” إلى “الأمن هو الحل”، ثانيا: تمرير “قانون حظر التظاهر”، وثالثا: حظر جماعة الإخوان المسلمين وتحديدهم كمنظمة إرهابية، وأخيرا: إجراء استفتاء على الدستور الجديد في يناير 2014 لإيجاد الشرعية الدستورية والانتخابية لسياساته التي كان يحكم بها بالفعل قبل إنتخابه رسميا وإشهار رئاسته للبلاد.

    ويذكر برلوف كذلك أن السيسي كان هو المسؤول عن إسقاط نظام الإخوان برئاسة محمد مرسي في يوليو 2013، وقد أسفرت هذه الأحداث عن مقتل عدد كبير من المصريين وسجن حوالي 16 ألف من أعضاء تنظيم الإخوان، بالإضافة الى سجن نحو 20 الف من بينهم الثوار وقادة المعارضة والصحفيين والمعارضين للنظام، وبالإضافة إلى ذلك، أغلقت عدد من القنوات التلفزيونية ووقف البرامج الساخرة (في إشارة الى برنامج باسم يوسف)، كما تم حظر بعض الصحف الخاصة.

    ويقول برلوف أنه وبرغم كل ذلك، فلا زال الرئيس السيسي المنتخب حديثا يجد موجة عالية من ارتفاع شعبيته وتصاعدها، فالخطاب المحلي الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر توفر لنا فهم صورة السيسي في نظر الشعب ويسمح لنا أن نفهم كيف يحدث ذلك… فمع دخول مصر في السنة الرابعة للثورة، صوتت غالبية المصريين لجنرال عسكري ليصبح رئيسا للبلاد، كما تكشف الأحاديث الدائرة بين الناس عن كم ونوعية التحديات التي يواجهها السيسي، وتحدد حظوظه في النجاح كرئيس، وتحديد فرص قيام الشعب بثورة ثالثة من عدمه.

    نظرية “مات الملك، عاش الملك الجديد”.

    يقول برلوف أنه سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ، فبعد أن أعلن السيسي ترشحه للرئاسة، فقد حدد مصيره بنفسه. فمواقع التواصل الاجتماعي في مصر توضح أن الناس على استعداد لدعمه من أجل استعادة الاستقرار، حتى لو كان الثمن هو تقبل “القليل من القمع” أو التنازل عن بعض حريتهم، فقد عانى غالبية المصريين من الطبقة الوسطى، وخاصة الشريحة السفلى من تلك الطبقة من العواقب الاقتصادية الناتجة عن الفوضى الحاصلة خلال السنوات الثلاث الماضية، لدرجة أنهم أصبحوا على إستعداد لفعل أي شيء لإستعادة أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية، فقد شعر معظم الجمهور بخيبة أمل مما حققته الحماسة الثورية والمظاهرات والإضرابات المستمرة، وأصبح الناس لا يريدون إلا العثور على العمل والطعام وإرسال أطفالهم إلى المدارس، وأصبح الشعب يتوق للأمن والاستقرار والقانون والنظام العام، وأصبحوا يقولون أن البلاد يجب أن تكون محكومة بشكل حقيقي، وأصبح الشعب يريد تغيير جذري، ويريدون ذلك الآن وليس غدا.

    ويشير برلوف الى أعلان السيسي أنه “لن يكون هناك شيء إسمه جماعة الإخوان المسلمون عندما أكون رئيسا”، وأن هذا هو “الجواب النهائي”… كما وعد بشن حرب على الإرهاب والجريمة، وتحقيق الاستقرار في مصر، حتى أنه أعلن قوله “أؤمن بضرورة العمل الشاق”… ومن هنا أصبحت الصورة السائدة عنه صورة أسطورية، وأصبح يكتسب أوصاف بأنه مثل “المسيح المخلص”، والمنقذ والبطل، وأمل مصر الكبير، والعمود الفقري لمصر، الأسد، “نور أعيننا”، والرجل الذي “لا يقهر، ولا يهزم”، وأنه “قومي ووطني”، و”رجل الساعة”… وهذه الألقاب كلها ليست سوى قليل من الكثير التي يمكن أن نجدها على شبكة الانترنت. ويقول برلوف مشددا: لم أرى مثل هذه “العبادة الشخصية” في مصر منذ أيام عبد الناصر، وربما تشاهد بعض النساء تقبل صورة على الملصقات وهن يجهشن بالبكاء. وفي مصر الآن، يمكن للمرء شراء أكواب وملابس وحتى بيجامات ومجوهرات وأساور ودمى كلها تحمل صورته…  أما من ناحية أخرى، فنجد أن المتعاطفين مع الإخوان، جنبا إلى جنب مع المثقفين والليبراليين والعلمانيين، والثوار من الشباب والمهتمين بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، نجد أنهم جميعا قلقون للغاية، ويرى البعض فيه “فرعون العصر الحديث”، وديكتاتور، طاغية وملك.

    ومن هنا يؤكد برلوف أن هناك بالفعل فجوة كبيرة لا يمكن تجاوزها بين تلك الصورة الخيالية أو الغير واقعية للسيسي، وبين الواقع الفعلي الذي من المستحيل بالنسبة له أن يرقى إليه فعليا، وهذا التناقض يثير السؤال الأهم والحتمي وهو:

    هل ستكون هناك خيبة أمل هائلة أمام هذه التوقعات الهائلة؟!

    يشير برلوف الى أنه وبعد أن بلغت مصر السنة الرابعة من الثورة… نجد أن الحالة العامة في مصر بها مجموعة من التحديات الكبيرة والشعارات الفارغة فيما يتعلق بالاقتصاد والإرهاب والاستقرار.
    فبالنظر الى الصورة الواقعية نجد أنه مازال هناك إضرابات العمال، وانقطاع الكهرباء، وأزمات الطاقة والغاز، وارتفاع معدلات البطالة، وانهيار الطبقة المتوسطة والدنيا، وقمع وأحيانا قتل الطلاب في الجامعات، وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، ونقص خطير في المياه بسبب سوء إدارة الموارد المائية، وصناعة السياحة في تضاؤل،​والقوى العاملة غير مدربة والإنتاج شبه متوقف، وإستمرار الإرهاب الداخلي ومحاربة الجهاديين في شمال سيناء، بينما المجتمع مستقطب ومتقلب مثل برميل ممتلئ بالبارود وعلى وشك الإنفجار… وكل هذه الأمور هي “جزء من واقع” يجب أن يواجهه الرئيس الجديد فيما عليه أن يحلم بالوصول الى نهاية مختلفة لفترة ولايته، وأن يواجه كل ذلك حتى قبل ان يبدأ في تحقيق مطالب الثورة الأصلية من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والكرامة الإنسانية… فحين كان السيسي وزيرا للدفاع، كان هو والجيش مسؤولين عن الأمن القومي وتأمين الحدود، لكن منذ أن أصبح هو الرئيس، فبالإضافة إلى كل ذلك، أصبح هو أيضا المسؤول عن سعر الخبز والطماطم والسكن والوظائف.

    تكلفة النجاح وثمن الفشل:
    هل الموجة الثالثة من الثورة قادمة؟

    يقول برلوف أن هناك خبر جيد والآخر سيء، أما الخبر السار فهو أن السيسي لديه احتمالين، إما ان ينجح أو يفشل، ومن أجل تحقيق النجاح، فهو قال انه سوف يحتاج إلى وضع سياسات من شأنها أن تؤدي إلى إصلاحات حقيقية في كل من:
    أ- الاقتصاد: يجب على السيسي اعتماد سياسة اقتصادية تؤدي إلى إصلاحات مستدامة تؤدي إلى النمو الاقتصادي والتوظيف.
    ب- التشريعات والقوانين: الإصلاحات في مؤسسات الدولة وقطاع الخدمات.
    ج- الفساد: السيطرة والحد من الفساد في جميع أنحاء الحكومة.
    د- سياسة وأمن وخدمات: الإصلاحات المؤدية إلى تحديث أجهزة الشرطة والأمن، والسماح لهم بمحاربة الجريمة والإرهاب بشكل فعال.
    هـ- مالية الدولة: يجب على السيسي توظيف إدارة مالية فعالة لخفض العجز، وسداد الديون الوطنية، وإصلاح منظومة الدعم. (يعمل 6 ملايين شخص في الحكومة).
    و- النظام القضائي: يجب إصلاح النظام القضائي لاستعادة ثقة الجمهور في أنه يمكن أن يعمل بكفاءة، فبدون نظام قضائي موثوق به، لن يكون هناك استثمارات أجنبية.
    ز- استعادة السياحة: مصر الآن لها واحد من أسوأ الصور العامة في جميع أنحاء العالم، كما إنها متورطة في الحرب على الإرهاب.

    ويؤكد برلوف أنه من أجل تنفيذ هذه الإصلاحات، يجب على السيسي إيجاد استقرار حقيقي في مصر، ولتحقيق ذلك الاستقرار المنشود، لا بد له من تحقيق الإجماع الوطني، وبدون ذلك لن يكون هناك استقرار، وبدون استقرار لن يكون هناك أمن، وبدون الأمن، لن يكون هناك استثمارات أجنبية، وبدون الاستثمارات الأجنبية، لن يكون هناك طعام على مائدة المصريين.

    العوامل الرئيسية المسؤولة عن عدم الاستقرار.

    ويوضح برلوف أن هناك سببين أساسيين لحالة عدم الإستقرار الحالية، وهما الثوار الشباب، والإخوان المسلمون. وهذه هي العوامل الرئيسية المسؤولة عن عدم الاستقرار في مصر، ولحل هذه المشكلة يجب على السيسي أن يصل الى إيجاد صفقات سياسية أو تسوية مع واحد منهما على الأقل لتسهيل الوصول لحالة الاستقرار المنشودة، لكن في الواقع، لا يمكن تحقيق أيا من تلك الصفقات المطلوبة، فمن ناحية نجد أن السيسي يرى أن جماعة الإخوان لا يمكن التعامل معها إلا من خلال الحل الأمني ​​بدلا من الحل السياسي، مما سيجعل سعر التوصل الى حل سياسي في المستقبل مرتفعا بشكل كبير، في حين سوف تستمر الحرب على الإرهاب بلا هوادة على الأقل خلال العامين المقبلين، وفقا لما وعد به السيسي بنفسه.
    وسوف يكون ثمن فشل أي محاولة للتوصل الى حل باستخدام الأساليب القديمة، أو حتى المحافظة على الوضع الراهن، سوف يؤدي إلى فشل السيسي ومصر على السواء، كما أن أنصاف الحلول أو الحلول المؤقتة لا تكفي ولن تكون مقبولة، وذلك بالنظر إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في مصر بعد أربع سنوات من اندلاع الثورة الأولى، وفشله لن يؤدي فقط الى القضاء على مسيرته وحياته السياسية القصيرة، لكن ربما أيضا سيؤدي لإنهاء أسطورة أن الجنرالات فقط هم من يستطيع أن يحكم مصر؛ وسوف تنضم هذه الأسطورة الى أسطورة قيام “الدولة الدينية” في ركن مظلم ومهمل من التاريخ المصري الحديث، وبالتالي فإن فشل هذين النموذجين الغير قابلين للتطبيق (حكم رجال الجيش ورجال الدين) سوف تجعل عموم الشعب يعترف بضرورة التوصل إلى “بديل مدني” قادر على بناء دولة ديمقراطية والإنتقال بمصر الى القرن الواحد والعشرون.

    النتائج النهائية للأوضاع الحالية

    ويخلص برلوف في النهاية الى أنه عند تقييم فرص السيسي في النجاح أو الفشل، فإن الغالبية العظمى من مستخدمي وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المصري تقول ان نجاحه سيكون خبر مفرح بامتياز، معتبرينه بمثابة نجاح للثورة، وفي نفس الوقت، فإن غالبية قادة الرأي العام في وسائل الإعلام الاجتماعي يشعرون بأنه لكي يحدث هذا النجاح، فالسيسي يحتاج إلى معجزة.
    فالبعض يرحب باستعادة الاستقرار والنظام إلى مصر، في حين أن البعض الآخر يشعر باستياء معتبرين ذلك بمثابة “سرقة الثورة”. ومع ذلك ينبغي على هذه الفئة الأخيرة أن تتذكر أن الربيع العربي جلب معه الثورة؛ بينما جلب “الشتاء العربي” معه جماعات “الإسلام السياسي”؛ وفي النهاية جلب “الصيف” معه حكم الجنرالات.

    ويوضح برلوف أن العملية برمتها لا تزال في مراحلها المبكرة، تماما مثل فصول السنة المتغيرة، وأن الواقع في مصر آخذ في التغير بسرعة، والشيء الوحيد المؤكد هنا هو أن ما قد يأتي به المستقبل، سواء بالنجاح أو الفشل، ففي كل الحالات سوف تتحرك مصر إلى الأمام ولن تعود الى الماضي مطلقا.

The Egyptian Russian maneuvers to seize Obama and the U.S.

Cairo – Egypt: Ali Al-sharnoby

ali012714

Egyptian President ‘Abdel Fattah al-Sisi’ just came back from Russia after a very important visit which has a lot of meanings, results and effects. not only on the relationship between Egypt and Russia, but also casts strong shadows on President Obama and the American side, and carries a number of messages which certainly will be understood in the White House.

On one hand, the warm reception scenes of al-Sisi in Moscow says that there is a change in Egypt’s relations with Russia than with the ousted President Mohamed Morsi. everyone remembers the bad reception and the obvious discomfort of Putin to Morsi and the unpleasant treatment which looked like some sort of humiliation for the new “stranger” -Brotherhood- president.

On the other hand, the visit comes as a strong messages for President Obama, telling him several things, including that Washington’s threat to suspend military aid to Egypt is no longer suitable as a pressure on Egypt, because there are other sources willing to grant Egypt the weapon that it wants with no hard conditions or asking to do what it doesn’t like.

Putin also sends message to Obama that he has a good and important friend in the Middle East after losing the Syrian friend who has lost his role in the shadow of the Syrian civil war. and the proof is the Egyptian-Russian deal of building a new Russian industrial zone at the new Suez Canal lane, which will increase the Egyptian-Russian (and not American) chances of cooperation in this important spot on the Red Sea, especially after those reports about Egypt’s refusal of the American request to establish a military base on the Red Sea, as the Egyptian and Arabian gulf high sources announced few days ago.

There is also a hidden side of the relationship between the three presidents to each other…, between Putin and Obama, there is always a sense of competition and discomfort and standing in the way of each other whenever they can, which makes Obama always feel that he is not the single leader of the world and there is another man rivaled to this leadership, even if his country is no longer a superpower as it used to be, and despite the American attempts to punish Russia through Ukraine. Perhaps Obama has the same feeling towards al-Sisi…, Obama will always remember that al-Sisi is the man who ruined his plans and overthrew Obama’s Muslim Brotherhood friends after their high hopes and ambitions toppled by Sisi who stopped the project of Obama in the Middle East and the rise of the hard-liners on the dead bodies of the Arab Spring revolutions. and he still stands announcing the start of a new era different from the periods of Sadat, Mubarak and Morsi,… and the strongest evidence is that the first visit of Sisi to the north or to non-Arabic country was to Russia, and not to the United States. as al-Sisi also did not go to the “African American Conference” where he was able to meet Obama, which means that there is a real change going on.

But on the contrary, we find similarity and comfort between Putin and Sisi, as both shares a lot of things they resembled in their same careers and common backgrounds as the chairmen of the intelligence agencies in their countries… and ended up as popular presidents. Sisi and Putin worked together on several cases while Sisi was the ‘minister of defense’, especially on the times of the first Egyptian revolution, and after the overthrow of Morsi and tension in the US-Egyptian relations, there was a serious Russian support for Egypt in the face of the U.S. and the West, rejecting to call it a “coup”, which has contributed to return peace and calm to Egypt’s foreign relations. as their resemblance to the same position in face of Obama.

It is strange to find the foreign State Department spokeswoman comes out “specially” to declare the “None upset” of Washington towards Sisi’s visit to Moscow, and that Egypt has the right to have relations with whoever it wants. and in order to understand the statement, we can reverse most of the words to show that Washington is “upset” with the visit and for this Egyptian-Russian convergence, which will affect the whole region and not only Egypt. Requiring Obama to reconsider his positions and political strategy in the Middle East, and to say to the American people whose angry with him because of his administration’s failure in dealing with the issues of the Middle East, to say that he still has the upper hand and the last word in the region at this critical time which is witnessing a number of wars and conflicts that has been forcing the United States to intervene again in the region.

Besides the Israeli war in Gaza, we find conflicts in Libya, Syria and Yemen…, and the most dangerous of all is the new “Islamic state” in Iraq and sham ‘ISIS’, which experiencing hesitation and confusion in the American administration on dealing with this dangerous file, and the United States cannot leave its role to any others, especially if Russia is that “other”.

Away from the Sisi’s non pronounced messages to Obama, the Israeli “Jerusalem Post” newspaper said that the U.S. is trying to break the ice by delivering the 10 Apache helicopters to Egypt after the increased and improved relations between Russia and Egypt the pivotal Arabic country. In fact, Egypt knows that the U.S. does not want to let Russia disrupt the American policies in the Middle East, so the delivery of Apache helicopters to Egypt is in purpose to stop this quest. And Egypt is in existential struggle against the militants, and will not soften its campaign against them in order to keep waiting for the American weapons. and therefore, Egypt sought for arms deal worth $2 billion for advanced Russian weapons, while Russia will take the opportunity to fill the space left by America to show itself as a major backer of Egypt, such a Russian maneuver with Sisi is to put pressure on the U.S. to supply arms without special demands.

The final results of all the above is that this visit is having importance as a step in the way of the elimination of American hegemony over the Arab region, especially that Russia is the most competitive country to American policies in the oil-filled region.

Continue reading “The Egyptian Russian maneuvers to seize Obama and the U.S.”